شددت موسكو من لهجتها حيال واشنطن عشية زيارة وزير الخارجية ريكس تيلرسون وألغى الرئيس فلاديمير بوتين لقاء كان مقرراً معه، وسط تحذيرات روسية من «الوصول الى نقطة اللا عودة في علاقات البلدين»، في وقت لوحت بريطانيا وكندا بفرض عقوبات على روسيا مالم تتوقف عن دعم الرئيس بشار الأسد. وأعلن الكرملين ان «الضربات الأميركية في سورية أظهرت عدم وجود رغبة لدى واشنطن في التعاون مع روسيا». وانتقد الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف بقوة «التوجهات الأميركية التي دلت الى تجاهل اهمية ان نأخذ مصالح بعضنا بعضاً في الاعتبار». وقال ان «جدول أعمال الرئيس فلاديمير بوتين لا يتضمن حالياً عقد لقاء مع وزير الخارجية الأميركي». وكان لافتاً ان الكرملين لم يعلن بعد الضربة الأميركية على قاعدة الشعيرات عن تبديل في برنامج اعمال الزيارة الذي تتضمن محادثات مع بوتين، لكن اوساطاً ديبلوماسية روسية قالت ان التصريحات المتتالية التي صدرت عن اركان الإدارة الأميركية وحملت «طابعًا عدائيًا» لروسيا دفعت موسكو الى التشدد بانتظار ما سيعرضه تيلرسون خلال اللقاء مع الوزير سيرغي لافروف. اضافة الى رغبة روسية في انتظار ما سينتج من لقاء «مجموعة الدول الصناعية السبع الكبار التي عقدت اجتماعاً امس، وسط دعوات لفرض عقوبات على روسيا على خلفية «دورها في الأزمة السورية». وكانت اشارات متباينة صدرت عن الإدارة الأميركية خلال الأيام الأخيرة، وعلى رغم اشارات الوزير تيلرسون الى ان «الهدف الأساسي لواشنطن يبقى مكافحة الإرهاب وتوحيد الجهود في هذا الاتجاه»، وهي اشارة اثارت ارتياحاً في موسكو، لكن تصريحات مندوبة الولاياتالمتحدة لدى مجلس الأمن نيكي هايلي حول أن الرئيس دونالد ترامب يدرس إمكانية فرض مزيد من العقوبات ضد روسيا، اثارت استياء واسعًا، خصوصاً انها تزامنت مع عودة مسؤولين غربيين الى طرح ملف «اطاحة الرئيس السوري بشار الأسد». وقال الناطق باسم الكرملين إن موسكو «ليست مستعدة الآن للتعليق على تصريحات المندوبة الأميركية في الأممالمتحدة ولم نسمع بعد أي تصريحات واضحة أدلى بها الرئيس ترامب أو ممثلوه». وأكد بيسكوف أن موضوع مصير الأسد ليس مطروحًا، مؤكدًا انه «لا بديل من مفاوضات جنيف وآستانة لدفع التسوية السياسية». واعتبر ان «المحاولات المزيفة لوضع مسار للتسوية عبر رحيل الأسد ليست عملية ولن يكتب لها النجاح». تزامن ذلك، مع صدور تحذيرات في موسكو من ان الدعوات الصادرة في الغرب حول تشديد العقوبات على روسيا، والتلويح بضرورة شن عمليات عسكرية اخرى في سورية، من شأنها ان تقطع آخر محاولات تطبيع الوضع مع روسيا. وقال قسطنطين كوساتشوف، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، إن «الرئيس الأميركي سيعبر نقطة اللاعودة في حال فرض عقوبات جديدة على روسيا لدعمها الحكومة السورية». وزاد ان «ترامب سيسير على طريق خطر» في حال فرض عقوبات جديدة لأنه «لا يمكن إطعام الذئاب في واشنطن الذين لن يشبعوا أبدًا، على حساب الأغنام» موضحًا ان المقصود التضحية بعلاقات جيدة مع روسيا وفرص مواجهة العدو المشترك الإرهاب. ووصف حديث نيكي هايلي، عن امتلاك واشنطن «أدلة سرية قاطعة» تثبت استخدام الطيران الحربي السوري للأسلحة الكيماوية في خان شيخون بأنها تعكس «الوقاحة الأميركية المبنية على التلاعب بالحقائق والكذب». داعيًا واشنطن بدلاً من التلويح بعقوبات جديدة الى الكشف عن «ادلتها السرية». وكان لافروف حذر في وقت سابق من خطورة الوصول الى مرحلة تزيد من صعوبة اصلاح العلاقات مع واشنطن. وعلى رغم اجواء الاحتقان الزائد عشية زيارة تيليرسون، فإن موسكو تركت الباب مواربًا لاحتمال تقريب في وجهات النظر حيال الملف المتفق عليه، وهو مكافحة الإرهاب. وأعلنت الخارجية الروسية انها اعدت مشروع اتفاق مع واشنطن عنوانه مكافحة الإرهاب في شكل مشترك ويهدف الى اعادة الزخم لأفكار التعاون وجس نبض الطرف الأميركي خلال الزيارة. وكشف نائب رئيس قسم التحديات والتهديدات الجديدة في وزارة الخارجية الروسية دميتري فيوكتيستوف أن موسكو تتطلع للتعاون مع الولاياتالمتحدة من أجل الحصول على دعم مجلس الأمن الدولي لفرض حظر تجاري-اقتصادي على تنظيم «داعش». في لندن، اتفقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ونظيرها الكندي جاستن ترودو، على تقديم دعم مشترك للخطوات التي تتخذها الولاياتالمتحدة في إطار تعاملها مع الأزمة السورية. وأوضح مكتب ماي انهما بحثا في اتصال هاتفي، التطورات الأخيرة في سورية «بما في ذلك، وبالدرجة الأولى، الضربات الأميركية ضد قاعدة الشعيرات العسكرية السورية واتفقا على دعمهما اعمال الولاياتالمتحدة التي نعتبر أنها مثلت رداً مناسباً على الهجوم البربري باستخدام الأسلحة الكيماوية من النظام السوري». وأشار الجانبان، إلى أهمية دور روسيا في سياق تسوية الأزمة السورية، مشددَيْن على ضرورة أن تستغل نفوذها السياسي على السلطات السورية بغرض ضمان التوصل إلى حل لهذه القضية». وقال رئيس الوزراء الكندي ان بلاده تدعم فرض عقوبات اضافية على روسيا. وأضاف: «ليس هناك شك في انه في المديين القصير والطويل، سورية المستقرة لن تتضمن الأسد».