يؤكد عدد من ملاك عقارات حي الرويس أنهم لن يسلموا صكوك منازلهم لشركة جدة للتطوير العمراني، ضمن خطوات نزع العقارات لصالح مشروع تطوير المنطقة المركزية، وحجتهم في ذلك عدم وضوح آلية نزع الملكيات وعدم موافقتهم على أسعار التثمين المتداولة. ويؤكد الأهالي ل«عكاظ» أنهم ليسوا ضد التطوير ولكنهم ضد جهلهم بآلية بنود نزع الملكية، ويقول معتوق الجديبي «حتى الآن لا نعرف من هذه البنود سوى طلب الشركة لصكوك التملك»، ويبدو أن رفض الأهالي لا يقتصر على تسليم الصكوك ولكنهم يرفضون أيضا سعر التعويض الذي قدر بنحو ألف ريال للمتر المربع، «سعر التعويض هذا لا يكفي لشراء قطعة أرض خارج النطاق العمراني فكيف بالبناء، وبعض المنازل رغم صغر مساحتها إلا أنها تضم محلات صغيرة ذات مداخيل جيدة، ودخلها سينقطع في حال نزعت الملكيات» يؤكد الجديبي. ويواصل حديثه بالتأكيد على أن تعويض الملاك بشقق سكنية ليس فيه عدالة، «بعض المنازل الحالية تتكون من دورين أو أكثر وتضم أكثر من أسرة ضمن نطاق الأسرة الكبيرة، وبالتالي فإن الشقة السكنية لن تكون تعويضا مناسبا أبدا». أما حميد المزيني فيؤكد أنه لن يسلم صك منزله للشركة ومعه الكثير من جيرانه، يقول «معظم سكان الحي من ذوي الدخل المحدود والأسر الكبيرة، وليس هناك آلية واضحة لنزع الملكيات، فكيف نسلم الصكوك ولم يبت في التثمين بعد». وأضاف «لن يكون تطوير الحي على حساب السكان البسطاء، ونأمل أن تكون الشفافية عنوان المشروع فليس من المعقول أن لا يكون هناك لقاءات بالأهالي توضح آلية نزع الملكيات وتجيب عن استفسارات السكان، ويتوجب أن تحمل أسعار التثمين طابع الاستمرارية صعودا ونزولا بحسب موقع العقار وميزاته». ومن جهته يرى عبدالعزيز الحربي أن حي الرويس أكثر تنظيما من غيره من الأحياء، ويقترح أن تبدأ الأمانة بتوزيع المخططات النظامية المطورة على الأهالي طالما رغبت بالتنظيم وتترك منازلهم على حالها، يقول «لا يوجد في الحي سوى مكتب صغير في طرفه يعمل على جمع الصكوك، وإذا حاول الأهالي الاستفسار عن أي شيء، فإن الإجابة تكون واحدة، حان موعد تسليم الصكوك وفي وقت لاحق سيكون التثمين». وقبل خروج محرر «عكاظ» من الحي لحقت به سيدة اسمها حنان محمد حجازي تسكن أحد الأربطة في الحي، سألت عن موعد إخراجها من الرباط وقالت إنها لا تملك من حطام الدنيا شيئا سوى شقة صغيرة خصصها لها فاعل خير لتضمها وأبناءها الثلاثة الأيتام، وطالبت بتأمين السكن المناسب لها أو توفير دخل شهري ثابت لها يعينها على مصاعب الحياة في حال خرجت من الرباط. محمد حضاض جدة كشف ل«عكاظ» نائب رئيس أول تطوير الأعمال والتسويق في شركة تطوير الرويس عبدالله بن سليمان أبو داود، أن تعليمات صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة تؤكد على الالتزام بنظام التعويضات وتقضي بضرورة إبلاغ الملاك قبل الإزالة بما لا يقل عن ستة أشهر، مشيرا إلى أن شركة الرويس ما زالت في طور جمع المعلومات الثبوتية، والتي ستسهم بشكل كبير في حفظ حقوق الملاك. ورفض أبو داود ما تردد من شائعات حول إخراج السكان من المنازل دون توفير بديل، وقال «هناك مشروع للإسكان الميسر تشرف عليه شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني، ويقترب من إنشاء 15 ألف وحدة سكنية في جنوبي جدة، خلاف المشاريع التي ستنفذ في شمال وشرق جدة للإسكان الميسر». وأوضح أن إجمالي العقارات في الحي بعد حصرها يصل إلى ما يقارب 2800 عقار، بينها أكثر من ألف عقار بدون صكوك شرعية وغالبيتها عقارات صغيرة لا تتجاوز ال 30 في المائة من إجمالي المشروع، وتوقع أن يكون نهاية العام الجاري موعدا نهائيا لسكان حي الرويس لتسليم وثائق تمليكهم للشركة عبر مكتب علاقات الملاك الذي تم استحداثه داخل الحي أخيرا. واعترف أبو داود بضعف إقبال الملاك في بداية المشروع بسبب شائعات مغرضة من قبل بعض الملاك وقال «هنالك مروجون للإشاعات لا يهمهم مصلحة الوطن ساهموا في تردد الملاك، ولكن الوضع تحسن أخيرا وبدأ الملاك في التفاعل». وحول طريقة التعامل مع الملاك الذين لا يحملون وثائق شرعية قال «سنطلب منهم مراجعة الشركة بأية وثيقة تثبت ملكيتهم للعقار وفاتورة كهرباء وصورة من الهوية الوطنية، وسيتم رصد المواقع عبر التصوير الجوي ومن ثم نقل المعلومات إلى شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني». وعن إمكانية إعطائهم إثباتات شرعية لضمان حقوقهم قال «إذا استوفوا كل المعايير سيتم تعويضهم بنفس طريقة الملاك ووفق الأنظمة واللوائح، وعلى السكان المسارعة بإحضار الإثباتات اللازمة»، مؤكدا أن قرار التطوير صادر بمرسوم ملكي ولكن لحرص الشركة على حفظ حقوق الملاك بدأت في دعوتهم للتعريف بأملاكهم حتى يتسنى دراستها وتعويضهم سريعا بدل التأخر في ذلك. وحول أبرز أهداف المكتب قال أبو داود «يعمل موظفو مكتب علاقات الملاك على الإجابة على تساؤلات الأهالي واستفساراتهم وتقديم المشورة فيما يخص وضع العقارات والملكيات في منطقة التطوير، وكذلك تعبئة نماذج تسجيل العقارات ومطابقة صور الأوراق الثبوتية للملكية مع الأصول التي يقدمها ملاك العقارات لتثبيت الحقوق وتجهيزها للعرض على لجنة التثمين. فاطمة آل عمرو جدة قال عمدة حي الرويس في جدة طلال بن عمرو إن أمانة جدة وشركة تطوير الرويس لم تبلغ الأهالي بخطوات التعويضات والتثمين، وأكد أن مثل هذه الأخبار لا يعرفها الأهالي إلا عبر وسائل الإعلام فقط، وكان من المفترض أن تضع الأمانة آلية معينة لإبلاغ سكان الحي بالخطط التطويرية وبطريقة التثمين والتعويض بشكل مباشر. ونفى العمدة ما يشاع من أن 80 في المائة من سكان الحي غير سعوديين، وأشار إلى أن نسبة المواطنين في الحي تفوق المقيمين بكثير، وأكد أن السكان يرفضون الانتقال من الحي ولو بشكل مؤقت، ويرون أن أي تعويض مهما بلغ، لا يوازي القيمة المالية أو الاجتماعية لمنازلهم التي ارتبطوا بها سنوات طويلة. ويؤكد من جهته أحد ملاك العقارات القدماء في حي الرويس فضل عدم ذكر اسمه أن الحي يقع على أربعة شوارع رئيسية ومهمة، وسكن فيه قديما أشخاص معروفون، وأغلب السكان الحاليين هم سعوديون وبينهم مخالفون لنظام الإقامة كأي حي آخر في جدة. وأشار إلى أن ملاك العقارات الأصليين ليسوا ضد التطوير، لكنهم يرفضون مغادرة منازلهم لأن المشروع استثماري بحت، يهدف إلى تحقيق أرباح على حساب السكان والملاك، يقول «شركة الرويس العالمية للتطوير العقاري، شركة تجارية قائمة على الربحية ولا ينطبق عليها نظام نزع الملكية للمنفعة العامة، لتستفيد منه المرافق الحكومية في تنفيذ المشاريع». وذهب إلى القول إن عملية تنظيم حي الرويس اعتمدت عام 1400 ه، وتم العمل بموجب هذا التنظيم بحيث لا يمكن البناء إلا وفق هذا التنظيم، والمتمثل بفتح شوارع داخلية بهدف تطوير الحي، إلا أن أمانة جدة لم تباشر عملها في فتح الشوارع المنزوعة من ملاكها للمنفعة العامة، «ألزمنا بهذا التنظيم ولم تلتزم البلدية». وأضاف «فوجئنا بقرار الإزالة في وقت كنا نتوقع من الأمانة الاهتمام بحي الرويس كواحد من أهم الأحياء في جدة، إلا أن هذا التجاهل أسهم في ظهور العشوائيات، وهو ما يجب أن تتحمل الأمانة مسؤوليته وتبعاته، وليس المواطن المطالب بدفع فاتورة هذا التجاهل». ويرى المالك أن قرار إزالة الحي وتهجير السكان وإجبارهم على السكن في أماكن لا يرغبونها هو قرار جائر، ويؤكد أن أهالي الحي غير موافقين على الخروج من الحي وتسليم صكوكهم، معتبرا هذا الإجراء غير تطويري وإنما هو استثمار لموقع استراتيجي واستهداف لممتلكات المواطنين تحت مسمى التطوير. وأشار إلى أن تصريحات مسؤولي شركة الرويس العالمية للتطوير العقاري في الصحف، باتت تشكل ضغطا نفسيا على كثير من سكان الحي الذين أصبحوا يفتقدون للاستقرار المعيشي والسكني، لأنهم لا يعرفون ماذا ينتظرهم مستقبلا في ظل غياب الحوار بين أهالي الحي وأمانة جدة والشركة المطورة. وأبدى تذمره من وصف مسؤولين في الشركة سكان الحي بأنهم جهلة وغير متعلمين، مشيرا إلى أن الحي ساهم في تخريج أطباء ومهندسين وإداريين يحملون شهادات عليا في جميع المجالات إناثا وذكورا، وتساءل: أين الإحصائيات التي تثبت جهل سكان الحي؟.