الحج فريضة على الغني دون الفقير، فالحاج وافد إلى بيت الله والذي هو أول بيت وضع للناس للذي بمكة التي هي بواد غير ذي زرع، فماذا يفعل الفقير هناك وهو معدم لا يملك لقمة عيش ؟ أما الغني فقد دعاه الله سبحانه وتعالى بقوله : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } . ثم هدد الأغنياء الموسرين المقتدرين بقوله تتمة للآية : {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}. ورغب الله تعالى الناس في أداء المناسك فذكرهم بأن فيها منافع حيث قال : {ليشهدوا منافع لهم} وكأني بهذه المنافع هي عين ما عناه الشاعر عمر بن أبي ربيعة .. بقوله: بالله قولي له في غير معتبة ماذا أردت بطول المكث في اليمنِ إن كنت حاولت دنيا أو رضيت بها فما أخذت بتركِ الحج من ثمن؟ ويوجد بيننا في عصرنا من هو متمكن مقتدر مستطيع على الحج وهو قريب أيضا في مكةالمكرمة أو المدينةالمنورة أو جدة أو الطائف ومع ذلك تنقضي الأعوام عاما بعد عام وحجا بعد حج وهو لا حج ولا اعتمر. وشتان ما بين هؤلاء وبين ما عبر عنه الشاعر عبدالرحيم البرعي المتوفى عام 803ه بقوله: يا راحلين إلى منى بقِيادي هيجتموا يوم الرحيل فؤادي سِرتم وسار دليلكم يا وحشتي الشوق أقلقني وصوت الحادي أحرمتموا جفني المنام ببعدكم يا ساكنين المنحنى والوادي فإذا وصلتم سالمين فبلغوا مني السلام أهيل ذاك الوادي من نال من عرفات نظرة ساعة نال السرور ونال كل مرادِ رموا الجمار وقصروا من شعورهم ولبسوا المخيط لصحة الأجساد تالله ما أحلى المبيت على منى في ليل عيد أبرك الأعيادِ وتذكروا بعد الطواف متيما صده الشوق والإبعاد ضحوا ضحاياهم فسال دماؤها وأنا المتيم قد نحرت فؤادي لبسوا ثياب البيض شارات الرضا وانا الملوع قد لبست سوادي السطر الأخير: صلى عليك الله يا علم الهدى ما سار ركب أو ترنم حادي