في انتظار أن تفتح الطائرة أبوابها في رحلة العودة إلى مدينتي بريدة عبر دبي الحبيبة أتأمل وجوه المغادرين وحقائب القادمين المترعة بالأشياء في صالات المطار ونظراتهم الصامتة في عوالم الأسفار الرحبة، استوقفتني كثرة العمالة الباكستانية والأفغانية الجالسة بجانبي وأمامي في كراسي الانتظار، اعتقدت بأنني أجلس في المكان الخطأ! فالمشهد العام يوحي بأنني سأقلع إلى مطار كراتشي أو كابل! صعدنا الطائرة وعقلي المسكون بالأسئلة يبحث عن سر هذا العدد الكبير القادم لبريدة، قلت أيعقل أن يكون وفدا سياحيا زائرا للعقيلات مثلا! تدافعنا عبر سلم الطائرة للوصول لمقاعدنا، حمدت الله أن جلس بجانبي أحد الإخوة الباكستانيين لأستكشف منه حقيقة ما يجري كضابط تحرٍّ مبتدئ! ألقيت التحية بابتسامة صادقة أجاب بلغة عربية متكسرة ولكنها قادرة على الصمود أمام مدة الرحلة القصيرة، سألته عن السر الكامن خلف هذا العدد القادم للقصيم، أجابني بفخر الفاتحين «هذا موسم تمر»، هنا ضربت على جبهتي كحسرة إخفاق اللحظات الأخيرة من سباق ما، كيف لم يخطر ببالي ذلك، فمهرجان تمور بريدة على الأبواب، سألته بعد أن طلبت من المضيفة فنجاني قهوة عن آلية العمل في موسم التمور، قال نحن نستأجر مزرعة من المالك السعودي بمبلغ محدد ونقوم بكل شيء وحين انتهاء الموسم نغادر إلى أوطاننا ونعود بهذا التوقيت كل عام، قلت احتسِ القهوة يا صديقي فأنتم تستحقون، فلكل مجتهد نصيب، وشحت بوجهي للنافذة أرى المدينة من أعلى والطائرة توشك على الهبوط، متذكرا أصدقائي العاطلين الذين يتذمرون عن شح الوظائف وأمامهم ثروات باستطاعتهم استثمارها وتحقيق عوائد مالية مذهلة، فإيرادات مهرجان التمور للعام المنصرم تتجاوز المليار ريال! وقلت لنفسي الأمارة بالأسئلة ترى ماذا لو ظلت أرامكو تدار من قبل الأجانب حتى الآن، فالنخيل والنفط أحد أهم روافد اقتصادنا الوطنية التي يجب أن تدار بسواعد أبنائها لتستقيم بخطى مواكبة لرؤية 2030 الطموحة، حفظ الله الوطن.