وسط مفارقات عديدة على الساحة السورية، برزت بوضوح عقب توقيع اتفاق المناطق الآمنة بسورية في اجتماع أستانة 4 الأخير، أبدى مراقبون استغرابهم لما تضمنه الاتفاق من تولي روسياوإيران الداعمتين لنظام الأسد، إلى جانب تركيا الداعمة للمعارضة، مراقبة اتفاق التهدئة بالمناطق الآمنة، فضلا عن وجود تجاذبات عديدة بين جميع الأطراف. وكان الاتفاق قد تم بمبادرة روسية. وتشمل محافظات إدلب وشمال حمص وجنوب سورية والغوطة الشرقية، على أن ترسم حدود هذه المناطق لتجنب وقوع اشتباكات بين الأطراف المتنازعة، وأن تقام نقاط تفتيش على هذه الحدود لضمان حرية الحركة للمدنيين. وتضمن الاتفاق تشكيل لجنة خبراء مختصة لرسم حدود هذه المناطق، على أن تعرض قبل يوم 27 من الشهر الجاري. تناقض الأهداف حسب المراقبين فإن النظام السوري وعلى لسان وزير خارجيته، وليد المعلم، رفض مساهمة الأممالمتحدة في مراقبة المناطق الآمنة، فيما أبدى قبوله بدور أمني روسي، وتجنب الإشارة إلى إيران، كما رفض أي دور لتركيا، لتبقى روسيا صاحبة المشروع في الواجهة، كما تدرك موسكو أن المعارضة تتشكك في دورها، وترفض قطعيا أي دور لإيران، وهو ما عبرت عنه بانسحابها من المفاوضات، ويستنتجون من ذلك أن نجاح الخطة يحتاج إلى أطراف أخرى، وهذا يصعب تحقيقه من دون غطاء دولي وعربي. وأضافوا أنه لهذا السبب طرحت موسكو مشروع قرار على مجلس الأمن، يقضي بدعم اتفاق أستانة الأخير، ولوّحت مع زيارة لافروف إلى واشنطن باستعدادها لإبعاد إيرانوتركيا عن المرحلة التنفيذية للاتفاق. ونقلت صحيفة «إيزفيستيا»عن مصدر في الخارجية الروسية قوله بأن موسكو ترى أن مراقبة تنفيذ الاتفاق يجب أن تقوم بها قوات من دول غير إيرانوتركيا، وأن الوجود الأجنبي في هذه المناطق يجب أن يساعد على تخفيض مستوى التوتر، كما أن إرسال القوات الأممية إلى هذه المناطق غير وارد. تحركات مبررة أوضح نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، أندريه كليموف، أن تسوية النزاع هي مهمة الشعب السوري، وأن وجود موسكو يجب أن يتحدد وفق هذا الهدف، كما يجب أن يشمل تركياوإيران. بدوره، قال مدير المعهد الروسي للمشكلات الإقليمية، دميتري جورافليوف، إن سعي موسكو للنأي بنفسها واستبعاد إيرانوتركيا عن الوجود في هذه المناطق له ما يبرره، فالأخيرتان لديهما في سورية مصالح متعارضة تماما. ووفقا لخبراء روس فإن هناك عراقيل عديدة على طريق إنشاء مناطق تخفيف التوتر، من بينها موافقة نظام الأسد والمعارضة على المقترحات بشأن حدودها، مشيرين إلى أن هذا الأمر ليس سهلا، وأضافوا أن التحرك الروسي الأخير يمثّل خطوة أولى على طريق ضمان رقابة مستقلة فعلا. أهداف موسكو - إسباغ شرعية دولية على الاتفاق - التخلص من الميليشيات الطائفية - تقليص نفوذ إيران في سورية - الانفراد بالتحكم في الشأن السوري - استخدام الأزمة كورقة سياسية - مساومة الغرب لرفع العقوبات - ضمان مصالحها في المنطقة