فيما يواصل التحالف الدولي بقيادة واشنطن عملياته العسكرية ضد تنظيم داعش في سورية والعراق، وحشد المجتمع الدولي لخطوات مقبلة تتعلق بمصير الأسد وشكل الحكم في سورية، استمرت روسيا في سياسة «التنديد» و«الشجب» و«استخدام حق الفيتو» للمرة الثامنة على التوالي، محتفظة في الوقت نفسه بالعلاقات مع بشار الأسد ونفوذ ضئيل في مركز دمشق. في هذا الصدد تطرقت صحيفة «إزفيستيا» الروسية إلى مسألة تحالف موسكو مع الغرب في مكافحة الإرهاب، مشيرة إلى دعوات روسيا للقيام بعمليات مشتركة ضد الإرهاب في سورية، ولكن على أسس قانونية. والأسس القانونية تعني، حسب وجهة نظر موسكو، هي التنسيق مع الأسد، والترتيب معه، حتى وإن وجدت جيوش كل دول العالم في سورية. ونقلت الصحيفة عن مصدرين بالدوائر الدبلوماسية الروسية، أن موسكو لن تنضم إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش في سورية، رغم دعوات ساسة الغرب المتكررة، وأن القرار مرتبط قبل كل شيء بكون العمليات، التي يقوم بها التحالف في سورية، غير شرعية من وجهة نظر موسكو ونظام الأسد. وأشارت الصحيفة إلى ما ذكره رئيس لجنة الشؤون الدولية في المجلس الفيدرالي الروسي قسطنطين كوساتشوف، بأن روسيا والغرب بحاجة إلى تحالف دولي فعال، لكن لا بد من تنفيذ شروط معينة لتأسيسه. التفاف روسي كان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون قد دعا روسيا قبل أيام إلى «اختيار الجانب الصحيح»، وإلى محاربة الإرهاب في سورية مع بقية دول العالم. ورأت تقارير روسية أن رفض موسكو لهذه الدعوة، جاء باستعلاء شديد، بصرف النظر عن مبدئية هذا الرفض من عدمها. ولم تكن دعوة جونسون هي الأولى من نوعها، بل سبقتها دعوات كثيرة منذ أيام إدارة الرئيس باراك أوباما. ولكن موسكو تريد تعاونا يحقق مصالحها، وتدعو إلى صيَغ مطاطة وغير واضحة تبقي على بشار الأسد في السلطة، وتعمل على ترقيع سياساته، على اعتبار أن هذا هو المتاح. وترى موسكو أنه «من أجل تشكيل تحالف دولي لا بد من شرط واحد وهو تحديد أهدافه بدقة ووضوح، أي القضاء على الإرهاب في سورية، وألا تكون هناك أهداف مخفية من قبل التحالف الغربي، ومن بينها إزاحة بشار الأسد. مكاسب بسورية تحدثت التقارير عن أن موسكو لن تتخلى بسهولة عن الأسد، إلا في حال حصلت على ضمانات حقيقية مكتوبة بحصتها في سورية، وبمشاركتها في تشكيل الحالة السياسية في ما بعد رحيل النظام القائم. وفي المقابل، رأت نفس التقارير، أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها لن يتخلوا عن فكرة حصار الأسد وتقليص مساحة نفوذه إلى أن يتم رحيله. وركزت التقارير على أن هناك تنسيقا بين الولاياتالمتحدة من جهة وبين أوروبا من جهة أخرى. وهناك أيضا تنسيق بين الدول الأوروبية، وتنسيق آخر بين كل حلفاء واشنطن، بما في ذلك أنقرة. كل ما في الأمر أن روسيا تظهر أمنياتها وكأنها الواقع. وبعد أن تقوم بإظهار هذه الأمنيات، تعود لتندد وتشجب، وتعارض مواقف الغرب التي تدعو إلى التخلي عن مساندة الأسد. تحالفات مضرة قالت صحيفة «ديلي تليجراف» البريطانية إن هناك مصالح مشتركة بين روسيا والغرب، مشيرة إلى أن الاقتصاد الروسي يعاني جراء العقوبات ضد موسكو بعد ضمها شبه جزيرة القرم في 2014، وأن أي عقوبات إضافية ستزيد من معاناة الشعب الروسي، وأن بوتين في عزلة كبيرة لدرجة إصدار الكرملين بيانات مشتركة مع ميليشيا حزب الله، التي يعتبرها الغرب تنظيما إرهابيا. ولكن صحيفة «التايمز» البريطانية، تعتبر أن العلاقات بين روسيا والغرب دخلت نفقاً مظلماً، لأن الأولى تطالب الجميع بإغماض عيونهم عن دعمها للأسد، وهو ما يمكنه أن يهدد بحرب حقيقية، في حال تركها تفعل ذلك. وفي المقابل يعمل الغرب على توظيف العقوبات الذكية لفك الارتباط بين الكرملين ونظام الأسد وإيران. نقلت التقارير ما ذكره وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، أن «تحالفات روسيا مع الأسد وإيران وحزب الله لا تخدم مصلحتها، ويجب عليها التحالف مع الولاياتالمتحدة وحلفائها».