أكثر عبارة تفضح الثقلاء هذه الأيام؛ هي تلك العبارة الشهيرة المتداولة على الألسن، التي تقال بمناسبة وبلا مناسبة، حتى إنها أحياناً تسبق السلام وتبادل التحايا بين المتصافحين لدى قول أحدهم للآخر:» كأن وزنك زائد» ؟! يقولها الثقيل لمجرد الثرثرة، ولبلادته في اختيار الجمل المناسبة، حتى لأولئك الذين لا يعانون من بدانة زائدة، ولكن أنىَّ للثقيل أن يعلم أنه ثقيل، وأنىَّ له أن يفهم أن مايثرثر به ليس إلا جملة مجهرية تفضح تفاهة بعض العقول، وتكشف مدى تطفلها على غيرها، وإلا هل يعقل أن هذا البدين أو ذاك لم يعلم أن وزنه قد زاد حتى جاءه هذا الفضولي فأخبره بذلك ! كم عمرك، كم وزنك، متى داهمك الصلع، كيف أُصِبتَ بالبرص... وغيرها كثير من الأسئلة التي تكشف المزيد من المتطفلين في حياتنا، لا أدري من جاءنا بهذا الخلق الذميم، ومن الذي كرسه فينا، حتى استحال إلى أيقونة للثرثرة الفارغة، ليس على البدناء وحدهم بل حتى على المتصفين بالنحافة، حيث يُطرح ذات السؤال وبذات الفجاجة لدى تساؤل بعضهم:» كأنك نحفان» ؟! كم عمرك، كم وزنك، متى داهمك الصلع، كيف أُصِبتَ بالبرص... وغيرها كثير من الأسئلة التي تكشف المزيد من المتطفلين في حياتنا، لا أدري من جاءنا بهذا الخلق الذميم، ومن الذي كرسه فينا، حتى استحال إلى أيقونة للثرثرة الفارغة أحد السلف يقول: كنا إذا لقينا أحداً وألقينا عليه السلام، لا نسأله عن حاله خشية أن يشكو لنا الحال فنعجز عن مساعدته، أما أولئك المتطفلون فإذا لقيت أحدهم، فسيفتح معك تحقيقا يتهمك فيه بالشراهة، والتآمر على صحتك، وعدم الاهتمام بها، ثم يمارس عليك استاذيته على طريقة كُلْ هذا واجتنب هذا، ومارس الرياضة، ودع الكسل، وإذا كنت نحيفاً سيصف لك بعض الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية، وربما أوصاك بتناول بعض الخمائر لتنتفخ - بحسبه - كما تنتفخ الفطائر والمخبوزات ! أحدهم يقول: مللت أسئلة ثقيل كلما رآني أخذ يحاضر علي بأهمية الرشاقة، ويخوفني بأخطار السمنة، وليست هذه المشكلة ولكن المشكلة أنه بدين وذو سمنة زائدة ولكنه يوهم نفسه أنه رشيق، من خلال التفلسف على من هم أكثر منه سمنة، ليكون كالأعور بين العميان، فهل رأيتم ثقيلاً كهذا ؟! لغة التخاطب معيار يشف عن ثقافة الإنسان ومدى رقيها وسموها أو العكس، وحين ترفع رأسك وتنظر حولك فستجد الكثير من الثقلاء، ولا ضير في أن تعرفهم، ولكن احذر أن تكون أحدهم !