مستشفى الدكتور سليمان فقيه بجدة يحصد 4 جوائز للتميز في الارتقاء بتجربة المريض من مؤتمر تجربة المريض وورشة عمل مجلس الضمان الصحي    ترمب يستعد لإبعاد «المتحولين جنسيا» عن الجيش    «الإحصاء»: الرياض الأعلى استهلاكاً للطاقة الكهربائية للقطاع السكني بنسبة 28.1 %    وزير الصناعة من قلب هيئة الصحفيين بمكة : لدينا استراتيجيات واعدة ترتقي بالاستثمار وتخلق فرصا وظيفية لشباب وشابات الوطن    السعودية الأولى عالميًا في رأس المال البشري الرقمي    استقرار أسعار الذهب عند 2625.48 دولارًا للأوقية    الطائرة الإغاثية السعودية ال 24 تصل إلى لبنان    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    سجن سعد الصغير 3 سنوات    تحديات تواجه طالبات ذوي الإعاقة    حرفية سعودية    تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    «الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    فصل التوائم.. أطفال سفراء    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    ضاحية بيروت.. دمار شامل    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    ألوان الطيف    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    القتال على عدة جبهات    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    كلنا يا سيادة الرئيس!    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقول ألغام الجماعات الإسلامية
نشر في الوطن يوم 05 - 06 - 2010

أبدع البريطانيون وتفننوا في خلق جماعات متعددة الأطياف والمشارب الفكرية في منطقتنا، والحق يقال إنهم يستحقون الإشادة بهذه الإبداعات التي لم ولن تقتصر على خلق جماعات تنتهج أفكارا دينية مغايرة لدينهم فقط، ولكنهم طوعوا هذه الأفكار لمصلحتهم ليستثمروها متى ما رأوا الوقت مناسباً لذلك.
البريطانيون شعب يستحق التقدير فعلا، فهم من استطاعوا أن يُسخروا أغلب شعوب الأرض عبر الفكر، ينظّرون لهذه الشعوب في أديانهم، وهم ليسوا أتباعا لهذا الدين حين وصلوا لدرجة الإبداع في نظرياته الحياتية.
يوم الجمعة قبل الماضي ظهر علينا مدير مكتب قناة الجزيرة في إسلام أباد الزميل أحمد زيدان في تغطية مباشرة للتفجيرات التي حدثت في مدينة لاهور الباكستانية في معبدين للجماعة القاديانية، أو الأحمدية، وراح ضحيتها أكثر من 70 قتيلاً. وقال زيدان لحظتها إن دوافع هذه التفجيرات "ربما تكون للارتباط التاريخي بين هذه الجماعة والاستعمار"، حين كانت شبه القارة الهندية ترزح تحت وطأته، وما زالت أجزاء من شبه القارة في مرمى أطماعه حتى الآن، وكلنا يعلم حجم الخبر ويقينه حين تبثه "الجزيرة" التي لم تكرر بث هذه المعلومة المهمة رغم نقلها على لسان مدير مكتبها من إسلام أباد وحسب مصادره الموثوقة، وعلى الهواء مباشرة، ولذلك غرض في نفسها، و"ربما" حسبت زلة لسان من الزميل المتمكن!.
تأسست الجماعة القاديانية في شبه القارة الهندية عام 1900 ميلادية على يد ميرزا غلام أحمد القادياني، وسُميت بالقاديانية نسبة إلى القرية التي ينحدر منها مؤسسها وهي قاديان إحدى قرى بنجاب الهند، وتسمى أيضا الأحمدية نسبة إلى اسم والد مؤسسها ميرزا غلام أحمد، ويتبع هذه الجماعة في باكستان وحدها ما لا يقل عن أربعة ملايين إنسان، لتصبح هذه الجماعة ومن على شاكلتها من الجماعات المشابهة بمثابة "مسمار جحا" أو حقول ألغام يستثمرها من يقف وراء تأسيسها في أي وقت يراه مناسبا بدفع جماعات أخرى من الطرف المقابل، وجهاز تحريك الجماعتين المتنافرتين في اليد ذاتها!، ليتم إدخالهما إلى هذا الحقل وتفجير الألغام التي ينتج عن انفجارها شظايا تعم كافة جغرافيا البلد الذي تنتمي إليه الجماعتان، وهذه خدمة لأغراض من أمر بتأسيسها!.
ألف مؤسس القاديانية الذي عرف عنه أنه من المقربين جدا إلى قوات الاستعمار حينها، عدة مؤلفات شهيرة ما زال أفراد الجماعة يعتقدون بها منهجا لهم ومن أهم هذه المؤلفات عندهم كتاب اسمه "التبليغ" يشرح فيه الطرق الصحيحة حسب زعمه لتبليغ الرسالة المحمدية رغم أنه ادعى النبوءة والعياذ بالله وأنكر أن المصطفى صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين!، وهنا تناقض متعمد في نظري دفع البرلمان الباكستاني في الخمسينات من القرن الماضي إلى اعتبار القاديانية أقلية ليست مسلمة وأعقبه إعلان لمنظمة المؤتمر الإسلامي جاء في هذا السياق.
كل ما أتت به القاديانية هو خارج عن سياق الدين حسب ما أفاد به كثير من علماء الإسلام، ولا ندعو لاستباحة دماء الناس لا سمح الله سواء كانوا مسلمين أم غير ذلك فيكفيهم أنهم أرواح مصداقا لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "في كل كبد رطبة أجر" ولكنه سياق تاريخي لهذه الجماعة وما تمخضت عنه من فروع يجب ذكره للأمانة التاريخية.
لكن ما يدعو للاستغراب والتعجب أنه وبعد موت مؤسس القاديانية بأكثر من 18 عاما جاء متصوف في قرية كاندهلة عام 1926م بالقرب من لاهور أيضا وأسس جماعة أطلق عليها اسم الدعوة والتبليغ، وهي كما يسمون عندنا ب"الأحباب" وليسوا أحبابا كما يصفون أنفسهم!.
محمد الياس الكاندهلوي اعتمد كتاب التبليغ الذي ألفه القادياني، وبعد موته ووجود قبره في قرية رايفند بالقرب من لاهور، أصبح قبر الياس مزارا يحج له والعياذ بالله أتباع جماعته الدعوة والتبليغ أو "الأحباب" كما يسمون أنفسهم في الخليج العربي.
أصبح أتباع هذه الجماعة بالآلاف وصارت تجتمع في دول مجلس التعاون الخليجي مرتين في السنة مرة في مسجد صبحان في دولة الكويت وأخرى في مسجد أبي هريرة في دولة قطر، ولكن ما لا يعلمه العامة هو أن جماعة التبليغ رغم أنها تنبذ العنف واستخدام السلاح إلا أنها أخصب رحم ينجب عناصر فاعلين لتنظيم "القاعدة"!.
تعتمد الجماعة ما يسميه أفرادها ب"الخروج" في سبيل الدعوة إلى الله حسب ما يرونه، وهو تخصيص أيام معينة لمجموعات صغيرة تتكون من أفراد لا يتجاوزون العشرة إلى خمسة عشر رجلا، يعينون لهم أميرا، ويهيمون في البلدان، فمرة في الشرق ومرة في الغرب، ويعتمدون شظف العيش تقربا لله وزهدا في الحياة، ويتعمدون أن يكون بينهم في الغالب شباب أحداث في السن، وحديثو عهد بالتدين، وليست لديهم الحصانة الفكرية الكافية لعدم امتلاكهم الخبرة الكافية في الابتعاد عن الأهل وكيفية العيش بالاعتماد على النفس، ما يجعل الفرصة كبيرة لجهابذة الإرهاب في تنظيم "القاعدة" أن يلفوا حبائل مصائدهم على هؤلاء الأغرار، وفي أماكن بعيدة عن أعين الرقباء سواء من الأهل أو من الأجهزة الحكومية المختصة، فهذه الجماعة في أعين الجميع هي جماعة مسالمة تنبذ العنف بكافة أشكاله، وهنا الفلسفة الكامنة وراء تأسيسها!؛ لتصبح جماعة التبليغ هي الرحم الولود لتنظيم"القاعدة" وكأننا نرى هذه الجماعات وإن بدت متنافرة أمامنا إلا أن حلقات عملها تدور بشكل منتظم ومتناسق يكمل بعضها بعضاً!.
ربما يكون هناك كثر من أتباع جماعة الدعوة والتبليغ "الأحباب" لا يعلمون السبب الرئيس من تأسيس جماعتهم وانساقوا خلف عواطفهم تجاه الأجندة الدعوية للجماعة دون إدراك منهم للأبعاد التي تكمن خلف هذه الأجندة، لكن هناك كثرا من هذه الجماعة يعرفون كم من شخص استطاع تنظيم "القاعدة" اختطافهم بعد أن كانوا في أحضان "الأحباب"!.
هذا جزء صغير مما يخص شبه القارة الهندية، وما أتانا منها وإن كانت بعيدة عنا نسبياً، فماذا سنجد لو أمعنا النظر أكثر في منطقتنا العربية، وما زرعه الاستعمار فيها من غرس شيطاني إبان احتلاله لها؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.