أصبح التفاؤل بانفراج سياسي يحل أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية كلاما ليس له أساس واقعي، خصوصا أن تصريح وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، عن تمسكه بحصص التيار الوطني الحر في الحكومة، وموضوع العلاقة مع النظام السوري، يؤكدان أن لا تأليف حكومة في فترة قريبة، أو حتى اتفاق على البيان الوزاري ومدرجاته، وهي معركة حقيقية بين القوى السيادية من فريق 14 آذار وقوى 8 آذار التي تريد الاستفادة للحد الأقصى من نتائج الانتخابات النيابية، وتعيد علاقة لبنان بسورية إلى ما كانت عليه قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري. تطبيع العلاقات مع الأسد الواضح أن نشاط «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» وأخيرا حزب «البعث» دخل على خط ملف إعادة النازحين لفتح بوابة العبور للعلاقات مع النظام السوري، ودعم رئيسه بشار الأسد، والذي يريدون حسب مصادر سياسية تثبيته مكتوبا في البيان الوزاري الخاص بالحكومة، كما يريدون إعادة التعاون الكامل مع النظام السوري والتنسيق معه، وهو ما يحرج الرئيس المكلف بتشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري، ويجعله يتريث حتى يتم الاتفاق كاملا حول صيغة البيان الوزاري، كما أن التزامات لبنان الخارجية ستكون ضاغطة، لا سيما بالنسبة إلى سياسة النأي بالنفس، وهذا الأمر يعني حزب الله بالتحديد وسلاحه الذي يجب أن يحدد مصيره بآلية واضحة. صراع سياسي الصراع بين القوى السياسية في لبنان على التمثيل الحكومي لا يتعلق فقط بالأحجام، فالأمر المخفي وراء عرقلة التشكيل هو الصراع على موقع لبنان في المرحلة اللاحقة، وتموضعه الإستراتيجي، وعليه لا بد من تحديد خياراته السياسية في المرحلة المقبلة. ولذلك يصر حزب الله على نيله الثلث المعطل في الحكومة، ويدعو إلى تمثيل حلفائه كلهم من الدروز إلى السنّة والمسيحيين في التركيبة المنتظرة، كما يمكن تفسير رفض التيار الوطني أيضا إعطاء القوات اللبنانية أو الحزب التقدمي الاشتراكي، تمثيلا وازنا في مجلس الوزراء، في هذا الإطار. طرق برية كان باسيل قد قال إن «الطرق بين لبنان وسورية، وسورية والعراق، وسورية والأردن ستفتح وسيعود لبنان إلى التنفس من خلال هذه الشرايين البرية، كما ستعود الحياة السياسية بين سورية ولبنان». وكان حزب الله قد فتح من خلال بيانات كتلته النيابية وتصريحات مسؤوليه الأبواب لتطبيع العلاقات مع النظام السوري والتنسيق معه، وصرح نواب التيار الحر أكثر من مرة بضرورة إعادة تفعيل عمل المجلس الأعلى السوري - اللبناني. وأبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم الذي زار لبنان مؤخرا، عدم حضوره الدورة الطارئة للاتحاد البرلماني العربي التي ستعقد في القاهرة في 21 من الشهر الجاري، والمخصّصة لموضوع القدس والقضية الفلسطينية في حال عدم دعوة الدول العربية كلها، وهو يقصد بشكل خاص سورية. مهمة صعبة ذكرت مصادر أن «أحزاب ما كان يحسب على فريق 14 آذار من المستقبل والقوات والتقدمي الاشتراكي، ستكون أمامهم مهمة صعبة للوقوف بوجه الداعين لتطبيع العلاقات مع سورية والتعاون مع نظامها، وبالتالي إضاعة النأي بالنفس لصالح التموضع في الحلف الإيراني، ولذلك ليس هناك من بوادر حلحلة قريبة لتشكيل الحكومة، خصوصا أن الرئيس الحريري وسمير جعجع والنائب السابق وليد جنبلاط يعون جيدا أن الاستسلام أمام هجمة فريق 8 آذار يعني خسارة العالم العربي والدعم الدولي للبنان، ويعني مواجهة لا قدرة للبنان على تحمل تكاليفها». أوضحت المصادر أن «محاولات إضعاف دور الرئيس المكلف في التشكيل واضح، حيث بدا أن باسيل يشكل الحكومة لا الرئيس الحريري، وهو ما استدعى مبادرة من الحريري لجمع رؤساء الحكومة السابقين وإعلامهم بالموقف، للحفاظ على موقع وصلاحيات رئيس الوزراء ودوره في عملية التأليف». قضية القذافي أمرت قاضية التحقيق في بيروت القاضي ريتا غنطوس، باستكمال التحقيقات في الدعوى المقدمة من حسين حبيش ضد الموقوف هنيبعل القذافي وآخرين في قضية تأليف عصابة إرهابية وخطف وحجز حرية ومحاولة قتل، مطالبة بمنع المدَّعى عليه القذافي من مغادرة الأراضي اللبنانية لمدة سنة، وسطرت مذكرة للمديرية العامة للأمن العام اللبناني لتنفيذ القرار المذكور والعمل بمضمونه. يذكر أن القذافي موقوف بموجب مذكرة توقيف صادرة عن المحقِّق العدلي القاضي زاهر حمادة في قضية إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه، وينفذ عقوبة الحبس مدة سنة ونصف السنة الصادرة عن محكمة استئناف جنح بيروت برئاسة القاضي رولا الحسيني في جرم تحقير القضاء. وكان حبيش قد تعرض للخطف في ليبيا على يد عصابات تابعة للمدعى عليه القذافي، إثر توقيف الأخير في لبنان، وطلب الخاطفون حينها من الحكومة اللبنانية مبادلة هنيبعل القذافي بحبيش، لكن الأخير تمكن من الفرار من خاطفيه والعودة إلى لبنان.