أثارت تجربة مقهى هافانا في مكةالمكرمة باستضافة الشاعرة الإنجليزية لوسي هاملتون من مقر إقامتها بلندن، الشاعر مسفر الغامدي الذي رأى أن التجربة يجب ألا تؤخذ في حدود ضيقة باعتبارها أمسية شعرية، فهي أوسع من ذلك بكثير، فمن ناحية هي تواصل ثقافي بين شعبين، وكونها تخرج من مكةالمكرمة لها صدى واسع، وبتكرارها سنتمكن من التواصل مع مثقفي العالم وشعوبه، ونقدم لهم صورة جيدة عن بلدنا وثقافتنا، إضافة إلى كسب تعاطفهم مع قضايانا عبر التواصل الثقافي. ويضيف الغامدي ل"الوطن": أن أكثر من 200 شخص من داخل المملكة كانوا يتابعون الأمسية، إضافة إلى متابعين من الكويت، والإمارات وعدد من البلدان العربية، وصل عددهم إلى ما يزيد على 350 شخصا، وأنا متفائل جدا بالتجربة، إذ صار بوسعنا أن نستضيف شعراء ومثقفين من جميع البلدان العربية، بل يمكننا أن نقيم أمسية هنا في المملكة بينما جمهورها في بيروت، هذا شيء مدهش في ثورة الميديا. وفيما احتشد عدد كبير من الكتاب والشعراء في صالة المقهى مساء الخميس الماضي ومئات من المهتمين على صفحات الفيس بوك يتابعون الشاعرة صوتا وصورة على مدى ساعتين وهي تلقي قصائدها، بترجمة مباشرة من قبل الشاعر العراقي عدنان الصايغ اعترض الشاعر عمر بوقاسم على استخدام هذه التقنية في أمسيات شعرية عبر المحيطات لأنها حسب قوله قفزة عالية جدا قد لا تحقق المستوى الواقعي للأمسيات الشعرية. معتبرا أنها لا تتناسب مع تراثنا في التلقي حسب تعبيره، بينما رأى الشاعر والكاتب خالد قماش المشارك في تنظيم الأمسية أنها حققت نجاحا غير متوقع، ويقول: تلقينا ردود أفعال واسعة تؤكد جدوى مثل هذه الأمسيات مما دفعنا إلى التفكير بتكرارها مع شاعرات سعوديات وعربيات. موضحا أن التقنية التي استخدمت كانت ناجحة جدا ولم تخيب الظن، وهذا يعني تلاشي الحدود بين الشاعرة وجمهورها، حيث بإمكانها الآن أن تقيم أمسية وهي في منزلها. وكان حضور الأمسية قد استمعوا إلى الشاعرة وهي تلقي عددا من نصوصها، والتي كان أولها "باتجاه المدينة المقدسة" ثم "الليل" وبعدها نص بعنوان أخبار، وفيما كان الشاعر ياسر العتيبي والقاص علي المجنوني يبذلان جهودا للتنسيق بين الشاعرة في لندن، وبين الجمهور المتابع عبر الإنترنت وجمهور الحضور، كانت الشاعرة تتوقف بعد كل نص مفسحة المجال للشاعر الصايغ كي يترجم، ثم تتلقى أسئلة الحضور وتجيب، في تجربة وصفها الإعلامي عبده قزان بأنها ثورة، ليس على صعيد التقنية فقط بل على صعيد التواصل الحضاري وحوار الحضارات. ويتابع قزان: لقد صار بإمكاننا أن ندعو أي مثقف في أي مكان من العالم إلى اللقاء، وأعتقد أن تطوير هذه التجربة للتحاور واللقاء مع مثقفين عالميين سيضيف الكثير إلى رصيدنا الثقافي والحضاري، ويعطي صورة إيجابية عن مجتمعاتنا، أن نتواصل مع العالم من دون تأشيرات وموافقات مسبقة، مسألة لم تعد مكلفة وتجربة يجب الحرص على تكرارها.