في الكويت، الكل بات يبحث عن الرشاقة. الشباب كما الكبار ما عادوا يقبلون ب «الكرش» الممتد والمترهل، والشابات مللن الأنظمة الغذائية القاسية وحتى الشخصيات العامة تختفي عن الأنظار فترة لتظهر بعدها في شكل أكثر رشاقة. يقول بعضهم إنه تغيير هندام أو «اتبعنا نظاماً غذائياً قاسياً»، فيما يعترف آخرون: «لا... أجرينا عملية تكميم للمعدة». تكميم المعدة بات أمراً منتشراً في الكويت حيث تجرى 700 عملية شهرياً وهو رقم قياسي بالمقارنة مع عدد السكان، لكن ذلك يأتي في وقت أظهرت آخر إحصائية عالمية أن الكويت في مصاف الدول الأكثر معاناة من السمنة. وصُنفت أربع دول خليجية هي الكويت وقطر والإمارات والبحرين، على قائمة أكثر عشر دول في العالم تعاني البدانة والسمنة، بنسب وصلت إلى أعلى من معدلات البدانة الطبيعية. فالكويت مثلاً أتت ثاني أكثر دول العالم سمنة بعد الولاياتالمتحدة، حيث يزن الشخص العادي حوالى 77.5 كلغ أي بمعدل 15.5 كلغ أثقل من المتوسط العالمي. لكن، كيف يعالج الكويتيون مشكلة السمنة المفرطة لديهم؟ روان تبلغ من العمر 30 عاماً، ووزنها تعدى ال90، تقول: «نفسيتي تعبت من وزني الزائد ومظهري، حاولت اتباع كل طرق التخسيس، حتى أقنعتني صديقاتي باللجوء إلى عمليات تكميم المعدة، وبالفعل أجريتها بعد موافقة أهلي واليوم أشعر بأنني شخص مختلف، وصرت فخورة بنفسي وبشكلي الجديد». علي، في العشرين من عمره، تعدى وزنه 80، نصحه الأطباء بإجراء العملية، لأن سمنته قد تودي بحياته. وبالفعل أجرى العملية بنجاح، ويقول: «اليوم يمكنني ممارسة حياتي في شكل مختلف وأشعر بالسعادة». أما إبراهيم، فيرفض تماماً إجراء العملية، على رغم سمنته ويوضح: «أخاف من هذه العمليات خصوصاً أننا نسمع عن حالات وفاة... أفضل إنقاص وزني بالطرق التقليدية». سياسيون، إعلاميون، فنانون وغيرهم خضعوا أيضاً لعمليات تصغير المعدة، للوصول إلى شكل أكثر جمالاً. ويكشف مسؤول صحي ل «الحياة» (فضل عدم ذكر اسمه) أن «هناك من يلجأ إلى العمليات الجراحية لإنقاص وزنه لأنها الطريق الأسهل، خصوصاً أن كلفتها المادية ليست عالية بالنسبة للوضع المادي للمواطن، فكل ما عليه إحضار الأجهزة التي تكلف حوالى 1200 دينار كويتي (4000 دولار)، إلى أي مستشفى حكومي، ناهيك طبعاً بالمنافسة بين الأطباء لإجراء تلك العمليات المربحة. فبعض الأطباء باتت هذه العمليات المفضلة لديهم، وبعضهم يجري ما يزيد عن 10 عمليات في الأسبوع». وهذا هو الواقع الذي عكسه إعلان وزارة الصحة الكويتية قبل فترة على لسان أحد مسؤوليها أن الكويت أكثر دول العالم تسجيلاً لأرقام عمليات تكميم المعدة قياساً بعدد السكان، مع 5000 إلى 6000 عملية سنوياً». وفي سؤال عن الجانب الصحي وليس فقط الجمالي لتلك العمليات، يقول استشاري جراحة السمنة والأورام والجهاز الهضمي في الكويت الدكتور محمد الجارالله: «هي علاج ناجح ولكن، يجب أن يكون من خلال مراعاة الأسس العلمية لاختيار المريض المناسب والعملية المناسبة والتدبير الكامل للجراح لإتمام الإتقان وتقليص المضاعفات لأقل نسبة وكذلك توافر الأجهزة الحديثة وغرف العمليات المناسبة». ويرفض الجارالله الذي شغل منصب وزير للصحة (1999 - 2005) أن يتم الحديث عن السمنة في شكل منعزل عن خطورتها على المريض، وكذلك يرفض انتشار المفاهيم الخاطئة عن وسائل علاج السمنة، «سواء المديح المسرف أم الانتقاد غير العلمي، واتخاذ الحالات الفردية الناجحة أو الفاشلة كأمثلة للتوصل إلى قناعة من خلالها، فهذا له أسوأ الأثر في تضليل من هم في أمس الحاجة لعلاج السمنة». ويؤكد أن الكويت تعتبر الأولى عالمياً في عملية الاستئصال الطولي للمعدة، بالنسبة إلى عدد السكان، داعياً إلى تحقيق شعار «المعرفة بدلاً من الخوف». ويقول: «أظهرت دراسات طبية أجريت في أوروبا على أكثر من 22 ألف مريض أن العلاج الجراحي أكثر فعالية من الريجيم بعشرين ضعفاً في خفض أمراض السمنة ومضاعفتها من خلال تحسن أو شفاء أمراض السكر والضغط والقلب والمفاصل والتهاب الجلد والجهاز الهضمي وزيادة الخصوبة لدى النساء للحمل والتحسن الكبير في التنفس وانخفاض في الكوليسترول ومعدلات الإصابة بالسرطان». لكن نسبة نجاح العمليات لا يعني أن الجميع مرشح لها. فهي تجرى لمن لديه مؤشر كتلة 40 وما فوق أو 35 وما فوق مع وجود مرض مصاحب للسمنة كالضغط أو السكر أو الديسك. أما بالنسبة لحلقة المعدة فقد بدات مراكز كثيرة تجريها لأوزان يقل مؤشر الكتلة فيها عن 35 ولأعمار تتراوح بين 18 و60 عاماً. لكن هناك استثناءات، مثلاً أن تكون السمنة المفرطة شديدة وبازدياد مضطرد يؤثر في صحة الطفل أو المراهق.