سبق وكُتبتْ في وسائل إعلامية متعددة مقالاتٌ كثيرة، شارك في صياغتها وكتابتها كوادر بيطرية خلال السنوات الخمس السابقة، وذلك بحثا وطلبا عن مميزاتهم وهويتهم التي تتنوع بتنوع الجهات التي هم تحت مظلتها، وبعضهم الآخر ما زال مجتهدا في المطالبة بما يراه حقا له. قرأت تعليقا لأحد الأطباء البيطريين السعوديين، وجاء في نص تعليقه على أحد المقالات التي تتحدث عن الكادر البيطري السعودي بكتابته «البيطري يحتاج إلى الدعم والإنصاف ومساواته بزملائه البشريين»، وفي نهاية تعليقه ختمه بكلمة «حسبنا الله ونعم الوكيل»، توقفت عندها، وقرأت اسم ذلك الطبيب، وخنقتني العبرة حينما قرأت اسمه. إنه الطبيب البيطري جلال الهاجري الذي تُوفي قبل أكثر من سنتين، وذلك نتيجة مرض كورونا، لقد عمل هذا الطبيب في وزارة البيئة والمياه والزراعة «وزارة الزراعة سابقا»، في مناصب عدة، حتى قبيل رحيله قام بإنشاء قسم الإرشاد البيطري بالأحساء، ونشر التوعية البيطرية بالأمراض بين أفراد المجتمع إلى آخر يوم في حياته. رغم مطالبته بتحسين الوضع العام للكادر البيطري، ومطالبته بتنظيم لها ولوظائفها تحت مسمى سلم الكادر البيطري، إلا أن هذا لم يمنعه -كطبيب بيطري- من تقديم رسالته البيطرية، منها رسالته في حماية غذاء الإنسان، وتوضيح أهمية المهنة، وأنها المسؤولة عن مراقبة المنتجات الحيوانية وفحصها في جميع المراحل، «من المزرعة إلى المائدة»، لضمان الغذاء الآمن في وطننا الغالي، وهذا ما سيكون عليه موضوع هذا العام الذي أطلقته الجمعية البيطرية العالمية «WVA» والمنظمة العالمية لصحة الحيوان «OIE» تحت عنوان «دور المهنة البيطرية في التنمية المستدامة لتحسين سبل العيش والأمن الغذائي والسلامة». فيا تُرى، ماذا خطط وماذا يتأمل، وما أحلام الطبيب البيطري السعودي لليوم العالمي للطب البيطري 2018؟ والذي سيُعقد على مستوى العالم اليوم 28 أبريل، إذ اعتاد كل عام الاحتفال به طوال أكثر من 3 سنوات في الرياض، وبإشراف وتبنّي من وزارة البيئة والمياه والزراعة، متمثلة في وكالة الثروة الحيوانية بالوزارة، والتي لم تدخر جهدا في إنجاحه كل عام، وأن تكون الحاضنة لجميع الأطباء البيطريين في جميع الجهات الحكومية خلاله، ولكن هذه السنة -وبموافقة كريمة من وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن الفضلي- تم نقل الاحتفال غلى محافظة الأحساء، وذلك برعاية كريمة من أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف، إذ تحتضن المحافظة أول كلية طب بيطري على مستوى دول الخليج العربي. يلعب الأطباء البيطريون السعوديون دورا حاسما في تأمين غذاء كافٍ وآمن عالي الجودة، وتحسين صحة ورفاهية الناس والحيوانات. وهي تسهم في ضمان وجودة الموارد الكافية للأجيال القادمة، خلال دعم تطوير نظم الإنتاج الحيواني المستدامة والمسؤولة والفعالة. وبالتالي، فإن للطبيب البيطري السعودي الأثر الإيجابي على مجموعة واسعة من مجالات التوظيف التي تقدم الخدمات لمصلحة المجتمع، وإيجاد الفرص الوظيفية لهم، فضلا عن دوره في توفير البيئة المناسبة لضمان صحة الإنسان والحيوان. إن الطبيب البيطري يستحق الكثير والكثير، ويجب أن نشترك في الدفاع عنه والمطالبة بتحسين بيئته الوظيفية، والتي تحسّن بعضها خلال السنوات الخمس الأخيرة، والمطالبة بالكادر البيطري الذي سيسهم في تنظيم المهنة. نعم، إلا الطبيب البيطري، فهو طبيب الصحراء، هو الذي يرفق بالحيوان ويعتني به لصحة الإنسان. نعم، إلا الطبيب البيطري الذي -كما يقول الدكتور إبراهيم الشبيث بتعريفه للطب البيطري- بأنه ممارسة طبية الغرض منها درء المرض عن الحيوان لصحة الإنسان. إنني متفائل جدا بأن تتحقق آمال وتطلعات زملائي الأطباء البيطريين خلال السنوات القادمة، وأن تكون بدايتها اليوم.