تواجه الحكومة التركية خلال هذه الأيام لحظات عصيبة، لا سيما في ضوء المتغيرات وتنوع التحالفات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط من جهة، والعالم من جهة أخرى. وتساءلت تقارير عن مدى تحمل أنقرة لمثل هذه الأزمات، وذلك في ضوء هبوط أسعار النفط العالمية، وتدني سعر العملة المحلية، ووجود توترات على عدة جبهات تهدد أمن وسلامة حدودها، مرورا بأزمة كردستان، وتحرك الميليشيات الكردية في سورية، والتدخل العسكري في إدلب، وانتهاء بتوتر العلاقات مجددا بين القوتين العظميين موسكو وواشنطن. عودة التوترات يشير مراقبون أتراك إلى أن هاجس توتر العلاقات بين أنقرة وواشنطن منذ عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، بدأ يعود تدريجيا خلال الفترة الراهنة، خاصة أن أنقرة كانت تعول على إدارة الرئيس دونالد ترمب لتحسين أجواء العلاقات ودفعها إلى الأمام. وتتمحور خلافات العضوين في حلف شمال الأطلسي «ناتو»، حول عدة نقاط، أبرزها دعم إدارة ترمب المستمر للميليشيات الكردية في سورية بشكل واضح ومباشر، إلى جانب رفض التجاوب الأميركي مع المطالب التركية في تسليم الداعية فتح الله غولن، المتهم في تركيا بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة، وانتهاء بوقف إصدار التأشيرات، مما فاقم في تأزم العلاقات وأعادها لمربع الصفر مجددا. خلافات مع موسكو على صعيد متصل، تصاعدت لهجة أنقرة سلبيا ضد الحليف الشرقي الأقوى وهي روسيا مؤخرا، وذلك بعد تلويحها بإلغاء عقد صفقة منظومة صواريخ S400 الروسية المتطورة، نتيجة خلافات حول إنتاجها المشترك، وهي خطوة قد تربك العلاقات التي تحسنت بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، بعد توترها إثر إسقاط أنقرة طائرة روسية قرب حدود سورية. عملية غامضة يأتي ذلك، فيما تخوض القوات التركية معركة غامضة المعالم في إدلب السورية، وذلك عقب انشقاق فصائل بارزة عن هيئة تحرير الشام الموالية لتنظيم القاعدة، والتي تقول أنقرة إنها تخوض معركة ضدها في الشمال السوري. وأوضحت مصادر مقربة من العمليات التركية، أن أنقرة قادت مساعي لعزل هذه المجموعة وتسلم مدينة إدلب منها، في وقت تشكل هذه المحافظة، واحدة من أربع مناطق سورية تم التوصل حولها إلى اتفاق لخفض التوتر في مايو الماضي، في إطار محادثات آستانا برعاية موسكو وطهران، وتم استثناء المجموعات المتطرفة وأبرزها داعش وجبهة النصرة. ويرى محللون أن لتركيا العديد من الأهداف وراء تدخلها الثاني في سورية، أبرزها إنهاء الأطماع الكردية، وتطهير الحدود المشتركة، وضمان موطئ قدم في سورية.