انطلقت الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور محمد بن علي العمري وشارك فيها الأستاذ الدكتور محمد مريسي الحارثي أستاذ النقد الأدبي في قسم الدراسات العليا بجامعة أم القرى حيث أكد أن الحداثة تدرجت حتى بداية القرن العشرين وعن الثقافة ظن المثقفون حينها أن هذه الحداثة هي من المبشرات التي قد تنقذ الأدب ، وأوضح الحارثي أنه قد عمل عددا من البحوث والكتابات حول أصول الحداثة العربية ، واشار إلى أن هناك آيتين من القرآن الكريم ولّدت فيه فكرتين منها آية (ما يأتيهم من ذِكرٍ مُحدثٍ إلا استمعوه وهم يلعبون ) والآية ( ومن يأتيهم من ذكر من الرحمن مُحدثٍ ..) وأكد على ضرورة التأسيس للحداثة العربية ، واستطرد الحارثي في كلامه حول تفكيك مفردات العنوان ، وأزمة الوثنية التي ذكرت في القران ونزع الشرك وإقرار التوحيد الذي هو بمثابة الظاهرة التغييرية وهو ما اشتركت فيه الديانات القديمة .. ثم تحدث الدكتور علي الموسى وأطلق عددا من الإحصاءات منها أن 37% من العالم يؤكدون بأن اللغة الإنجليزية هي اللغة الثانية وسيرتفع هذا العدد في 2040 إلى 60% وأن 35% من القنوات الفضائية تبث باللغة الإنجليزية ، مشيراً إلى أن اللغة الإنجليزية أصبحت مسيطرة على العالم وسط تراجع واضح وضعف كبير من قبل القائمين على اللغة العربية من متحدثين واساتذة. وقال : إن 18% من سكان العالم اليوم، يعيشون في جغرافية لغاتٍ أخرى لا علاقة لها بلغتهم الأصل، وأن 28% من سكان العالم أيضا، يكتسبون لغةً ثانيةً، ويعيشون حياتهم على دخلها ومصدرها، وأن الإحصاء ذاته يقول إن ثلثي سكان العالم، سيتحدثون الإنجليزية بعد ثلاثة عقودٍ من هذا اليوم. هنا يبرز السؤال، في وسط هذه الإرهاصات، وتحت تأثير هذين المعاملين الحيويين: هل بقي للغة من مكان في تحديد جذر الهوية؟ من جانب آخر أكد الدكتور زكي الميلاد أن اللغة ليست هوية مكتملة بل جزء من كل وتحددت بصورة رئيسة في خمس محطات، هي: المحطة الأولى: وحصلت في ظل تأثير الاستعمار الأوروبي الذي وضع هوية الأمة أمام تهديد هو الأخطر من نوعه على الإطلاق. المحطة الثانية: وحصلت مع انسلاخ تركيا عن المحيط الإسلامي، والتحاقها بالمحيط الأوروبي في العقد الثالث من القرن العشرين. المحطة الثالثة: وحصلت في مصر، في أزمنة متفرقة لكنها اشتدت وتصاعدت في ثلاثينيات القرن العشرين. المحطة الرابعة: وحصلت بتأثير ما عرف بتحدي الحداثة، التي اتخذت من الثقافة الأوروبية مرجعية لها. المحطة الخامسة: وحصلت بتأثير تحدي العولمة، وحصل فيها ما يشبه الانقلاب الجذري في تطور وتجدد النقاش والحديث عن فكرة الهوية في المجال العربي الحديث. وكذلك تحددت في عدة ملامح منها : أن العولمة جلبت معها أوسع حديث من الهوية في العلن بطريقة لم تحدث من قبل ، وأنها من الحالات النادرة التي تكون فيها الهوية بهذا المستوى من الاهتمام الكمي العابر ، وفي عصر العولمة لم يعد الانشغال بفكرة الهوية كما كان سابقاً بل تحول الى اهتمام إنساني عام ، وأن المجتمعات المتقدمة التي ظنت أنها تجاوزت أزمة الهوية واعتبرتها جزءا من الماضي ها هي ترتد إليها وتعود وتتحول إلى هم واهتمام للدفاع عن ثقافتها وقيمها أمام ما يسمى عندهم بالأمركة ، وآخر هذه الصور في الانطباع العام أن العولمة جاءت بتيار كاسح عرّض هذه الهويات إلى الخطر والطمس والتمزق ، بيد أنها أسهمت في تنبيه الهويات إلى ذاتها وأحرجتها من النسيان للتذكر ودفعتها لتنتفض من غبار الماضي . هذا وتحدث في الورقة الأخيرة من الجلسة الأولى الأستاذ الدكتور عبالواسع الحميري أستاذ الدراسات العليا بجامعة الملك خالد عن سؤال الهوية والاختلاف ، وطرح عددا من المحاور عن ماهية الاختلاف وكيفيته ، وقال في حديثه : ذكر في القرآن الكريم (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين … ) ، والاختلاف في الكينونة الإنسانية يمثل شرط التحول الحضاري من مرحلة الإنسانية إلى مرحلة المدينة والحضارية . هذا وأثارت ورقة الدكتور علي الموسى ردود أفعال كثيرة من قبل الحضور الذين وصفوا ورقته بأنها تطعن الهوية واللغة العربية ، حيث أساء عدد منهم فهم ورقته التي كانت تؤكد بأن قوة اللغة الإنجليزية لا تعني الهوية الإنجليزية في حين أن اللغة العربية الضعيفة كانتشار مؤشر على عدم وجود القوة العربية وسلطتها في العالم الحديث . اتسمت الجلسة الثانية من جلسات الملتقى بطغيان عاطفة العروبة والإسلام التي حكمت بعض الأوراق التي قدمها بعض الباحثين, وكذلك بجدلية الصوت الأنثوي الأحادي في الرواية النسوية. بدأت الجلسة التي قدمها الدكتور حسن النعمي وشارك فيها أربعة باحثين, بورقة للباحث الدكتور سعد الرفاعي بعنوان: "الهوية واللغة, هوية إسلامية … أم عربية؟" تحدث فيها عن التلازم بين العربية والإسلام, وأشار إلى أن اللغة العربية انتشرت مع الإسلام باعتبارها لغة العبادة والصلاة والفكر والتعاملات وأصبحت كرمز للإسلام الذي ساعد بدوره في رقيها وتطويرها وتعزيزها. وأشار الباحث إلى أن بعض الدراسات ترى بأن لغة القرآن جاءت مستقلة عن العربية الجاهلية إذ أنها نزلت من اللوح المحفوظ, وهو كلام الله وصفة من صفاته, لذا يقال أنه "كلام القرآن" وليس ألفاظ القرآن واستشهد بذلك ببعض الشروحات والمقولات لمختلف الباحثين كيوهان بك, ومحمود شاكر وبعض المستشرقين, مؤكدًا على أن اللغة والدين أمران متداخلان بشكل غير قابل للفصل. تناول بعدها الباحث الحديث عن القومية والدين متسائلا عن الإسلام هل يتطلب الانضمام للعروبة؟ موضحًا أنه حقٌ على كل من يهتدي للإسلام الحرص على تعلم العربية والحفاظ على تاريخها مستشهدًا ببعض الأقوال كقول الشيخ الغزالي: "لا انفكاك بين الإسلام والعروبة". ثم بدأت الدكتورة حنان أبو لبدة ورقتها المعنونة ب : "مكونات الهوية" شارحة الأصل اللغوي لمفهوم الهوية, واعتبارها مميزة للفرد أو الجماعة, وملفة النظر لعناصر الهوية كاللغة والدين والتاريخ والقيم الاجتماعية المكتسبة وغيرها. ثم بدأت الحديث بالتفصيل عن هذه العناصر, فالدين على سبيل المثال هو أصل تنبثق منه مجموعة من القيم التي تحدد ملامح الفرد والمجتمع, ومنه تمتد للتأثير على اللغة, وعلى الكثير من القيم المعاملات والسلوك الشخصي للفرد. مؤكدة أن الدين الإسلامي قد أوضح كثيرًا من التعاملات كالنظام الاقتصادي والمالي, والعقوبات معتبرة أن التدين ليس مجرد أداء للشعائر بل سلوك يظهر على الفرد. تطرقت الباحثة بعد ذلك إلى التأكيد على أن المسلمين في الوقت الراهن يواجهون كثيرًا من التحديات خاصة في محاولات تشويه الدين الإسلامي وعليه يجب التصدي لهذه المحاولات والحرص على البحث في القضايا الفقهية الجديدة. انتقلت الباحثة بعد ذلك للحديث عن اللغة بشرح معناها اللغوي شارحة أنها ليست أمرا فرديا بل هي طريقة للتخاطب والتواصل بين عدة أفراد وبالتالي هي عامل مهم لوحدة الأمة وعلى كل مسلم تعلمها لتستقيم العبادة حاثة على الاهتمام بها خاصة في مراحل التعليم المختلفة وفي الجامعات كنوع من الحفاظ على الهوية. وختمت بحثها باستعراض المكونات الأخرى كالتاريخ والمجتمع والمكان وبعدة توصيات أهمها استلهام المكونات السابقة لتوحيد المناهج العربية والاستفادة من الخبرات والكفاءات التي تعمل في الوطن العربي. بعد ذلك بدأ الدكتور والباحث حسين المناصرة ورقته المعنونة ب "تعددية الأصوات النسائية ومركزية الهوية النسوية". طرح الباحث في هذه الورقة اشكالية الأصوات والحالات النسائية في الرواية السعودية قائلا أنها تُفضي إلى صوت أحادي تُعبّر عن هوية نسوية جمعية, تشكّلت في سياق منظومة اجتماعية/ ثقافية ذكورية مهيمنة. معتبراً أن الكتابة النسوية ذات بنية نسقية أو نمطية في منظورها إلى واقع المرأة بصفته واقعًا مستلبًا أو ذا هوية مهمّشة, خاصة في تعبير هذه الكتابة عن قضايا المرأة وإشكالية رؤيتها للأسرة والمجتمع. استشهد الباحث بأربع روايات سعودية باعتبارها نموذج للحديث عن تعددية الأصوات النسائية ومركزية الهوية النسائية التي تشكل نسقا تاريخيا ثقافيا, يظهر جليا فيه الهيمنة الذكورية على النساء التي انعكست على الكتابة النسوية العربية والسعودية خاصة, وهذه الروايات الأربعة هي: "الأرجوحة" لبدرية البشر, و"بنات الرياض" لرجاء الصانع, و"البحريات" لأميمة الخميس, و"وجهة البوصلة" لنورة الغامدي. مؤكدًا أنه بالرغم من تعددية النساء في هذه الروايات التي بدت شكلية في سياق أحادية المعاناة, وتفشي الاضطهاد وهيمنة الاستلاب في منظومة مجتمع ذكوري هيمنت فيه عادات وتقاليد غير واعية وعمى ثقافي وحضاري وانساني في عموم السرد النسائي! وجاءت الورقة الأخيرة في هذه الجلسة للدكتور محمد الكحلاوي بعنوان: "الهوية والتقدم: المفهوم وسياقات العلاقة". وقد قامت هذه الورقة على مجموعة التساؤلات مثل: كيف نقارب مفهوم الهوية وما دلالة هذا المصطلح من الوجهة اللغوية المنطقية والفلسفة الحضارية؟ وكيف يمكن النظر لطبقات معنى مصطلح الهوية وتكوينه تاريخيا؟ وهل هناك هوية جوهرية أم هناك هويات متعددة مؤكداً أن الهوية ليست مفهوما ثابتا عبر التاريخ وليست نموذجًا جاهزًا يستخدم في التعريف بالذات وحسب. كما أشار الباحث إلى أن الهوية لا تتضح إلا من خلال الآخر مستشهدا بمقولة هيقل :"الأخر صورة من الأنا", لذا لا يمكن إدراك الذات إلا من خلال الآخر, ولا يمكن إعادة انتاج الذات إلا من خلال الآخر. ثم ذكر أن الهوية مركزية في كل حضارة ويتجلى من خلال اللغة بالمقام الأول باعتبارها وعاءً تتشكل فيه كيانها وفنونها, وأن صدمة الحداثة أوجدت لدى العرب الرغبة في التغيير والتجديد ليس في اللغة فقط. بدأت بعد ذلك مداخلات الحضور التي كان من أبرزها تساؤل الدكتور عاصم بني عامر الذي تساءل هل المسيحي العربي أو اليهودي العربي ينتمي للهوية العربية؟ والأمريكي الذي يتحدث الاسبانية لا يحمل هوية أمريكية؟ في تعريض للمبحث الذي ربط بين الإسلام والهوية العربية, وكذلك تساؤل آخر وُجه للدكتور حسين المناصرة حول صورة المرأة في الرواية الذكورية, هل هي بنفس الصورة كما في الرواية النسائية؟ وكانت إجابة الدكتور المناصرة أن الكتابة الذكورية تختلف مدى انحيازها للمرأة حسب موقعها مع تأكيده مجددا أن صورة الرجل يطالها كثير من التشويه في السرد النسائي. في اليوم الثاني للملتقى استأنفت جلسات الملتقى بالجلسة الرابعة التي أدارها الدكتور عبدالحميد الحسامي. وقدم الورقة الأولى الدكتور منذر ذيب كفافي متحدثا عن "تجليات الهوية في ديوان حسان بن ثابت, أسلوب التكرار نموذجا". وقد تناول الباحث الحديث عن ظاهرة الهوية وتجلياتها في ديوان الشاعر المخضرم حسان بن ثابت من خلال بيان دور التكرار في ذلك سواء كان التكرار في الافكار أو المعاني أو الصور العامة, أم كان التكرار في الأساليب الجزئية, أو تكرارا بديعيًا متمثًلا في التصريع والتضمين. ويشير الباحث إلى أن الاهتمام بظاهرة التكرار بأشكاله المختلفة يعد من الأدوات الفنية الرئيسة لإبراز الهوية في الأدب عامة, وفي الشعر خاصة, كونه يترك لدى المتلقي تيارًا من التوقع ويساعد على إعطاء العمل الأدبي وحدته الفنية. بدأت بعد ذلك الورقة الثانية في هذه الجلسة والتي قدمها الدكتور أحمد أبو بكر الجوّه ببحث عنوانه: "هوية التفكير البلاغي لعبد القاهر الجرجاني وحازم القرطاجني في علاقته بالإنشائية الإغريقية". وقد قدم الباحث فيها بعض المواقف البلاغية والنقدية للجرجاني والقرطاجني, مبينًا أن الأول قد عمّق الدرس البلاغي في سياق النظرية البلاغية القديمة, وأسس لبعض المصطلحات المهمة ولم يكن متأثرًا بالنظرية الإنشائية الإغريقية. أما القرطاجني فقد وضّح الباحث أنه يُعدّ الوريث الشرعي للنظرية الشعرية العربية لدى الفلاسفة المسلمين وأنه في بعض مؤلفاته توجد إشارات لتأثره بالتفكير الأرسطي. ويلمح الباحث أن القرطاجني أميل إلى مواصلة الجهود البلاغية العربية السابقة وأنه أقرب إلى روح التفكير في التجاذبات بين ما استقر من أصول هذا التفكير وما طرأ عليه من تحولات ممكنة بفعل الانفتاح على ثقافة الآخر المغاير. جاءت بعد ذلك الورقة الثالثة في هذه الجلسة قدمها الدكتور عبد البديع عبدالله إبراهيم والتي كانت بعنوان: "انتقال الهوية من الفكر إلى الأدب" ألمح فيها الباحث إلى قضية الهوية من ناحية "الدولة الوطنية" خاصة في العصر الحديث في أوربا ثم في الشرق, وما أثارته قضية العلاقة بين الشرق والغرب في القرن التاسع عشر والتي نالت اهتمام الباحثين. وقد أشار الباحث إلى ان هذه القضية عادت للظهور على السطح في القرن العشرين بعد أن تجدد الاتصال بين بعض الأمم المعاصرة والغرب وما برز معها من جديد الحوار بين الهوية العربية في تجلياتها الإسلامية والعلمانية الغربية وكيف برزت في أعمال أدبية مختلفة. وكانت الورقة الأخيرة في هذه الجلسة للدكتور صالح بن الهادي رمضان المعنونة ب "الهوية والآخر في الشعر الفلسطيني المعاصر". تحدث الباحث فيها عن الأبحاث التي تناولت مسألة الهوية الشعرية الفلسطينية وثقافة العولمة وما بعد الحداثة وقضية الأنا والأنا الآخر في الشعر الفلسطيني. وركز الباحث على الشاعر الفلسطيني نموذجًا مستشهدًا بأحد قصائده التي يقول فيها : " وأنت تُعدّ فطورك, فكّر بغيرك, لا تنس فطور الحمام" مشيرًا إلى أنه توجد فيها تربية جمالية في ربط الأنا بالآخر وفي ربط هويته من خلال الفضاء اللغوي. ويلخص البحث في عدة محاور أهمها مساءلة الثقافة الكونية أو الإنسانية من خلال الشعر الفلسطيني بعد السبعينات. بدأت بعد ذلك مداخلات الحاضرين والتي برز فيها تساؤل طرح الدكتور نبيل المحيش تساءل فيها عن الرأي حول بعض الكتاب الفلسطينيين الذين يكتبون باللغة العبرية بهدف المقاومة, وهل هذا يُنقص من انتمائهم وهويتهم؟ وكان رد الدكتور صالح الهادي بأنه لم يسبق أن أطلع على شيء من هذه الكتابات بالعبرية ولكن من حيث المبدأ فأن الكثير من الكتابات المغاربية التي كتبت باللغة الفرنسية وكانت سمتها الحديث عن الشخصية المغربية وصلتها بالاستعمار وما تستخدمه من حوار داخلي بين الهوية العربية والفرنسية, مؤكدا أن التبادل بين اللغات يؤخر اللغة الأصلية للكاتب. وانتهت الجلسة بتكريم المشاركين فيها وبمدير الجلسة قدمها الدكتور عبدالله بن إبراهيم الزهراني. وانطلقت الجلسة الخامسة التي قدمها الدكتور بورقة بحثية لأستاذة تحليل الخطاب، ونظرية الأدب، والسيميائيات، والتداولية أمينة بلعلي من دولة الجزائر عن استيراد الأشكال في الشعر العربي المعاصر وتفاعل الهويات ، واشارت في ورقتها إلى أن القراءة البديلة يجب أن تتحرر أولأً من سلطة الاسئلة الأولى وفرضياتها ونتائجها ويجب أن تكون النتائج مغايرة ، وقالت : غالباً ما تطرح قضية الهوية كإشكالية تقوم على التوصيف الآتي : الهوية كيان متصل بالتراث ، والهوية إتباع لما كنا عليه ، أو أن تكون بمعنى النقيض للاختلاف والحرية والتغير ، أو حالة إشكالية يجب معالجتها . ولا بد من معالجة التوصيف لإيراد الإشكال ، وبالنظر إلى الهوية قد نلخص كل ذلك في شكلين هما : النظرة التجزيئية الأحادية القاصرة التي تشكل على عنصر واحد لتنفي الآخر ، النظرة المثالية المطلقة القائمة على التعامل العاطفي ، ومن أجل إعادة النظر في هذين الوصفين يمكن القول أن الهوية ليست بنية مطلقة أو حتى معزولة ثم تتشكل وتنمو كالمثلث المتساوي الأضلاع ، ثم قالت : إن استيراد الأشكال في الحركة العربية الحديثة هو تعبير عن بحث الذات الشائعة في هويتها من خلال الصورة التي كتبتها بعلاقتها بالآخر . ثم استعرضت عددا من النماذج لشعر هايكو منها الشاعر محمد الأسعد وغيرهم . ثم انتقل الجميع لورقة – أستاذ التعليم العالي بجامعة منوبة، تونس، كلية الآداب والفنون و – متعاقد حاليا مع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- كلية اللغة العربية بالرياض الأستاذ محمد القاضي في ورقته الرواية العربية: تأصيل للهوية أم انصهار في الكونية ؟ حيث قال في ورقته : انطلقت من فكرة ملاحظة رواج الكبير للجنس الروائي في فترة زمنية قصيرة حتى اصبح جنساً كونياً وهو أول جنس أدبي كوني في تاريخ الآداب العالمية ، ولا يوجد أدق من الآداب القومية يخرج من الرواية و هذه الظاهرة تنشأ في موضع معين في ملابسات محددة فقط إما أن تكون اجتماعية أو اقتصادية أو حتى سياسية ، ورصد القاضي محطات كبرى في تاريخ الأدب العربي الحديث لليتوقف عند مسارين يلخصهما العنوان وهو كيف استطاعت الرواية أن وسيلة لتأصيل الهوية والمرحلة الثانية هي كيف حصل أن صارت مجالاً للانصهار في الكونية . وألمح إلى أن هناك روائيين يكتبون ما يعجب الآخرين لا ما يستدعيه الظرف المحيط ، ولا ما ينبني على التطور التراكمي الطبيعي ومنها حالتين : أولهما – كما أسماها – رواية الإثارة – كرواية بنات الرياض ونساء عند خط الاستواء وبرهان العسل وما كان ذلك إلا توظيفا للجنس وبذلك قد نكون ندخل للروايات الفضائحية ، والحالة الثانية : هي الرواية التفاعلية هي ظاهرة جديدة ربما أكثر القراء لا يعرفونها وهي تقوم على علاقة بين النص والمقومات التقنية الجديدة ، وقد سبقنا الغرب في ذلك ثم سطعت دول المغرب العربي . عقب ذلك تابع الحضور الورقة المقدمة من – أستاذ الأدب العربي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن ، الدكتور عبدالرزاق حسين في ورقته التي هي بعنوان دوائر الهوية في الشعر السعودي المعاصر حيث قال من ضمن ورقته : في ظل العولمة الثقافية تتصارع الأفكار وتتبدل الانتماءات وفي ظل هذا الاضطراب والتداخل تقف فئة من الذين رحمهم الله للتمسك بالهوية والثبات عليها ، وانطلق بعد البداية لعدد من الدوائر ومنها الدائرة الإسلامية ثم القومية ثم الوطنية ثم المكانية ثم الشعرية واللغوية ، واستنطق المحاضر الشواهد والقصائد وعناوينها على هذه الدوائر ، وضرب عدة أمثلة لسعد والدكتور القصيبي وخالد الفرج وابن عثيمين . ثم اختتم ورقته بقصيدة شعرية أهداها لمدينة أبها التي استضافت هذا الملتقى وامتدح فيها الطبيعة البكر وكرم الضيافة . عقب ذلك كان للدكتور يحيى عمارة أصوات الهوية في السرد المغربي الحديث – نماذج روائية ، وتحدث فيه عمارة عن موضوع الهوية وهو من الموضوعات الرئيسة التي عالجها الروائيون المغاربة ، وتوسعوا في الحديث عنها ، وأكد أنهم ووظفوا أبعادها في متونهم في كل ما أنتجوه ، واستعرض في الورقة للأسباب التي جعلت من الرواية المغربية رواية هوية بامتياز . كما تحاول من خلال دراسة نماذج روائية مغربية الإجابة عن مجموعة من الأسئلة من بينها: كيف يتأسس خطاب الهوية في المتن الروائي انطلاقا من النقد الغربي السردي الحديث؟ ما مفهوم الهوية في السرد؟ ما أشكال الخطاب الهوياتي في الرواية؟ كيف يتشكل صوت الهوية في الرواية العربية الحديثة ؟ ما مكونات الهوية في السرد المغربي الحديث؟ من الروائيون المغاربة الأكثر تعاملا مع موضوع الهوية؟ كيف تتشكل أصوات الهوية في الرواية المغربية مع كتاب الرواية الكلاسيكية ومع كتاب الرواية التجريبية؟ أين تكمن خصوصيات الهوية الذاتية وخصوصيات الهوية الكونية؟ هل استطاعت الرواية المغربية كسب هويتها وفرضها على باقي الهويات؟ ما مميزات الخطاب الروائي المغربي المعانق لإشكالية الهوية على المستويين السردي والجمالي؟ وقال أيضاً : أن الهوية أصبحت اليوم من أكثر وقت مضى أكثر تعقيداً للإنسان العربي نتيجة احتكاك الثقافات ومحاولة اعادة قراءة الذات أمام الطرف الآخر سواء أكان كائنا أم كيان ، وانطلق يستعرض عددا من الروايات التي يراها تحدد الهوية المغربية ، ورغم اختلاف الرؤى والافكار الى ان معالجة الهوية أصبحت ملحة ومن الأسباب السبب التاريخي ، والانفتاح على الآخرين دون وجود إقصائية . ثم أتت ورقة الدكتورة دوش الدوسري رئيسة قسم اللغة العربية وآدابها سابقًا . ووكيلة الشؤون التدريبية في عمادة التطوير وتنمية المهارات في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن التي هي بعنوان الموقف من الهوية العربية لدى شعراء السبعينيات والثمانينيات الميلادية السعوديين إلى الكشف عن موقف جيل شعراء السبعينيات والثمانينيات الميلادية السعوديين من الهوية العربية، من ناحية الرؤية؛ حيث يجلي المضامين الشعرية تجاه هذه الهوية حضورًا وانتماءً ،مساءلة ومعارضة ،تمردًا وثورة… إلى غير ذلك من الرؤى التي تكشفها دراسة النصوص. ومن ناحية الفن؛ حيث يكشف عن الأساليب الشعرية التي تناغمت مع هذه الرؤى، من حيث المفردة، والتركيب، والصورة والرمز. وقد كان الاختيار متركزًا على هذا الجيل لأنه عاصر أحداثًا عربية بالغة التأثير على هذا المضمون الشعري، كالحروب مع إسرائيل، وأزمات لبنان، وحروب الخليج المتتابعة، إلى غير ذلك من المؤثرات التي أحدثت أثرها في مساءلة الهوية العربية ومكاشفتها، إضافة إلى ما يتميز به هذا الجيل من رؤى تجديدية في الشعر السعودي على مستوى الفن ، وقالت إن الملامح العربية باتت نقمة على صاحبها وتشوش واضح بسبب الضعف والمآسي العربية ، واستشهدت بعدد من القصائد وتعاطيهم في ذلك كالشاعر عبدالله الرشيد أنموذجاً . عقبها كان الحضور على موعد مع ورقة تعدد الأصوات ومركزية الهوية في الرواية العربية للدكتور مصطفى الضبع أستاذ النقد الحديث و رئيس قسم البلاغة والنقد والأدب المقارن – كلية دار العلوم – جامعة الفيوم . حيث تناول فيها البحث عن الهوية كشف عن ضائع، والبحث فيها بحث عما هو قائم مغيب، و هوما يفرض على الباحث في الرواية العربية ثلاثة فروض : أولها : توسيع دائرة البحث وتنوع مجالاتها روائيا بحيث تتضمن مساحة البحث نصوصًا تمثل أكثر من بلد عربي وأكثر من جيل وأكثر من رؤية للعالم لروائيين يتنوعون بين الرجال والنساء. ثانيها : البحث عن الهوية، والبحث فيها محاولة مكاشفة الهوية عبر الذات أولا وعبر الآخر ثانيا ، محددة لنفسها مسارات حركتها المنجزة أهدافها . ثالثها : الربط بين الهوية وجمالياتها السردية المنتجة عبر النصوص حيث تتحول الرواية إلى مؤسسة للهوية ، مؤسسة لها طابعها الجمالي الدال. وتعدد الأصوات هنا ليس يعني تفتت الهوية وإنما يعني العمل على دعم مركزيتها والإبقاء على روحها وإن غابت بعض تفصيلاتها . وتتوقف الدراسة عند عدد منتخب من الروايات العربية منها : أحمد أبو دهمان : الحزام ،بثينة العيسى : ارتطام لم يسمع له دويّ، بشرى أبو شرار : شمس ، حياة الياقوت : كاللولو، ريم بسيوني : الحب على الطريقة العربية ، سحر خليفة : عباد الشمس ، سعود السنعوسي: ساق البامبو ، سناء أبو شرار : رحلة ذات لرجل شرقي ، وغيرها من الروايات العربية .وبدأت الجلسة السادسة من جلسات الملتقى بإدارة الأستاذ خالد الرفاعي, بورقة قدمها الدكتور والباحث التونسي: حاتم بن التهامي الفطناسي بعنوان: "الترجمة وصراع الهويات" وضّح فيها أن السؤال عن الهوية ما زال قائمًا محرجًا ملازما للوجود البشري ولكل أشكال الإنتاج الرمزي للإنسان منذ النشأة مرورًا بلحظة التقبل والتلقي تتحول فيها الرسالة من داخل المنظومة الثقافية إلى خارجها. وهو يقصد هنا الترجمة بكل مقتضياتها وبكل الإكراهات اللغوية والجمالية والحضارية التي تتعرض لها. ويؤكد الباحث أن المترجم يقع بين فكّي المقولة الأخلاقية: الوفاء والخيانة. فتصبح هوية الكاتب وهوية المترجم وهوية المتقبل أنماط شتى من الهويات تتفاعل كما تتفاعل المواقف عبر شبكة من العلاقات, ويزعم الباحث أن هذه المواقف تتراوح بين التراشح والاستفادة والتغذية المتبادلة وبين الصراع والبحث عن الجدوى والريادة. جاءت بعد ذلك الورقة الثانية في هذه الجلسة بعنوان: "الهوية العربية في المسرح النثري وتحديات العولمة" قدمها الأستاذ الدكتور محمد عبدالله حسين. وقد انطلق الباحث في ورقته من كون قضية الهوية والصراع بين الثقافات هي القضية التي تفرض نفسها بقوة على الساحة الأدبية والخوف من طغيان ثقافة على أخرى وتلاشي حضارة لحساب حضارة أخرى. ثم يؤكد الباحث بأن الخصوصيات الثقافية العريقة لا يمكن أن تتلاشى وإن اخترقت إلا المسرح فهو حسب رؤيته حالة مستثناة من هذا الاختراق لأنه يعبر عن موروث ثقافي للمجتمع بالإضافة إلى أنه فن جماعي يعتمد على الخصوصية الثقافية للمجتمع الذي ينبثق منه مثبتًا ذلك بقرائن تاريخية منذ بدايات المسرح. بدأت بعد ذلك الدكتورة صافية دراجي من الجزائر الحديث عن ورقتها: "الهوية في الجزائر: بحث عن الأصالة قراءات في الشعر الجزائري المعاصر" تعرضت فيها للشعر الجزائري المعاصر باعتباره صورة عن الذات والآخر بما تحمل من قناعات وانتماءات في ظل حيز يوجه رؤى الأفراد وأفكارهم وقناعاتهم. وتشير الباحثة أننا نجد في الشعر عموما رؤى مختلفة وزوايا نظر متباينة وقناعات خاصة وإن كان أغلب الشعر الجزائري المعاصر يصب في بوتقة البحث عن الأنا والانعتاق من عبودية الفكر والإنسان. أضافت بعد ذلك أن الشعر الجزائري الملتزم يتغنى بالثوابت التي تجسد الهوية الجزائرية عكس ذاك الذي ينشد للحرية والتحرر. ثم قدمت قراءة في الشعر الجزائري المعاصر الملتزم بالهوية الدينية والوطنية خاصة تلك التي نادى بها رائد حركة الإصلاح في الجزائر الشيخ "عبدالحميد بن باديس". ثم عرض الدكتور علي الشبعان من تونس ورقته التي تحمل عنوان: "ما معنى أن يكون للأدب هوية .. مقاربة تفكيكية" منطلقا من فلسفة التفكيك وأدواتها بهدف الإجابة عن مجموعة من التساؤلات مثل: بأي معنى يمكن أن نتناول مفهوم الهوية؟ وما وجه العلاقة بين الهوية والأدب متسائلا أهي علاقة احتواء وتضمن أم علاقة تنافر وبنيوية؟ وهل التمركز حول مقولة الهوية قتلا لها وإفقارا لغناء أصولها وإثراء مواردها. واستنادًا إلى المقاربة التفكيكية القائمة على تفكيك المصادرات وإبطال التوهمات ونقد المركزيات يتساءل عن كيفية استئناف التفكير في علاقة الهوية والأدب. وكانت آخر ورقة في هذه الجلسة من تقديم الأستاذ أحمد الهلالي, بعنوان: "صراع الهوية في الأدب السعودي, الرواية نموذجا". ناقش فيها الباحث المجتمع السعودي الذي يحتدم الصراع داخله بين جماعات تتشبث بالماضي وتقاوم العولمة, وجماعات أخرى تدعو إلى الانضمام للركب العالمي. موضحا أن الرواية السعودية زاخرة بهذه الصراعات واختار لتوضيح هذا ومناقشته روايتين هما: رواية "اختلاس" لهاني نقشبندي , ورواية "زوار السفارات" لمحمد الشمراني. تعرض قبلها إلى لمحة عن الواقع العربي تجاه مد العولمة ولمحة عن الواقع السعودي وصراع الجماعات. فُتح بعد ذلك المجال للمداخلات التي أثرت محاور النقاش خاصة فيما يتعلق عن كيفية توصيل رمزية الشعر في الشعر المترجم. وبنهاية الجلسة تم تكريم الباحثين المشاركين فيها ومدير الجلسة.وبدأت الجلسة الثامنة بإدارة الدكتور حسن حجاب الحازمي, حيث كانت الورقة الأولى الأستاذة سعيدة بشار وهي – أديبة ومترجمة وحاصلة على ماجستير في الأدب العربي – تخصص: تحليل الخطاب، بعنوان "تجليات الهوية في الرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية". وجاءت المشاركة الثانية لنايف معيض البقمي وهو مخرج ومسرحي سعودي .. بدأ ورقته بتعريف الهوية التي استمدها من الميلي وأنها كلمة مأخوذة من كلمة (هو) وهو جوهر الشيء وحقيقته ثم تساءل ما هي هوية مسرحنا التي نبحث عنها إذا كان المسرح في حد ذاته كائناً مستورداً، وهل هي هوية مضمون أم هوية الشكل ؟ أم المكان أم الفن والإبداع. سرد الباحث بدايات المسرح في مناطق المملكة ، وأهم ما يميز المسرح السعودي ، وختم ورقته عن أهم الأمور التي أدت إلى غياب الهوية في المسرح السعودي وكيف يمكن النهوض بالمسرح السعودي. أما الورقة الثالثة وهي لكريمة دغيمان العنزي وهي باحثة في مرحلة الدكتوراه تخصص بلاغة ونقد ومنهج الأدب الإسلامي، وعنوان الدراسة صراع هوية قصيدة النثر في رؤية النقاد العرب ، والهدف من هذه الدراسة إلى التجديد في الأدب ومدى ارتباطه بالهوية وعلاقته بها ، وتقدم الباحثة عددا من نماذج الرؤى النقدية التي تحدثت عن صراع الهوية في القصيدة النثرية عبر محورين: هوية قصيدة النثر ومكانتها في الأجناس الأدبية ، و هوية كتاب قصيدة النثر .. أما الورقة الرابعة فكانت من نصيب جميلة عبد الله العبيدي وهي حاصلة على الماجستير في الأدب العربي وعنوان الورقة المرأة وأزمة الهوية .. قراءة في المنجز السردي النسائي. وتحدثت هذه الورقة عن أدب المرأة وهويته المشكلة ، وتؤكد الباحثة في ورقتها عن أدب المرأة وتؤكد الباحثة في ورقتها أنها بإزاء خطاب اجتماعي حقوقي له أسبابه ونتائجه وخصوصيته، كما تؤكد ضرورة معرفة ماذا تريد النساء وكيف ينبغي لخطابها أن يكون، وتتطرق الباحثة إلى طرح عدة إشكاليات تتعلق بالأدب النسائي ومنها: إشكالية المصطلح، وإشكالية الوجود، وإشكالية الكتابة، والنقد والإنتاج الأدبي وخصائصه. في حين كانت الورقة الخامسة للدكتور بدر بن علي محمد المقبل وكيل عمادة شؤون الطلاب بجامعة الملك سعود وعنوان ورقته : الهوية الأجناسية بين التخفي والتجلي ، في رواية (معنى أن أكبر) للروائية ليلى الجهني أنموذجاً ، وذكر بأن الكاتبة السردية في العصر الحديث تتسم بقيامها على كثير من التلوينات الأجناسية ، ونتج عن ذلك تذبذب هوية الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه منجزه الأدبي بين التخفي والتجلي يتخذ هذا البحث من مدونة ليلى الجهني (40.. في معنى أن أكبر) أنموذجاً تطبيقياً فالمدونة تحتوي جملة من السمات الفنية لأنها تنتهج إلى فنون مختلفة وتطرق الدكتور إلى مبحثين تتكون منهما هذه الدراسة: ملامح الشخص – ملامح التجلي – وكل مبحث يشمل أنماطاً عدة.. المشاركة السادسة للدكتور عاصم بني عامر وهو أستاذ مشارك بجامعة الملك فيصل وعنوان ورقته : تشكلات الهوية في البنية اللغوية ، حيث قال أن هناك علاقة واضحة بين الهوية واللغة ، ويبين أن اللغة هي التي صاغت أول هوية لجماعة في تاريخ الإنسان فاللسان هو من صنع الجماعة الواحدة ذات الهوية المستقلة ثم يندمجان ليصبحان شيئاً واحداً. وتتناول هذه الورقة تموضع الهوية العربية ويعتمد تكوينها على المشابهة والتبعية في البنية اللغوية للغة العربية بمستوياتها الصوتي والصرفي والكتابي والدلالي والتركيبي. قدم للجلسة الأستاذ نايف الرشدان, وبدأ الحديث فيها الأستاذ عبد الوهاب آل مرعي, حيث أكد على ضرورة توافر عنصر الوصفية في الرواية الناجحة, وضرورة أن يكون الروائي وصفي تماماً, وتجنب الصدام مع أصحاب الفكر المُختلف, فيما أوضح أن الابتعاد عن النمطية والتقليدية من مزايا الروائي المميز, وأكد على أهمية أن تكون الرواية مسلية للقارئ, وتفتح له آفاقاً أوسع ومدارك أبعد, كما أضاف أن أي رواية لا تحتاج للتبرير مهما كان مضمونها, ونوه إلى أن تجنب استفزاز التيارات المُختلفة من شروط نجاح وتميز الرواية.. وأشار إلى أن الروائي الناجح لابد أن يتحلى بالخيال الخصب, والحس المرهف, والقدرة على قبول الأخر والحديث عنه بما لا يمس توجهه أو معتقداته.. وفي الشهادة الثانية, تحدث يحيى العلكمي بادئاً بقصة من طفولته, واستعرض أنه كان يتعمد أن يشاهد مسرحية (تحت الكراسي) للممثلين محمد العلي وراشد الشمراني أكثر من مرة, وقد أوضح في حديثه أن أول نص مسرحي قام بكتابته كان بطلب من أحمد سروي مدير جمعية الثقافة والفنون حالياً, وكانت مسرحية الطاحونة للمشاركة بها في الجنادرية, فيما قال "إن صقل الموهبة المسرحية تكون من الكادر التعليمي في المدارس والجامعات". وقد اشتمل الملتقى على عدة جلسات قُدّم أثناؤها ما يزيد على أربعين بحثًا علميًّا تناولت مسألة الهوية في علاقتها بالأدب في مختلف المنطلقات النظرية والمعرفية، إضافة إلى جلسة خصّصت لشهادات المبدعين في الشعر والرواية والسينما والمسرح. هذا وقد توزعت البحوث المقدمة على المحاور الآتية: – الهوية: المكونات والتحديات. – تجليات الهوية في الفنون والآداب. – الهويات بين التنوع والتضاد. – الهوية في تجارب المبدعين: شهادات وممارسات. وقد تناولت جلّ الدراسات مسألة الهوية في مفهومها وفي أبعادها الحضارية والثقافية التي تتكون من الدين، واللغة، والتاريخ، والحضارة؛ حيث تبيّن مدى ثراء هذا المفهوم وتعدّد تجلياته في مختلف مناحي الفكر والإبداع في الرواية والقصة والشعر والمسرح وغيرها من أشكال الفن والتعبير الجمالي. ولأهمية ما جاء في هذا الملتقى وما اشتملت عليه البحوث العلمية المقدمة يوصي الملتقى بالآتي: 1- نظراً لتميز الأوراق المشاركة في هذا الملتقى ولأهمية موضوعه ومحاوره ولطبيعته الدولية، ولاكتمال الإجراءات الإدارية والنظامية فإن المشاركين يوصون بأن يكون وصف هذا الملتقى مؤتمرًا، كما يوصون بأن يتحول إلى مؤتمر سنوي يختص بدراسة قضايا الهوية في الأدب والفكر والفن والحضارة. 2- طباعة البحوث المقدمة في كتاب المؤتمر وتداولها مع المؤسسات الأدبية والثقافية المحلية والإقليمية. 3- الدعوة إلى تكثيف الدراسات والبحوث حول مسألة الهوية؛ وذلك لأهميتها في هذه المرحلة من تاريخ أمتنا التي تشهد تحديات جدّية لمكونات هويتنا العربية والإسلامية. 4- يؤكد المؤتمر أهمية الاعتزاز بمقومات هويتنا المتمثلة في الدين واللغة العربية والحضارة الإسلامية اعتزازًا لا يعيق الانفتاح الحضاري والثقافي الإثرائي. 5- يرفض المؤتمر الدعوات النشاز التي تشكك في مقومات هويتنا العربية الإسلامية والتي من ضمنها لغتنا العربية، أو تحاول تهميشها أو مسخها تحت دعاوى العولمة التي قد تغدو ذوبانًا وتلاشيًا، أو تماثلًا ماسخًا. 6- يوصي المؤتمر المؤسسات الثقافية والتعليمية في العالم العربي بضرورة التعامل الواعي مع قضية الهوية مراعاةً لقيم الاعتدال والحوار. 7- انطلاقًا من مبدأ إقرار الخصوصيات الثقافية يوصي المؤتمر المؤسسات والمنظمات الثقافية الدولية بضرورة احترام التنوع الثقافي في كل أبعاده المختلفة ومجالاته المتعددة.