قبل 636 عاما، نظم الشاعر عبدالرحيم أحمد علي البرعي قصيدته «يا راحلين إلى منى»، بعد أن دهمه المرض والتعب وهو في طريقه إلى الحج، إذ وافته المنية قبل تأدية حجته. يا راحلين إلى منى بقيادي هيجتموُ يوم الرحيل فؤادي حرَّمتمُو جفني المنام لبعدكم يا ساكنين المنحنى والوادي سرتم وسار دليلكم يا وحشتي العِيسُ أطربني وصوت الحادي فإذا وصلتم سالمين فبلغوا مني السلامَ أُهَيْلَ ذاك الوادي
مع اقتراب موسم الحج يتجدد بذاكرة كل حاج القصيدة التي قالها الشاعر عبدالرحيم أحمد بن علي البرعي «يا راحلين إلى منى» قبل 636 عاماً، بعد أن داهمه المرض والتعب وهو في طريقه للحج، حيث وافته المنية قبل أن يصل لأداء حجه. قصيدة البرعي قالها ووصلت إلى الحجاج دون وصول صاحبها، حتى إذا بلغ البيت الأخير منها لفظ أنفاسه ومات، والقصيدة أتت حافلة بصور البيان والبديع والاستعارات، والصور والوصف البديع، مما منحها جمالاً، وتدفقت معانيها ولكأنها نبع من معين الحب الصافي.
قصيدة وصلت منذ أكثر من 600 عام وصاحبها لم يصل عبدالرحيم أحمد بن علي البرعي شاعر يمني من القرن الثامن الهجري ولد وعاش في «الحديدة» قرأ الفقه والنحو، وتأهل للتدريس له ديوان مطبوع ضم قصائد في الغزل وظف مقدرته على نظم الشعر في ذكر الله، وحب الله ورسوله قيل إنه كان مفتياً، وعلى قدر رفيع في الأدب واللغة والسيرة النبوية في آخر رحلاته للحرمين الشريفين، أحسّ بدنو أجله لما صار على بُعْد 50 ميلاً من مكة، وتوفاه الله عام 803ه. دُفِن ب»خيف البرعي» جهة «وادي الصفراء» بمحافظة بدر على مقربة من المدينةالمنورة
وبينما هو في مكانه ذاك الذي لا يبعد كثيراً عن مكة فإذا به يرى رفاقه من الحجاج قد وصلوا عرفات ومنى، وقد ذبحوا الذبائح، بينما هو يأخذه الندم والعجز عن اللحاق بهم، ثم إنه ليراهم وقد لبسوا الإحرام، ولم يكتف بتلك المشاهد، بل يخاطب الحجاج وكأنه على ثقة من سماعهم له، ويناشدهم أن يبلغوا سلامه لتراب تلك الأرض التي شهدت سيرة النبوة، ومولد النبي «صلى الله عليه وسلم»، طالباً منهم أن يبلغوه أنه متيم ومحب وعاشق، وأنه قد وصل إلى النهاية حيث الموت، فهو مودع هذه الحياة، مفارق لها ولمتاعها وزينتها من الأحباب والأولاد.
يا راحلين إلى منىً بقيادي هيجتموُ يوم الرحيل فؤادي حرَّمتمو جفني المنام لبُعدكم يا ساكنين المنحنى والوادي سرتم وسار دليلكم يا وحشتي العِيسُ أطربني وصوت الحادي فإذا وصلتم سالمين فبلغوا مني السلامَ أُهَيْلَ ذاك الوادي وتذكروا عند الطواف متيماً صبّاً براه الشوقُ والإبعاد لي في ربى ظلال مكة مرهمٌ فعسى الإلهُ يجود لي بمرادي ويلوح لي ما بين زمزم والصفا عند المقامِ سمعت صوت منادي يَقُولُ لِي يَا نَائِماً جدّ السُّرَى عَرَفَاتُ تجلو كل قلب صَادِي من نال من عرفات نظرة ساعة نال السرور ونال كل مراد يا رب أنت وصلتهم وقطعتني فبحقهم يا رب حُلّ قيادي بالله يا زوار قبر محمد من كان منكم رائحاً أو غادي فليبلغ المختار ألف تحية من عاشق متقطع الأكباد