قال أستاذ الأدب الإنجليزي الدكتور إبراهيم عزيزي، إن التركيز على خصائص ما بعد الحداثة في أسلوب السرد وبناء النص في الرواية الأميركية العربية المعاصرة يخلصها من مسؤولية الترجمة الثقافية التي أثقلت رواد هذا الجنس الأدبي، وقارن عزيزي في محاضرة عن «هوية السرد في الرواية الأميركية العربية»، ألقاها في الملتقى الثقافي الذي ينظمه فرع جمعية الثقافة والفنون بالرياض بالتعاون مع نادي شركة الكهرباء، بينما تناول المكون العربي ومكانته في الهوية العرقية في رواية أمين الريحاني كتاب خالد (1911) ورواية ربيع علم الدين الحكواتي (2008)، مبينا أهمية تحليل هذا الإنتاج الأدبي من منظور جديد يبتعد عن دراسات ما بعد الاستعمارية التي سيطرت على معظم الأطروحات النقدية لهذا الأدب في الولاياتالمتحدة الأميركية، على حد قوله، لافتا إلى أن محاضرته تأسست على دراسة التحول في الموقف من الهوية العربية وتمثيلها في السرد في الرواية العربية الأميركية. أساليب السرد أوضح عزيزي في المحاضرة التي أدارها خلف الثبيتي، أن دراسة هذه النصوص من منظور ما بعد حداثي يبتعد بالرواية الأميركية العربية عن المتوقع منها من تقديم أو تعريف أو تبرير للهوية العربية في سردها أو الدفاع عنها، وعند دراسة أساليب السرد في الروايتين يتضح أن ربيع علم الدين نجح في تصوير هوية عربية متشظية ينشغل فيها النص والقارئ بالشكل البنائي الفني أكثر من الحكم على مصداقيتها التاريخية، مستندا على تعريف مرن لنظرية ما بعد الحداثة التي تزاوج بين الأسلوب النقدي الاستفهامي والترميمي للسرد مع الوعي بالإطار السياسي الحاضن لهذا الأدب والمؤثر في إنتاجه، وأضاف، أنه بالمقارنة مع رواية أمين الريحاني المتحيزة للمكنون العربي وسلطته الفكرية على النص فإن النص الروائي مع ربيع علم الدين (الذي يقوم أصلا على التجريبية التي يقصد بها عدم الالتزام بإطار سردي محدد) يتنقل من خلاله السرد من نقطة إلى أخرى يصعب معها تحديد مركزية للنص فيصبح بذلك السرد موضوعا بحد ذاته في هذه النصوص، وقدم أمثلة على أسلوب ما بعد الحداثة في روايات علم الدين التي تشمل إبراز الشكل البنائي للنص على أنه أكثر أهمية من المحتوى أو منافسا له، وفي نفس السياق فقد استطاع علم الدين تصوير الأدب (والفن بشكل عام) على أنه نرجسي متباه بنفسه، ومشيرا إلى ذاته بالدرجة الرئيسية وغير متصالح مع المجتمع أو مهتم بإصلاحه، واختتم الدكتور عزيزي محاضرته، كاشفا عن أن من يمعن في علم الدين في هذا البناء ما بعد الحداثي لنصوصه فأنه يشير إلى ضرورة طرح قضايا مختلفة وأكثر تعقيدا من تعريف هوية الأميركي العربي وقدرته على الترجمة الثقافية.