الدكتور فهد الشريف سألت سيدة آفارية رسول حمزاتوف عن ابنها الذي هاجر لباريس ولم يعد، فأخبرها بكل شيء يعرفه عنه، وسألته هل تحدثتما بالآفارية؟ وحين أجابها بأن ابنها لم يعد يتحدث بلغته الأم، غطت الأم وجهها بطرحة سوداء كما تفعل النساء حين يسمعن بموت ابنهن. وبعد صمت طويل قالت: «أنت مخطئ يا رسول. لقد مات ابني منذ زمن بعيد. هذا لم يكن ابني. فابني لم يكن ليستطيع أن ينسى اللغة التي علمته إياها، أنا أمه الآفارية». هكذا تحدث رسول حمزاتوف عن قصة اضمحلال اللغة الآفارية التي يتحدث بها أهالي بلده داغستان. ولغتنا العربية في زمن انتشار العلوم والبحوث والتقنيات بلغات أجنبية أصبحت تواجه تحديات كبرى، بسبب مشروع العولمة وإقبال كثيرين في العالم العربي على تعليم أبنائهم لغة أجنبية، كأولوية قصوى لتهيئتهم لاستيعاب المناهج التعليمية والتربوية التي أصبحت تفتقر للغة الضاد، وبالذات في عصر التقنية والإنترنت المفتوح، الذي يعاني فقراً كبيراً في المحتوى العربي. المملكة العربية السعودية من أهم الدول التي أخذت على عاتقها مواجهة التحديات التي تعاني منها اللغة العربية، فوزارة التجارة تلزم كافة المنشآت باستخدام اللغة العربية في الفواتير والعقود، وكانت هناك حملة قوية ومستمرة حتى الآن لتعريب كافة الفواتير والعقود، ومن يخالف ذلك توجب عليه الغرامات. وفي 24 أبريل من العام الحالي أقر مجلس الوزراء السعودي اللغة العربية لغة رسمية في المؤتمرات والندوات التي تنظم داخل السعودية، وهذا ما اعتبره الدكتور عبدالله الوشمي الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، نموذجا لجهود كبيرة تبذلها المملكة في خدمة اللغة العربية وتمكين حضورها وطنياً وعربياً ودوليا. وما رعاية المملكة العربية السعودية لمسابقة المواهب باللغة العربية 2018 لشبكة تلفزيون الصين الدولية CGTN إلا تأكيد على دور المملكة العربية السعودية في دعم اللغة العربية بكافة السبل، وقياماً منا بدورنا تجاه لغتنا العربية الخالدة وخدمتها ونشرها في كافة أصقاع الأرض فقد تابعت وأشرفت كملحق ثقافي في الصين، وبدعم من السفير السعودي بالصين تركي الماضي، على مسابقة المواهب الصينية على شبكة تلفزيون الصين الدولية، التي قدم الجوائز للفائزين فيها مركز البحوث والتواصل المعرفي في المملكة العربية السعودية وجامعة الملك سعود. برنامج مسابقة المواهب العربية على شبكة التلفزيون الصينية يعد منصة لدارسي اللغة العربية من الصينيين لاستعراض لغتهم وصقل مواهبهم وتحفيز الجمهور لتعلم اللغة العربية، واحتفالا بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية تؤكد المملكة دعمها لمواهب اللغة العربية من الدارسين لها في الصين، ومكافأة الفائزين منهم بجولة سياحية وتعليمية داخل السعودية، كنوع من التبادل الثقافي ما بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية. * الملحق الثقافي السعودي في الصين