وصف ناقد الخطابات الأدبية، بأنها محكومة بقيم الحق والخير والجمال، بينما لا تخلو الخطابات الإعلامية من التلفيق والاختلاق، بسبب صراع الهويات والاحتماء بها. وأكد الدكتور سحمي الهاجري أن «التخييل» من نقاط القوة في مراحل بناء الهويات، لافتا إلى أنه في العقود الأخيرة ظهرت دراسات عن تخييل الهوية في الأدب، وكانت الرواية حاضرة دائما، ولكن قلما رأينا مثالا إبداعيا ينتمي لأدبنا المحلي. واستعاد الهاجري خلال محاضرته (الهوية والتخييل) التي أدارها الدكتور سعد البازعي، ونظمها الملتقى الثقافي بجمعية الثقافة والفنون بالرياض، رواية الحزام، قائلا «أستعير الليلة هذا النص الذي صدر في مطلع الألفية بقدرته على تعريفنا كيف تشتغل الخطابات التخييلية وطريقتها في بلورة الهويات وتوجيهها، خاصة أن هذه الرواية تنفتح على نحو موسع لمزجها بين الواقعي والتخييلي. سؤال الهوية أرجع الهاجري اختياره رواية الحزام إلى أنها النموذج الوحيد الذي ظهر فيه وعي واضح بشروط التخييل الذاتي، وأنها تستحضر الأساطير والأحلام والحكايات العجائبية والخرافية، مشيرا إلى ما سماه «تباعد المرجعيات» مرجعية الذاكرة عن القرية. وقسم الهاجري الهوية، لثلاث دوائر متداخلة، الدائرة الصغرى دائرة الهوية الجذرية كما نسجتها مئات القرون من الممارسة الحياتية، والدائرة الثانية دائرة الهويات الوسطى العرقية والدينية والإقليمية، والدائرة الكبرى دائرة الهوية الإنسانية الجامعة. وكان الهاجري قد مهد لمحاضرته (الهوية والتخييل) حول الكتابات السردية، لا سيما السيرية، بقوله إن الحديث مبني على ثلاث وقفات وأسئلة، ثم الختام أو الخلاصة، مبينا أنه عندما أعد الورقة كان على قناعة بأن سؤال الهوية، سواء على المستوى الجمعي، أو على المستوى الفردي هو «سؤال الوقت» كما هي العبارة التراثية، أو هو «المرحلة»، كما هي العبارة الحديثة، مشددا على أن «سؤال الهوية» هو إطار كل العصور، ولكنه مثل الإيمان يزيد وينقص حسب فترات الهدوء والاستقرار أو فترات الصراع والاحتدام! الثيمات الكبرى قال الدكتور الهاجري الارتباط بين الهوية والتخييل ارتباط بنيوي، فجل الهويات أساسا تنطوي على أجزاء متخيلة، ومع أنها متخيلة يؤمن بها أصحابها على أنها حقائق، ويعتبرونها من الثوابت والمسلمات، بل ربما دافعوا عن التخييل أكثر مما يدافعون عن الواقع هذا من جهة، أما من جهة ثانية فإن مسألة الهوية من الثيمات الكبرى وما يناسبها من مسائل التعبير والخطابات الكبرى. وركز الهاجري -كما قال- على الخطاب الأدبي مع الإلماح عن طريق المفارقة إلى الخطاب الإعلامي، وهما من أكثر الخطابات اشتباكا مع الهوية، مع تأكيده دائما على «تدقيق مهم وهو أن هناك فارقا بين الخطابين، فالخطابات الأدبية تظل محكومة في أغلبها بقيم الحق والخير والجمال، والخطابات الإعلامية لا تخلو في أغلبها من حالات التوجيه وربما التلفيق والاختلاق، بسبب تزايد حالات السيولة وصراع الهويات والصراع على الهويات والاحتماء بها أو إعادة تعريفها أو تحريفها وربطها بالمصالح والتحالفات والمواجهات». دوائر الهوية 01- الهوية الجذرية: نسجتها مئات القرون من الممارسة الحياتية 02- الهويات الوسطى: العرقية والدينية والإقليمية 03- الدائرة الكبرى: الهوية الإنسانية الجامعة