لم تحرز المحادثات التي أُجريت أمس بين الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة سعد الحريري وممثل زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون الغائب في فرنسا، الوزير جبران باسيل، أي تقدم على صعيد إنجاز الحكومة، غداة إلحاح رئيس الجمهورية ميشال سليمان على ضرورة تشكيلها قبل سفره الى الأممالمتحدة منتصف هذا الشهر لإلقاء كلمة لبنان في الجمعية العمومية ولقاء عدد كبير من القادة الدوليين والعرب. وتلقت دعوة سليمان أول من أمس في خطابه خلال مأدبة الإفطار التي أقامها في القصر الرئاسي الى تسريع تشكيل الحكومة من اجل مواجهة الاستحقاقات المقبلة، دعماً قوياً من مجلس المطارنة الموارنة في ندائه السنوي العاشر الذي يطلقه أول شهر ايلول (سبتمبر) من كل عام برئاسة البطريرك الماروني نصر الله صفير، فدعا المجلس جميع المسؤولين والقوى السياسية الى ان «يلتفوا حول فخامة الرئيس للعمل معاً على إعادة بناء الدولة على أسس متينة...». وليلاً ألقى الرئيس الحريري كلمة في إفطار أقامه لفعاليات من صيدا والجنوب قال فيها: «هذه التشكيلة الحكومية فيها صعوبات. منذ يومين كسرنا الجدار، واليوم التقينا بأخونا جبران (باسيل) وإن شاء الله سنكمل الحوار، وهذه الحكومة هي حكومة وحدة وطنية وائتلاف وطني وواجبها الأساسي الاهتمام بحاجات المواطن اللبناني الأساسية كالعلم والصحة والطبابة والكهرباء». أضاف: «ونأمل ان تُكمِّل مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولكن حتى نتوصل الى تشكيلها يجب ان يكون هناك منطق في التشكيل، الانتخابات أفرزت أكثرية وأقلية، ومددنا اليد منذ اليوم الأول، ولكن هذا لا يعني ان تسير الأكثرية بشروط الأقلية ولا ان تفرض الأقلية شروطها على الأكثرية. مددنا أيدينا بانفتاح واضح لتشكيل حكومة وحدة وطنية، والمنطق المطروح حالياً مرفوض، وأنا كسعد رفيق الحريري لن أقبله. وهذا ليس من باب التحدي وإقفال الفرص، ولكن إذا أردت ان تطاع فاطلب المستطاع». واعتبر ان «منطق تأليف الحكومة يجب ان يصب في مصلحة الناخب، فهناك أناس أدلوا بأصواتهم. هذا هو المنطق الذي نريده، فالانتخابات أفرزت أقلية وأكثرية». ولمح الحريري الى انه سيقدم «مع رئيس الجمهورية على خطوة ما قبل انعقاد الدورة العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة». واستمرت قضية إفلاس رجل الأعمال اللبناني المعروف بأعماله الخيرية والاجتماعية صلاح عز الدين في التفاعل امس في الوسطين الشعبي والسياسي في ظل استمرار التحقيقات معه من جانب النيابة العامة المالية، حول انهيار استثماراته التي كانت تعتمد على أموال كبار وصغار المودعين في الجنوب وضاحية بيروتالجنوبية نظراً الى انه رجل موثوق وطيب السمعة. وعلمت «الحياة» ان بين اللبنانيين المودعين سياسيين ونواباً جنوبيين، إضافة الى عدد من المواطنين الذين كانوا قبضوا تعويضات لإعادة إعمار منازلهم المهدمة جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان العام 2006، كما ان بين المودعين رجال أعمال قطريين وعراقيين وكويتيين. وتردد ان رجل أعمال قطرياً كان جذب عدداً لا بأس به من المستثمرين القطريين للتعامل مع عز الدين، هو الآن موقوف في قطر. وتميز النشاط السياسي امس بزيارة قام بها رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الى العلامة السيد محمد حسين فضل الله في إطار انفتاحه على المراجع الشيعية. وفيما كرر جنبلاط تأكيده انه جزء من الأكثرية النيابية، أشار الى تميزه بالحديث السياسي داعياً بعض الحلفاء في قوى 14 آذار الى قراءة جديدة لمعطيات المنطقة. وكرر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع قوله ان قوى محلية وإقليمية لا تريد أن تتألف الحكومة. وأشار جعجع الى «تشنج سوري - إيراني - أميركي مستجد، وبرودة في العلاقة السعودية - السورية». وانتقدت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» في بيان لها «الهجمات المريبة على المحكمة الدولية وعلى القضاء اللبناني»، لكنها اعتبرت ان «في وسع القضاء ان يكون اكثر حسماً في حماية مهابته». وذكرت ان هذه الحملات محاولة قديمة جديدة لإسقاط المحكمة الدولية من طريق ابتزاز اللبنانيين والمجتمع الدولي معاً». وعلى صعيد تشكيل الحكومة أبلغت مصادر في المعارضة «الحياة» بعد اطلاعها على أجواء اللقاء بين الحريري والوزير باسيل موفداً من العماد عون، والذي شارك فيه مدير مكتب الأول نادر الحريري، ان اللقاء لم يحقق أي تقدم وأن النقاش ما زال يراوح مكانه. وكشفت المصادر نفسها ان باسيل طرح ما يطالب به عون في العلن لجهة إعطاء خمسة حقائب لخمس وزراء من التكتل أربعة منهم موارنة وأرمني، على ان تسند الاتصالات لباسيل، إضافة الى وزارة الداخلية كحقيبة سيادية. وأوضحت المصادر ان الحريري لم يأخذ بالعرض الذي تقدم به باسيل وأنه طرح في المقابل مجموعة من الأفكار البديلة يمكن ان تشكل نقطة انطلاق لتأسيس الاتفاق. ومع ان المصادر رفضت الدخول في تفاصيل ما اقترحه الحريري من أفكار بديلة، اشارت الى ان لا جديد يسمح بتوقع نقلة نوعية في عملية التأليف. وأوضحت ان لا موعد للقاء جديد بانتظار ان يعود باسيل الى عون للتشاور معه. وعلمت «الحياة» من مصادر فرنسية مطلعة انه تم اختيار السفير الفرنسي الجديد في لبنان خلفاً لأندريه باران السفير الحالي الذي يتسلم منصبه الجديد في الرئاسة الفرنسية كمستشار للشؤون الافريقية في 19 الجاري. والسفير الجديد ديني بييتون مستشرق، وهو حالياً سفير في جنوب افريقيا. وكان عمل قنصلاً لفرنسا في القدس ومستشاراً في سفارة فرنسا في الولاياتالمتحدة في فترة عمل المستشار الحالي للرئيس نيكولا ساركوزي جان دافيد ليفيت سفيراً في واشنطن. وكان بييتون عمل مديراً معاوناً لوزير الخارجية السابق هوبير فيدرين. وبييتون من الديبلوماسيين الذين يحظون باحترام اليمين واليسار في فرنسا وهو متزوج من أميركية كوبية الأصل ومطّلع على الملفات الكبرى في المنطقة، خصوصاً ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني والملف اللبناني عندما كان في واشنطن خلال رئاسة جاك شيراك. وتم اختيار بييتون من الرئاسة الفرنسية بموافقة وزير الخارجية برنار كوشنير، ومن المتوقع ان يعود بييتون الى أفريقيا الجنوبية الأسبوع المقبل للوداع، قبل توجهه الى لبنان نهاية الشهر الحالي أو أوائل تشرين الأول (اكتوبر).