مات صبيحة يوم الجمعة، لتكتمل حكاية محمد صادق دياب كأسطورة بلا نقصان في مرويات أهل الحجاز وقصصهم المحكية (الموت في اليوم المبارك فأل حسن، وأن المرحوم من الذين يجتبيهم بحسن الخاتمة في يومه الأعظم). منذ اليوم سترتدي نوارس بحر جدةالبيضاء ثياب الحزن الأسود. وستبكي كل الحارات القديمة ابنها الرؤوم، حتى لا تبقى ذرة ملح واحدة في ذاكرة الحجرالمنقبي المشبعة بلمسه وهمسه، وذكرياتها مع الفتى الذي أنفق عمره لرصد تاريخها وحاضرها في الذاكرة الحجازية. وسنسمع لسنوات أصوات أنين وحنين أشجار الدوم وعرائش الريحان وملكات الليل المجللة بعطرها كل الرواشين والنوافذ المشرعة على شاطئ البحر وجدائل شمس الأصيل. وستقول أمهات هذا الجيل لأطفالهن قبل النوم، أنه كان "أيقونة" جاءت إلينا من خارج الزمان والمكان لتكون حكاية أسطورية في حب الناس والأمكنة، وحبهم له. سيحكون كيف واجه المرض بالسكينة والرضا، وكيف كان حتى آخر نفس مبتسماً كعصافير الصباح، وأنه علمنا قبل موته أن الزوجة والصديق، إذا ما أحسنت الاختيار، قيماً مضافة لأرواحنا، لتجعل الحياة ممكنة. فزوجته الأصيلة "أم غنوة" كانت الحضن والسند في الميسر والمعسر، والحل والسفر، وكان صديقه عبدالمحسن حليت، سفيراً فوق العادة لكل أحبابه وأصدقائه. كان يشد عضده، ويتلو له حب الحياة، وأن الصديق وقت الضيق، حتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة.