يعتري أهالي حي الرويس الواقع على مساحة مليوني متر مربع وسط جدة حالة من القلق الدائم، في ظل عدم وجود صورة - في نظرهم - واضحة لخطة تطوير الحي المزمع تنفيذها، خصوصاً مع كثرة البيانات من الشركة المطورة، مطالبين بإلزام المطورين بآلية عادلة للتسعير والتعويض، والشفافية في التثمين، مبدين خشيتهم من فقدان ممتلكاتهم دون الحصول على تعويض كامل، ولا سيما مع ارتفاع أسعار العقار. "الوطن" نفذت جولة ميدانية لاستطلاع رأي أهالي الرويس، فيما يتعلق بمشروع التطوير الذي أعلنت عنه الشركة المنفذة وأمانة جدة، حيث تم البدء في استلام صكوك وأوراق العقارات المنزوعة، تمهيدا لاستكمال تعويض أصحابها، وبدء مرحلة إزالتها. مطالب بمساكن بديلة المواطن عايض السيد، مالك أحد العقارات الحديثة بشارع السيد، عارض الإزالة، مطالبا بالتطوير، بقوله "يجب أن يكون تنفيذ المشروع على أسس محددة وواضحة"، مقترحا أن تلتزم الشركة ببناء مساكن للأهالي الذين سيتم إخلاء منازلهم مع التعويض الملائم. ويشاركه الرأي جاره في الحي عوض أحمد، مفيدا بأن التطوير عامل مهم للمجتمع، لكنه يؤكد "سأخسر عقاري الذي ورثته عن والدي، ولا أعتقد أنه سيكون هناك أي إنصاف من قبل الشركة المطورة"، متسائلا عن آلية التعويض، مضيفا "الحي كامل الخدمات ولا ينقصه ماء أو كهرباء وأكثر شوارعه مسفلتة". مثمنون محايدون وانتقد أبو عيسى، أحد قاطني الحي فكرة إزالة المنازل المحيطة بمنطقة التطوير، مبديا اعتراضه على إزالة جميع المنازل بهدف خطة التطوير، مضيفا أن "العشوائيات في حي الرويس لا تتجاوز نسبتها 25 % ومعظم المنازل بالحي لم يتجاوز عمر بعضها 10 سنوات"، مطالبا الأمانة بالكشف عن إجراءات التعويضات المحتملة وإعادة النظر في تقييم سعر المتر للأرض بالحي في الوقت الحالي وجلب مثمنين من خارج قطاع الشركة المطورة. واستغرب عمرو العامودي، مالك أحد المنازل تسمية حي الرويس بالعشوائي، مؤكدا أنه "من المناطق الاستراتيجية"، مستفسرا عن مطالبة الأمانة الأهالي بتسليم صكوك بيوتهم، وإصرارها على إزالة الحي وهدم 2468 منزلاً يقطنها حوالي 70 ألف نسمة. وتبدي إحدى مالكات المنازل الشعبية وتدعى أم فهد - أرملة وتعول أولادا يدرسون بالجامعة - عدم رضاها عن عملية التطوير، وقالت "لن أتنازل عن منزلنا الذي ورثته أنا وأبنائي عن زوجي مقابل مبلغ مالي بسيط". فيما يرى عبدالرحمن العوفي أن معظم منازل حي الرويس مبنية بشكل عشوائي، وقال "يمكن إخضاع بيوت حي الرويس للتطوير، لكن السكان يخشون من فقدان أراضيهم بأسعار زهيدة". شركة التطوير تسعى للربح عمدة الرويس طلال بن عبدالعزيز عمرو أكد في حديثه إلى "الوطن"، أنه وجيرانه في الحي أمام جشع شركة استثمارية تضع نصب عينيها الربح فقط، وقال "أشكك في حيادية الشركة، خصوصاً فيما يتعلق بتحديد السعر العادل لتثمين عقارات السكان". وانتقد عمرو الآلية التي وضع على أساسها مشروع التطوير، ومساحاته، مشيرا إلى أن "جزءا من حي الرويس ومساحته لا تتجاوز 794400 متر مربع عشوائي ويحتاج إلى التطوير، وأن المطورين ضموا مناطق أخرى منظمة وغير عشوائية لرفع مساحة المشروع إلى أكثر من مليوني كيلو متر مربع حتى يصبح الربح مجديا للقطاع الخاص". نقص جودة الخدمات من جهته، كشف المدير التنفيذي لشركة جدة للتنمية والتطوير العقاري للمشروع، المهندس فؤاد سروجي عن وجود دراسة ميدانية أجريت حديثاً عن حي الرويس تفيد بافتقاره إلى الجودة في مستوى الخدمات بنسبة تتراوح من 52 – 59 %، وأن نسبة السكان السعوديين به 32%، فيما نسبة المقيمين من دول تتحدث العربية 39 %، والآسيويين 15%، وجنسيات أخرى 14 %. وأضاف أن "الهدف الرئيسي هو تطوير المناطق العشوائية وليس مجرد التوسع العمراني"، مشيرا إلى أنه لن يتم إخلاء المنازل إلا بعد ضمان ترتيب أوضاع السكان والملاك، لافتا إلى أنه "سيتم تعوض حائزي العقارات الذين لا يحملون صكوكا أو إثباتات ملكية"، مفيدا أن الشركة أنشأت صندوقا لدعم ذوي التعويضات المنخفضة بمقدار 50 مليون ريال، لافتا إلى وجود عدة خيارات بالنسبة لتعويض أصحاب المحال التجارية إما ماليا أو استثماريا، مبينا أن قيمة التعويضات ستزيد على 3 مليارات ريال. لجنة سداسية للتثمين وفي الوقت الذي أعلنت الشركة فيه سابقا على لسان مدير علاقات الملاك فتحي أبو محسن، أن التعويضات ستقررها لجنة سداسية تضم "وزارة المالية، والمحكمة العامة، وأمانة جدة، وديوان المظالم، وهيئة حقوق الإنسان، والغرفة التجارية"، اكتفى سروجي ببدء عمل مسح ميداني للمنطقة كمرحلة أولى لوضع آلية التعويض، واعتماد المخطط العام من قبل الشؤون البلدية والأمانة كمرحلة ثانية، على أن تستكمل التعويضات من قبل لجان التثمين العقاري. إلى ذلك، أوضح مدير إدارة المناطق العشوائية بالأمانة المهندس علي السميري أن الأمانة وضعت خطة استراتيجية لتطوير الحي، وقال "هناك عدة خيارات أمام ملاك العقارات الواقعة محل التطوير، منها المساهمة بقيمة العقار في مشروع التطوير، أو بيع أحدهم عقاره للشركة بنفس تقدير اللجنة المكلفة بذلك، أو شراء سكن بديل حسب قيمة التعويض"، مضيفا "سيتم نزع الملكيات التي لا يأخذ أصحابها بتلك الخيارات، كونها عقارات معرقلة للمشروع، ويعطى ساكنوها فرصة للبحث عن سكن بديل من 6 أشهر إلى سنة".