تعددت القراءات لطبيعة التوازنات داخل الحكومة اللبنانية الجديدة، فمنها ما اعتبر أن حصة الأسد فيها لرئيس الجمهورية ميشال عون مع «التيار الوطني الحر» (8 وزراء) من دون احتساب حلفائه المباشرين مثل حزب الطاشناق (وزير واحد)، ومنها ما رأى فيها حصة وازنة للحريري (7 وزراء) من دون احتساب وزراء بعض حلفائه مثل «القوات اللبنانية» (4 وزراء) و «اللقاء النيابي الديموقراطي» (وزيران)، ومنها ما وجد فيها انتصاراً لقوى 8 آذار وحلفاء الثنائي الشيعي (8 وزراء) بعد إضافة ممثل كل من «المردة» والحزب السوري القومي الاجتماعي والوزير طلال أرسلان إلى وزراء «أمل و «حزب الله» الخمسة. إلا أن القراءة التي سادت أمس غداة إعلان التشكيلة والتدقيق في هوية بعض الوزراء المحسوبين على جهات عدة ويدينون بالولاء السياسي لأكثر من فريق، اعتبرت أن الخط السياسي الذي حقق أرجحية واضحة في حكومة «الوفاق الوطني» هو خط قوى 8 آذار، إن في الحقائب الحساسة التي حصل عليها أو في حجم الكتلة الوزارية التي تؤثر في القرارات المهمة التي تتخذ في مجلس الوزراء. ورأى أصحاب هذه القراءة أن الثنائي الشيعي مع حلفائه استطاع انتزاع أكثر من الثلث في الحكومة إذا أضيف إلى وزرائه الثمانية المباشرين، بعض من هو محسوب على حصة الرئيس عون، مثل وزير الدفاع يعقوب الصراف ووزير العدل سليم جريصاتي ووزير البيئة طارق الخطيب إضافة إلى وزير الطاشناق أواديس كدنيان. وبهذا يكون فريق 8 آذار حصل على الثلث المعطل والمفاتيح المهمة لبعض الوزارات. وترى مصادر متعددة سواء مقربة من قوى 14 آذار أو مستقلة، أن ابتهاج قوى 8 آذار بالتركيبة الحكومية واعتبارها حكومة «ما بعد حلب» إثر تمكن المحور الإيراني-السوري وحزب الله، من احتلال المدينة وإخراج المعارضة السورية التي يؤيدها المحور الآخر وتيار «المستقبل»، منها، يثبت رجحان كفة هذا الفريق حكومياً. وترى هذه المصادر أن رئيس الحكومة زعيم تيار «المستقبل» قدم تنازلات كبيرة في اللحظات الأخيرة بقبوله تولي الصراف حقيبة الدفاع بعدما أشاعت أوساطه بأنه لن يقبل به نظراً إلى تاريخ العلاقة السلبية معه وانتمائه إلى قوى 8 آذار باعتباره عين وزيراً في عهد الرئيس السابق إميل لحود ومن قبله كان على صلة وثيقة بدمشق مثل لحود... كما تشير المصادر إياها إلى أن الحريري تنازل بموافقته على إسناد حقيبة العدل إلى الوزير السابق سليم جريصاتي الذي كان رأس حربة في رفض قيام المحكمة الخاصة بلبنان المولجة محاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، والتشكيك بشرعيتها لأسباب سياسية. ولوزارة العدل علاقة مستمرة مع المحكمة وفق بروتوكول للتعاون معها. وزراء متعددو الولاءات وفي اعتقاد مصادر قوى 14 آذار وبعض القوى السياسية الأخرى أن تسمية بعض الوزراء على أنهم محسوبون على عون تمت نتيجة تسوية بينه وبين «حزب الله»، بعد الحملة غير المباشرة التي أطلقها الحزب على العهد الجديد متخوفاً من عدم وفائه بالتحالف الاستراتيجي بينهما والتي وصلت إلى حد التشكيك بسياسة رئيس «التيار الحر» وزير الخارجية جبران باسيل والتزامه الخيارات التي على أساسها دعم الحزب عون للرئاسة وأبقى على الفراغ الرئاسي سنتين ونصف السنة ضاغطاً حتى يقبل الفريق الآخر بانتخابه. وترى المصادر نفسها أن الاجتماعات التي عقدت بين باسيل و «حزب الله» لتبديد آثار الحملة عليه أفضت إلى تطمين الحزب إلى استمرار الوفاء للتحالف معه من طريق التعيينات الوزارية، وربما بعض التعيينات في مناصب أخرى حساسة مثل قيادة الجيش وغيرها، وفي القضاء اللبناني، خصوصاً أن وزير الدفاع هو المولج تقديم اقتراحات التعيينات إلى مجلس الوزراء. كما أن الثلث المعطل يمكنه التحكم بالتعيينات في وزارة الداخلية أيضاً. العلاقة مع سورية وتضيف المصادر أن تعدد ولاءات بعض الوزراء المحسوبين على عون جعلهم وديعة من قوى 8 آذار لديه. وتعتقد أن هذا يفوق رمزية الحقائب التي تسلموها فيصبح لديهم تأثير عملي في وجهة التحرك السياسي الذي ستفرضه الأحداث. ولا تستبعد هذه المصادر أن ينعكس ما تعتبره إخلالاً بميزان القوى داخل الحكومة لمصلحة فريق 8 آذار على ملفات رئيسة مقبلة على الحكومة وهي: قانون الانتخاب، التعيينات الإدارية والعلاقات مع سورية، التي يصر حلفاء النظام فيها على التنسيق مع النظام في ملفات النازحين السوريين، والتنسيق بين الجيشين الذي يطالب به الجانب السوري وحلفاؤه في لبنان تحت عنوان مواجهة الإرهاب، فضلاً عن التعاطي بالشؤون الحياتية ومرور البضائع والمنتوجات من وإلى سورية والتي فيها شبكة مصالح عامة وخاصة كبرى. وتلفت المصادر المتوجسة إلى تأثير ميزان القوى في الحكومة على المساعدات الخارجية للبنان ولا سيما للجيش، والتي كانت دول عدة ربطت بين استمرارها وبين هوية القرار السياسي والعسكري المؤثر في المؤسسة العسكرية. وتنتهي هذه المصادر إلى القول أن الحريري استعجل القبول ببعض الأسماء وأن العناوين المذكورة ستكون موضوع اشتباك سياسي في مجلس الوزراء سيجعل من الحريري وحلفائه خاضعين لنفوذ قوى هو على خصومة معها انطلاقاً من الخلفية الإقليمية لتوزع الولاءات، بدليل التناقض الصارخ في المواقف بين رئيس الحكومة الذي تضامن مع حلب حتى في بيانه إثر تأليف الحكومة مقابل خطاب «حزب الله» الابتهاجي «بالنصر» في المدينة المنكوبة، وهو ما سينعكس على الحكومة مقابل سياسة النأي بالنفس عن الحرب السورية، التي ترفضها دمشق ومعها حلفاؤها اللبنانيون. ولا يستبعد أصحاب هذه القراءة أن ينضم وزراء «التيار الحر» إلى الحزب في بعض هذه العناوين بحجة أن التيار باق على تحالفه معه، وأن حصته الوزارية منفصلة عن حصة رئيس الجمهورية، بحيث يؤمن وزراء التيار الانحياز إلى سياسة 8 آذار، بينما يتجنب عون الإخلال بموقع الحَكَم. وهذا يعني أن الحكومة ستكون ميداناً لاشتباك متعب للحريري. لكن الأوساط التي تنظر إلى التركيبة الحكومية على أنها تمثل قدراً من التوازن، تدعو إلى عدم تقييمها وفقاً لمقاييس التحالفات السياسية السابقة وتفضل التطلع إليها انطلاقاً من التفاهمات التي نجمت عن خلط الأوراق الذي حصل نتيجة التفاهم بين الحريري وبين عون على دعم ترشيح الثاني للرئاسة، مع «القوات اللبنانية»، وما أفرزته هذه التسوية من تقارب بين الرئيسين لا بد من أن ينسحب على التعاون داخل مجلس الوزراء، بحيث يصبح عون بيضة القبان. كما تشير إلى التقارب في التعاطي مع الكثير من الملفات بين الحريري وبين وزيري «اللقاء النيابي الديموقراطي» برئاسة وليد جنبلاط. وتستند إلى خطاب القسم بدءاً من تأكيده على إبعاد البلد عن الصراعات الخارجية. كما أن هذه الأوساط ترى أن التعاون الذي انطلق بين عون والحريري يفرض أن يلعب الأول دوراً في رفض التعاطي مع الثاني من قبل خصومه كما كان يحصل في السابق حين كانت توضع الدواليب في عجلات حكومته عامي 2009 - 2010 أو الحكومة التي تولاها رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة، عندما جرى إحباط اتفاق الدوحة ومشروع اتفاق «السين- سين» بين المملكة العربية السعودية وسورية عام 2010. عون: سأسهر ليعمل مجلس الوزراء كفريق عمل متضامن كسرت الحكومة الثلاثينية الجديدة التي أبصرت النور أول من أمس، الرتابة التي درج عليها تأليف الحكومات إذ صدرت مراسيمها بعد نحو 45 يوماً فقط من تكليف الرئيس سعد الحريري. إذ أن كل الحكومات التي تشكّلت منذ أن دخل لبنان في أزمة سياسية كبرى وحال عدم استقرار منذ عام 2005، بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وصولاً إلى الحكومة السابقة برئاسة تمام سلام كان التأزم يتسبب بتأخرها من 5 أشهر إلى 11 شهراً. وتميَّزت حكومة العهد الأولى باستحداث 5 وزارات دولة (لم تخصص مكاتب لهم بعد) أوكلت إليها مهمات للمرة الأولى لشؤون النازحين وحقوق الإنسان، ومكافحة الفساد، والتخطيط، فضلاً عن وزارة دولة لشؤون المرأة، فيما أبقت التشكيلة على وزارة شؤون التنمية الإدارية التي أسندت إلى امرأة وهي عناية عز الدين ووزارة شؤون المجلس النيابي التي أسندت لعلي قانصوه. وبدا ان معظم وزراء الدولة ليست لديهم فكرة عن المهمات التي ستوكل إليهم وهذا الأمر سيتفق عليه مع عون.كما أن طريقة عمل هذه الوزارات غير واضحة بانتظار جلسة مجلس الوزراء الأولى غداً»، وفق ما قال وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون ل«الحياة». وأضاف: «لا أعلم حتى الآن ماهية المواضيع التي ستوكل إليّ، وما إذا كانت تتعلق بالأمور الإنمائية أو المالية أو بعض المشاريع المنتجة». وبلغ عدد الوزراء الجدد 16 وحصل الحريري على وزير سابع هو أوغاسبيان نتيجة رفض «حزب الكتائب» الانضمام إلى الحكومة، وجرى تغيير في الحقائب والأسماء ليكون أوغاسبيان وزير دولة. واحتفظ 4 وزراء بحقائبهم هم: المال علي حسن خليل، الداخلية نهاد المشنوق، الخارجية جبران باسيل، الصناعة حسين الحاج حسن. وتقول أوساط العهد إن «الحكومات المقبلة لن تتكرس فيها أعراف نتيجة تشكيل الحكومة وبدءاً من الحكومة المقبلة فإن عون سيتمسك بتوزير ممثل عن الطائفة السريانية». وكان عون أبدى ارتياحه «لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية»، متمنياً «ألا يغيب عنها أي مكون سياسي لأن ورشة العمل، تتسع للجميع إلا لمن أراد تحييد نفسه عن الانخراط بها». وقال أمام زواره أمس: «صحيح أن مهمة الحكومة إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها ولكن هذا لا يعني تراخيها في متابعة الأمور الحياتية الملحة لا سيما منها استكمال تنفيذ المشاريع الإنمائية المجمدة، وتفعيل عملية الاستفادة من الثروة النفطية والغازية، ومكافحة الفساد، إضافة إلى واجب السهر على مواجهة التحديات الأمنية والإرهابية». وإذ اعتبر أن «الحكومة تمثل أوسع شريحة من الأفرقاء»، أكد أن «لا وقت لإضاعته لا سيما أن اللبنانيين يتوقون إلى أن تعمل الحكومة بفاعلية ترتقي إلى مستوى توقعاتهم». وشدد على أنه سيسهر «ليعمل مجلس الوزراء كفريق عمل منسجم ومتضامن خصوصاً أنه يضم معظم الكتل والأحزاب السياسية». وكان عون عقد سلسلة لقاءات سياسية وإنمائية واقتصادية. والتقى وزير الطاقة الجديد سيزار أبي خليل. النقل البري يفك اعتصامه وأكد عون أمام وفد قطاع النقل البري برئاسة رئيس الاتحاد بسام طليس أن «المطالب التي رفعتها النقابات ستكون موضع درس في مجلس الوزراء فور نيل الحكومة الثقة»، داعياً «النقابات إلى فك الاعتصام الذي ينفذه القطاع أمام مراكز المعاينة الميكانيكية». وأعلن طليس بعد اللقاء «فك الاعتصام والتحركات المرافقة له تتويجاً لتفاهم حصل». ترحيب دولي ولقيت ولادة حكومة «الوحدة الوطنية» ترحيباً إقليمياً ودولياً. وأشاد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت بتشكيلها. وقال إنها تشير إلى «تغليب مسؤولية المصلحة العليا في لبنان». وهنأ في بيان وزعته الخارجية عون والحريري ورئيس المجلس النيابي نبيه بري وكل القوى السياسية «على هذه الخطوة»، متمنياً «النجاح لها في وجه التحديات المهددة». وقال: «إن فرنسا المتمسكة بوحدة الأراضي اللبنانية ووحدة البلاد تجدد التزامها الوقوف إلى جانب لبنان ومواصلة العمل على تعزيز العلاقات المتينة والوثيقة القائمة في المجالات كافة بين البلدين». وهنأت الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني الحريري على إعلان تشكيلة الحكومة، معتبرة الأمر «محطة أساسية أخرى نحو التوصل إلى مؤسسات دولة تعمل بالكامل في لبنان، بما يعكس المسؤولية والانفتاح على التسوية لدى جميع الأطراف والتي تجسد مميزات التقليد الديموقراطي للبنان». وأكدت أن «الاتحاد الأوروبي ولبنان سيواصلان العمل معاً في شكل وثيق نحو لبنان مستقر وآمن وديموقراطي، ونحو السلام والأمن والازدهار لكل المنطقة التي تواجه العديد من التحديات الخطرة في الشرق الأوسط، خصوصاً في سورية». وهنأت السفيرة الأميركية لدى لبنان إليزابيث ريتشارد الرئيس الحريري وأثنت «على تشكيل حكومة». وقالت: «نتطلع إلى العمل معه ومع حكومته»، مشيرة إلى أن الشعب اللبناني «يواجه الكثير من التحديات، ولديه الآن حكومة قادرة على العمل لمعالجة هذه القضايا. والولايات المتحدة تعيد تأكيد التزامها الشعب اللبناني ومؤسساته ودعمها بناء مستقبل آمن ومستقر ومزدهر. ولن يكون لبنان وحيداً في التعامل مع التحديات المقبلة». ونقلت إشادة بلادها «بالقيادة المخلصة لرئيس الحكومة السابق تمام سلام خلال هذه الفترة العصيبة من الجمود السياسي. ونقدر التزامه علاقات أميركية - لبنانية قوية ونتطلع إلى مشورته الدائمة في السنوات المقبلة». وأمل السفير الإيراني لدى لبنان محمد فتحعلي بعد زيارته رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية في بنشعي في حضور وزير الأشغال الجديد يوسف فنيانوس، بأن تكون هذه الحكومة «في كل المراحل اللبنانية حكومة مستقرة وتعمل في مسار جيد وأن تحمل الخير للبنان الشقيق وللشعب اللبناني العزيز». وكانت «مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان» رحبت «بحرارة بالحكومة». وأملت ب «أن يتم الحفاظ والبناء على الزخم الإيجابي الذي نشأ مع انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة»، منبهة إلى أن «هذه فرصة تشتد الحاجة إليها للقيادة اللبنانية لإعادة تفعيل مؤسسات الدولة وتلبية آمال وتطلعات الشعب اللبناني من خلال معالجة التحديات الملحة التي يواجهها لبنان. وشددت على «أهمية إجراء الانتخابات النيابية في الوقت المحدد للحفاظ على تقاليد لبنان الديموقراطية»، ومذكرة بأنه «من أجل الاستقرار المحلي والإقليمي، لا بد من «استمرار التزام لبنان قرارات مجلس الأمن، بما في ذلك القرار 1701 واتفاق الطائف، وإعلان بعبدا والتزامات دولية أخرى». وأعلنت المجموعة أنها تتطلع «إلى الاعتماد السريع للبيان الوزاري الجديد والاستعداد للعمل عن كثب بالشراكة مع الحكومة الجديدة لدعم استقرار لبنان وسيادته ومؤسسات الدولة». الحريري يرد على انتقادات ميقاتي: تعرضنا للحروب والاغتيال والغدر استدعى كلام الرئيس السابق للحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الذي سأل فيه رئيس الحكومة سعد الحريري: «ما إذا كان فعلاً لا يزال متمسكاً بالعناوين السياسية التي رددها في السنوات الماضية، وشن حروباً شعواء في شأنها وفي مقدمها المحكمة الدولية الخاصة بقضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، رداً مباشراً من الحريري، فقال عبر «تويتر»: «نعم يا دولة الرئيس وأنت أكثر من يعرف ذلك، علماً أننا لم نشن أي حروب، بل نحن من تعرضنا للحروب والاغتيال والغدر». وكان ميقاتي سأل الحريري أيضاً، أمام زواره: «هل ما حصل فعلاً في تشكيل الحكومة وما قبلها يكرس قولاً وفعلاً الثبات على هذه العناوين؟ في كل الأحوال سننتظر لنرى وسيكون لنا الموقف المناسب في ضوء البيان الوزاري للحكومة وأدائها في المرحلة المقبلة، ولن نتهاون في أي أمر يتعلق بالثوابت الوطنية واتفاق الطوائف والصلاحيات الدستورية الممنوحة لرئيس مجلس الوزراء ومقاربة الملفات الكثيرة المطروحة». وسأل ميقاتي رئيس الحكومة «عن مدى صحة المواقف التي أعلنها مباشرة أو عبر نواب وشخصيات مقربة منه لتبرير الانعطافة التي قام بها قبل الانتخابات، وما إذا كان ما أعلنه عن توافق على خريطة طريق كاملة للمرحلة المقبلة كان صحيحاً أم مجرد تبرير لا يستند إلى أي أساس، لأن الفترة التي مرت بين التكليف والتأليف لم توح بوجود ضمانات مقابل الموقف الذي اتخذه». كما توجه ميقاتي، إلى الحريري، قائلاً: «بعد ما حصل وما فعلته، أدعوك إلى إجراء مراجعة كاملة لكل المواقف والخطوات التي اتخذتها وفريقك من الحكومة التي رأستها ومن الأداء الذي قمنا به والذي حفظ لبنان في أصعب مرحلة. كما أدعوك إلى الحفاظ على الثوابت والأسس، كما فعلنا نحن، وهكذا يكون التداول الحقيقي للسلطة. ومبروك». وفي اليوم الأول، بعد تشكيل الحكومة، استقبل الحريري القائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد البخاري، الذي هنأه بتشكيل الحكومة، في حضور وزير الثقافة غطاس خوري ومدير مكتبه نادر الحريري. كما هنأ الرئيس السابق للحكومة تمام سلام، الرئيس الحريري على إعلان التشكيلة الحكومية. وتمنى له في اتصال هاتفي تم بينهما، «التوفيق في مهماته المقبلة خصوصاً في المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد والتي تتطلب تكاتف الجميع خدمة للمصلحة الوطنية العليا». واتصل مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان بالحريري مهنئاً ب«حكومة وفاق وطني لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار وتطوير عمل مؤسسات الدولة وإجراء انتخابات نيابية في موعدها»، داعياً الجميع إلى «التعاون معها للتمكن من إنجاز بيانها الوزاري بأسرع وقت». وأمل البطريرك الماروني بشارة الراعي، بأن تسود روح التعاون بين أعضاء الحكومة «لمواجهة التحديات الكبيرة ولا سيما منها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ولتأمين مناخ من الاستقرار والطمأنينة لشعب لبنان الحبيب». وإذ شدد على «ضرورة تغليب المصلحة الوطنية العليا على كل الاعتبارات الشخصية والفئوية والحزبية»، سأل الله أن «يكلل خطوات الحكومة الجديدة بالخير والنجاح». الجميل: الحكومة لا تشبهنا وسننتقل إلى المعارضة حمل حزب «الكتائب اللبنانية» رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري مسؤولية بقائه خارج الحكومة. وغداة تشكيل الحكومة الجديدة التي خلت من الكتائبيين، اعتبر رئيس الحزب النائب سامي الجميل أنه «بعد معركة دامت 11 سنة حصل مسار منذ أكثر من سنتين، أدى إلى وضع يد كاملة من قبل فريق 8 آذار على البلد، ونجح بالأمس بتشكيل حكومة كما يريد وعلى قياسه»، لافتاً إلى أنها «حكومة صقور 8 آذار، كما وصفها الإعلام اللبناني»، وهذا يدل على استسلام كامل من قبل بعضهم لوضع اليد على لبنان الذي نأمل ألا يدفع ثمناً غالياً لهذا الخيار. ونحذر من أن لبنان لا يتحمل أن يحكم أحادياً من قبل فريق داخل في الصراع بالمنطقة وعليه محاذير دولية ونقاط استفهام كبيرة من كل العالم». وقال في مؤتمر صحافي: «هذه الحكومة لا تشبهنا ولا نرى أنفسنا داخلها، ونحن مرتاحون للموقع الذي نحن فيه ولن نتخلى عن ثوابتنا لمقعد وزاري، ورفضنا أن نكون شهود زور في حكومة غير توافقية. وسننتقل إلى المعارضة البناءة». واعتبر عضو كتلة الكتائب النائب ايلي ماروني أن «السبب قد يكون عائداً إلى أنهم يريدون تشكيلة ناقصة وهم يعرفون جيداً أن لا وحدة وطنية من دون الكتائب»، وقال ل «المركزية»: «توقعنا هذه النتيجة منذ أن رفضنا انتخاب العماد ميشال عون رئيساً، مبروك للبنانيين هذه الحكومة، ومبروك للمتحاصصين حصصهم. وإننا نحمّل رئيسي الجمهورية والحكومة مسؤولية بقائنا خارج الحكومة لأنهما انصاعا لمن يريدنا خارج الحكم». جريصاتي لن يتسلم العدل من ريفي وأوغاسبيان يتفهم الردود النسائية اعتذر وزير العدل في الحكومة الجديدة سليم جريصاتي عن تسلّم وزارة العدل من الوزير المستقيل أشرف ريفي كون الأخير «كان قدّم استقالته وباعتبار انّ هذه الاستقالة نافذة». وقال في تصريح بعد إعلان الحكومة «إن الدولة من دون قضاء هي دولة من دون روح، لذلك نحرص على ان تكون للدولة روح في هذا العهد الواعد». وكان وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان أبدى «احترامه وتفهّمه لكل ردود الفعل المؤيّدة والرافضة لتولّي رجل وزارة تُعنى بشؤون المرأة»، مؤكداً «انفتاحه على كل الطروحات». وقال: «لو طُلب مني الاختيار لاخترت هذه الوزارة، اذ للمرأة الدور الأبرز في بناء المجتمع وأرى في هذه الوزارة تحدياً». ولقي تسليم الحقيبة المذكورة إلى وزير ذكر، ردود فعل نسائية محتجة. وبغض النظر عما ورد على مواقع التواصل الاجتماعي من انتقادات، اعتبرت منظمة «كفى» ان «لا طائفة في لبنان أكبر من طائفة النساء. لا هموم عند الطوائف أكبر من هموم النساء، والواضح أن الخوف على تمثيل الطوائف الذي لا يزال يلاحقهم لم يقابله أي خوف أو حرص على تمثيل النساء»، مشددة على ان «مطلبنا الأساس من الحكومة احترام حق المرأة في المواطنة الكاملة من طريق المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية، وفي الحكومة من خلال إدارة نصف الحقائب الوزارية، والجميع يعلم أن وزارة الدولة من دون مهمات محددة، وما هو إلا استعراض رنان لتجميل صورة الدولة». واستنكر «تحالف نساء في البرلمان» في بيان، «تهميش المرأة اللبنانية في التشكيلة الحكومية». وسأل: «هل يجوز تعيين وزير رجل لوزارة شؤون المرأة؟ أهو تكريس للنظام الذكوري في لبنان أم أنه بسبب عدم وجود امرأة كفوءة لهذا المنصب؟ هل يجوز أن تعين امرأة واحدة فقط في حكومة ال 30 حقيبة؟». ورأى أن «هذا مناقض لمناصفة التمثيل الديموغرافي اللبناني، وانتقاص واضح لحقوق المرأة ما يعني استبعادها عن المشاركة السياسية وإدارة البلد». وأكد التحالف تمسكه «بإدراج الكوتا النسائية بنسبة 30 في المئة على الأقل في البيان الوزاري».