سبقت القوات الحكومية التابعة للعقيد الليبي معمر القذافي في زحفها باتجاه المدن التي كانت تحت سيطرة الثوار، الدبلوماسية العالمية المتعثرة في إمكانية وكيفية اتخاذ قرار بفرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا، إذ تقدمت قوات النظام الليبي أمس إلى معقل الثورة في شرق ليبيا بعدما استعادت مدنا جديدة مستخدمة المدفعية والطيران. فبعد العقيلة على الطريق الساحلية، أصبحت قرية البشر شرقا تحت سيطرة الموالين للقذافي الذين كانوا يقصفون البريقة التي تبعد حوالى 240 كلم عن بنغازي، مقر المجلس الوطني الانتقالي الذي يضم المعارضة. وقال المتحدث باسم الجيش الليبي العقيد ميلاد حسين في مؤتمر صحفي أمس أن القوات الموالية للعقيد القذافي تتقدم باتجاه الشرق بهدف تطهير باقي المناطق. وأوضح "لقد حررنا الزاوية والعقيلة ورأس لانوف والبريقة والجيش يتقدم لتطهير باقي المناطق". وتحدثت أنباء أن هجوم قوات القذافي على مدينة مصراتة قد تعطل لليوم الثاني نتيجة تبادل إطلاق النار بين قوات الكتائب التابعة للقذافي التي من المفترض أن تشن الهجوم. وقال سكان إن القتال اندلع أول من أمس بعد أن رفضت وحدات من القوة التي أرسلها القذافي مهاجمة مصراتة ثالث أكبر مدينة في ليبيا والمكان الوحيد بغرب البلاد الذي مازال يتحدى حكم القذافي صراحة. ولم يتسن التحقق من صحة التقارير بانشقاق الوحدات لأن السلطات الليبية تمنع دخول الصحفيين للمدينة التي تقع على بعد 200 كيلومتر شرقي العاصمة. ونفى مسؤول حكومي في طرابلس هذه التقارير ووصفها بأنها إشاعات. لكن مقاتلا بالمعارضة المسلحة أكد أمس "منذ الصباح الباكر يقاتلون (قوات الأمن) بعضهم البعض. نسمع صوت القتال". وأضاف "هذا الانقسام بينهم جاءنا من عند الله. حين اعتقدنا أن النهاية قادمة حدث هذا. الآن نحن ننتظر لنرى ما سيحدث". وفيما قال سكان إن القوة الرئيسية التي تستعد لمهاجمة مصراتة هي الكتيبة 32 التي يقودها خميس ابن القذافي، أوضح محللون عسكريون أنها القوة الأفضل من حيث التسليح والتدريب المتاحة للزعيم الليبي. وحول قرار الجامعة العربية، اعتبرت وزارة الخارجية الليبية القرار "خروج غير مقبول على ميثاق الجامعة العربية وعلى الممارسات التي تكرست في الجامعة العربية منذ إنشائها". في غضون ذلك، أعلنت ليبيا أمس أن موانئها النفطية باتت آمنة، ودعت الشركات النفطية إلى إرسال ناقلاتها لاستئناف شحن النفط. من جهة أخرى، أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش أمس أن قوات الأمن الليبية تنفذ حملة "اعتقال تعسفي وحوادث اختفاء قسري" في العاصمة طرابلس للقضاء على أي احتجاجات على حكم القذافي. وأوضحت المنظمة ومقرها في نيويورك أنها جمعت أدلة من سكان طرابلس عن اعتقال عشرات الأشخاص لأنهم ساعدوا في تنظيم احتجاجات مناهضة للحكومة أو شاركوا فيها أو يشتبه في أنهم تحدثوا إلى وسائل إعلام أجنبية. وقالت مديرة إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة سارة لي ويتسون "يقمع القذافي وقواته الأمنية بأسلوب وحشي أي معارضة في طرابلس بما في ذلك الاحتجاجات السلمية باستخدام القوة المميتة والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري". وأضافت "نظرا لسجل ليبيا في التعذيب والقتل لأسباب سياسية نشعر بقلق بالغ بشأن مصير المعتقلين". وتابعت ويتسون "روعت حالات الاعتقال والاختفاء في طرابلس كثيرين ممن كانوا يحتجون سلميا على الحكومة. وهذا يظهر مدى اعتماد الحكومة التي يرأسها القذافي على الترهيب". وشن أحد أبرز منظري تنظيم القاعدة أبو يحيى الليبي هجوما على القذافي داعيا الليبيين إلى الاستمرار في ثورتهم للإطاحة به، وذلك في تسجيل فيديو بثته أمس مواقع إسلامية. وقال إن الشعب الليبي ثار على القذافي "بعد ما ذاق على يديه من صنوف التنكيل والتشريد أكثر من 40 عاما". كما أتهم أبو يحيى، القذافي "بتسليط أبنائه على رقاب العباد وأموال البلاد ونشر الفساد".