لما كان التعليم هو طوق النجاة لسائر الأمم من الغرق في وحل الجهل، كان الانشغال به أصل كل شيء، وإهماله منشأ كل شر. كان لابد من وقفة تعزز قيمة المواظبة والحضور المدرسي طوال الأسابيع الدراسية، لاسيما أنها من أقوى البواعث لتقييم السقف المعرفي لدى المرء المتعلم. فإنه إذا أدرك المتعلم قيمة شيء ما، وماهيته عز عليه تركه، وصعب فواته، وكان أكثر حرصا وتأنيبا للضمير في حال تسويفه أو إهماله. لذا لطالما سمعنا بالأسبوع الذي يطلق عليه محليا بالأسبوع «الميت» الذي يكون قبل وبعد الإجازات الرسمية، والغياب فيه ينعكس سلبا على سير عجلة التعلم بشكل عام، وتربويا بشكل خاص، وهذا ما يولد الانحدار على المستوى الطلاب دراسيا، وربما يؤثر على منهجيتهم في الحياة، ويحطم مجاديف حيويتهم، ويهبط من عزائمهم، كما لها دور في إعاقة سير الخطة الدراسية التي يسير عليها المعلم والتي تكون غالبا مدونة في دفتر تحضيره، الأمر الذي استدعى من وزارة التعليم أن تبحث وتُعقب من أجل أن توفر بعض الأنظمة والمقترحات التي تقلص من تلك الثقافات السلبية. وتماشيا مع المسيرة التعليمية، وإيمانا بأن الطالب هو محور العملية التعليمية أصدرت الوزارة كتاب الدليل الإجرائي لقواعد السلوك والمواظبة، والذي ينص على حسم درجة يوميا للغياب دون عذر عن كل يوم دراسي في الأسبوع السابق والذي يلي الإجازة، وأسبوع ما قبل الامتحان، كما ينص الدليل الإجرائي على خصم ربع درجة على من يتأخر عن الطابور الصباحي بعد الإنذار الثالث. أعتقد متى ما حصل الوعي والتفقه بمرامي الحضور المستمر للمتعلم مع توفير بيئة خصبة، لهلت البشائر وتحقق الأثر الإجابي على أرض الواقع. المتأمل في حال شعوبنا العربية خاصة والإسلامية على وجه العموم، يبرهن لنا أن الغياب المدرسي أصبح ثقافة سادت وانتشرت يصعب علينا إيجاد الحلول لها، وهذا دون أدنى شك مؤشر واضح على ضعف التعليم ومخرجاته.