بحجمه الضخم، بات أجوستين كارستنز.. المزاحم الوحيد لوزيرة المالية الفرنسية كريستين لاجارد المتطلعة لرئاسة صندوق النقد الدولي، والتي ستكون أول امرأة تتبوأ هذا المنصب العالمي. فبعد أن حزمت أمرها بالتقدم للمنصب، حتى قبل إعلان الرئيس المقال بعد الفضيحة الجنسية التي تعرض لها، دفع محافظ البنك المركزي المكسيكي أجوستين كارستنز بطلب ترشيحه بعد خمسة أيام على استقالة دومينيك ستروس-كان الرئيس السابق. ومع ذلك ما زالت لاجارد المرشحة الأبرز للرئاسة بشهادة كارستنز نفسه، إذ قال في تصريحات سابقة: "فرص انتخاب كريستين مرتفعة جدا. أعتقد أنها ستكون مديرة عامة جيدة للصندوق". واقتصر سباق المنافسة على هذين المرشحين فيما سيجري المجلس التنفيذي للصندوق المكون من 24 عضوا، مقابلة معهما في واشنطن خلال الأيام المقبلة. وبعد المقابلات مع لاجارد وكارستنز فإنه سيعقد لقاءات داخلية من أجل "مناقشة نقاط القوة لدى كل مرشح واختيار المرشح الفائز". ومن المقرر أن يعلن المجلس اسم الفائز برئاسة الصندوق قبل 30 يونيو الحالي، حيث يتم الاختيار بالتصويت الذي تمتلك فيه كل دولة حصة مختلفة عن الدولة الأخرى في المجلس. وتمتلك الدول الخمس صاحبة أكبر حصة من ميزانية الصندوق وهي الولاياتالمتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا 37.44% من إجمالي حقوق التصويت، في حين تتوزع النسبة الباقية من حقوق التصويت بين 19 عضوا آخرين، يمثل كل منهم الوزن النسبي للمنطقة الجغرافية التي يشغلها من العالم. وتم تداول اسم لاجارد فيما كان ستروس-كان لا يزال في السجن وقبل استقالته من منصبه كمدير عام للصندوق، وأكدت ترشيحها في 25 مايو. فيما أعلنت المكسيك ترشيح كارستنز اعتبارا من 22 مايو. ومع حصول لاجارد على دعم متزايد بعد جولة عالمية لها شملت عددا من الدول بينها البرازيل والهند والصين والسعودية والإمارات، فإن الترقب تراجع بعض الشيء وأصبح الأمر شبه محسوم لصالحها. حشد التأييد وزارت الوزيرة الفرنسية السعودية السبت الماضي ضمن جولة على عدد من الدول لحشد تأييد دولي لترشيحها، التقت خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ووزير المالية الدكتور إبراهيم العساف الذي أكد أن المملكة تؤيد اختيار المرشح الأفضل والمؤهل للقيام بمهام رئاسة الصندوق سواء كان رجلا أو إمرأة ، وأن يكون الترشيح مفتوحا لجميع الدول وليس حكرا على قارة أو جنسية معينة. وقال العساف حينها إن "المملكة لديها شرطان: أن يقع الاختيار على الأفضل والأكثر كفاءة وتأهيلا للقيام بمهام رئاسة صندوق النقد، وأن يكون الترشيح مفتوحا لجميع الدول وليس حكرا على قارة معينة ". وأشار في مؤتمر صحفي عقد بجدة إلى أن لاجارد تتمتع بالكفاءة المطلوبة، ومن المعروف أنها وزيرة ناجحة، قبل أن يضيف "أن ذلك لا يقلل من شأن المرشحين الآخرين وينبغي أن نختار الشخص المناسب على رأس صندوق النقد دون الأخذ في الاعتبار جنسيته ولغته أو بلده". معيار الكفاءة وقال العساف "متأكدون أن مجلس إدارة الصندوق سيختار الأنسب لمنصب الرئاسة" مشددا على أن الاختيار يجب ألا يبقى ضمن جنسيات محددة أو حكرا على الرجل دون المرأة، ولكن يجب أن يتم اختيار الشخص المناسب وفقا لكفاءته، خصوصا في الوقت الراهن". وأقر كارستنز، المرشح المنافس الوحيد، كذلك بأن حظوظ لاجارد جيدة، لكنه أعرب عن أسفه للطريقة التي تفرض فيها مرشحة الأوروبيين بدون حصول عملية اختيار "منفتحة ترتكز على أساس الكفاءة والشفافية". وأضاف "قد يحصل تضارب مصالح" بين الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي إذا ترأسته كريستين لاجارد." وقال "سنكون في وضع تهيمن فيه جهات مديونة على مؤسسة تمنح القروض. أعتقد أن ذلك يطرح مشكلة يجب النظر فيها". واعتبر المرشح المكسيكي أنه لو أعطي الأفضلية على لاجارد "لكان الأمر سيذهب في اتجاه عدم اعتبار صندوق النقد الدولي وكأنه يعمل لمصالح الأوروبيين". وتعتبر الدول الأوروبية وبينها اليونان وأيرلندا والبرتغال حاليا أكبر الدولة المستفيدة من قروض صندوق النقد الدولي. وركز انتقاداته في اتجاه آخر، مشددا على مسألة عدم الأخذ بالكفاءة. سيطرة أوروبية يذكر أن أوروبا تسيطر على منصب رئيس صندوق النقد الدولي فيما تسيطر الولاياتالمتحدة على منصب رئيس البنك الدولي منذ قيام المؤسستين عام 1945. ورغم ان كارستنز يبدو أنه مرشح الاقتصادات الصاعدة فإنه حتى مجموعة الدول الصاعدة الكبرى "بريك" المكونة من البرازيل والهند والصين وروسيا لم تعلن تأييدها له. وكان محافظ البنك المركزي الكازاخستاني جريجوري مارشينكو قد أعلن في وقت سابق من الشهر الحالي ترشحه للمنصب الدولي الرفيع لكنه سرعان ما انسحب من السباق لاعترافه بصعوبة الحصول على فرصة للمنافسة في ظل وجود المرشحة الفرنسية والمرشح المكسيكي. ورفض صندوق النقد طلب المرشح الإسرائيلي الأميركي ستانلي فيشر. وقد أثار فيشر مفاجأة إثر إعلانه دخوله السباق السبت الماضي غداة إغلاق باب الترشيحات، لكن مجلس إدارة الصندوق قرر أن ترشيحه لا يلبي المعايير المطلوبة، فهو يبلغ من العمر 67 عاما في حين أن مجلس إدارة الصندوق أشار إلى "قاعدة صندوق النقد" التي تحدد سن مدير العام بأقل من 65 عاما. وكان الصندوق الذي يقدم القروض والاستشارات الاقتصادية للدول في حالات الأزمات الاقتصادية والمالية قد بدأ رحلة البحث عن رئيس جديد في أعقاب استقالة الرئيس المستقيل الفرنسي الجنسية دومينيك ستروس- كان الذي يواجه تهمة الاعتداء الجنسي على عاملة في أحد فنادق نيويورك.