أخبرني أحدهم أن شابا كان له زميل في العمل يعاني سمنة مفرطة، وقام بكل المحاولات الممكنة التي بات بالفشل عدا آخرها، تلك المحاولة الطبية التي ساعدت في ترك الأثر الطيب، فقد تحول الشاب بعد مراحل العلاج إلى منتهى الرشاقة، وأصبح محور حديث الناس كقصة نجاح وإصرار، بعد ما كان الحديث حول سمنته وحركته البطيئة، فقد استطاع الشاب أن يجذب انتباه الآخرين بشخصيته الجديدة ومظهره الأنيق، ليس ذلك فحسب بل بدأ بتقديم النصائح الغذائية لآخرين خلال تجربته، ولكن ما كان غريبا في الأمر أن هذا الشاب بدأ بعد فترة بالاستهزاء بكل من يعاني سمنة أو زيادة الوزن، ويطلق عليهم عبارات قد تصل إلى حد التجريج، وهو يمارس على الآخرين الدور نفسه الذي مورس عليه من قبل، وكأنه ينتقم لذاته ويخبرها أن هناك من هو أسوأ منها، ونسى لحظة أو تناسى أن حاضر هؤلاء الأشخاص كان في يوم ما ماض له، بمعنى أنه كان يعاني فيه من الألم والتعب النفسي، ما كان كفيلا أن يكون مناصرا لهم وليس ناقما عليهم. هذه القصة وغيرها في نظري ما هي إلا حصيلة لما يعرف ب»بدانة العقول»، وهي عبارة عن تخمة العقل بمتعقدات سلبية وتفسيرات خاطئة، تسبب للعقل خمولا فكريا فتزيد كتلة العقل بما قل، ويصبح أثقل، ومن تلك المعتقدات أن مجرد الشكليات تكفي لتعيش، لذا من الواجب أجراء عمليات لاستئصال ما أثقل العقل، وقطع كل ما يتسبب في منع الاتصال وسلامة التفكير، وامتلاء العقل بما هو مفيد وجديد وكأنه بالون، وبذلك يعمل العقل لما خلق له، فتزيد مساحته لأنه تتحرر من تلك المفاهيم التي تعوق أكثر مما تفيد، وتمنع ولا تمنح، لذا لا بد أن نهتم بصحة عقولنا ولياقتها خلال الرياضة العقلية التي قد تكون كتابة أو قراءة أو رسم أو تذوق للفن، والأهم تقبل الآخر باختلافه وليس حسب شكله، كل ما نحتاج إليه هو مجرد أسلوب حياة، يسمح لأرواحنا أن تحيا ولعقولنا أن تعيش.