لم يكن الوصول إلى أبعد نقطة في عمق الجنوب التركي بالمسألة السهلة، فالمنطقة التي جذبت أنظار العالم كملجأ للنازحين السوريين، أصبحت محظورة على الإعلام الخارجي والمراسلين الأجانب المقيمين في تركيا. حيث لا بد من ترتيبات مسبقة عن طريق مجلس الوزراء من خلال هيئة الاستعلامات التركية ومديرية إدارة الكوارث الطبيعية والأزمات، ومركز الطوارئ التابع لوزارة الخارجية التركية، ولذلك فإنه لا يسمح للصحفيين بالدخول فرادى، بل لزاما أن يكونوا زمرا وجماعات. من أجل الوصول إلى المخيمات في هطاي والموزعة على يايلاداغي وريحانلي وألتن أوزو وقرية بيونوجون، كان يتعين أن تقطع السيارة الطريق من أنقرة إلى مدينة هطاي في 9 ساعات، ثم من مركز هطاي إلى أقرب المخيمات في ساعتين في طرق متعرجة صعودا وهبوطا وملتوية، وسط جبال شاهقة، تغطيها حقول القمح وأشجار الزيتون والرمان. في المخيمات يسود الصمت حتى في عز النهار. عائلات وجدت نفسها في قلب الحدث. الأعداد فاقت ال11 ألف نازح تطابقت رواياتهم في أنهم خرجوا فرارا مما ذاقوه على أيدي قوات الجيش والأمن والشبيحة من سورية وإيران وبعض عناصر حزب الله اللبناني. قال عمار عبدالله إن الجيش السوري والشبيحة المساندين له كانوا يقتلون كل شيء البشر والحيوانات ويحرقون المنازل والزرع ويغتصبون النساء ويرتكبون فظائع أخرى مثل الاغتصاب وبقر البطون وقطع أثداء النساء. وأقسم نازحون آخرون منهم أحمد مصطفى وخالد موصلي وعبده حلوة، أنهم ليسوا عصابات إجرامية كما ادعى الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه أول من أمس، وأنهم لا يملكون أية أسلحة ولم يتلقوا مساعدات من أية دولة، مشددين على أنهم لو كانوا يملكون كل ذلك ما كان الجيش استطاع أن يبقى في جسر الشغور لساعتين. وقالوا: لن نعود إلى ديارنا إلا بعد أن تتطهر سورية وتتحرر.