نعلم جيدا أننا نعيش هذه الأيام كرنفالا ثقافيا جديدا في دولتنا عامة ومدينة الرياض خاصة، هذه الإطلالة المشرقة هي فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 1438، والتي تستمر من 9 19 جمادى الآخرة، تحت رعاية أبوية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله». من خلال هذه الفعاليات وما شابهها، تسعى وزارة الثقافة والإعلام إلى أن تربط بين المواطن السعودي في كل مراحل عمره وبين الكتاب. عملية الربط قد لا تكون بين يوم وليلة، ولسيت أيضا خلال حدث أو حدثين، خصوصا في هذا المجتمع النامي، إذ إنه -وبكل صراحة- يعيش حالة مؤسفة بهجره الكتاب. هذه الحالة قد لا يحمد عقباها في قادم الأزمان، خصوصا لدى فئة الشباب والشابات باعتبارهم الحراك الفكري والوظيفي لأي مجتمع ينوي التطوير ومقارعة العالم للتقدم. مجتعنا العربي -ومنه السعودي- يعيش حالة فقر وبُعد عن الكتاب، رغم علمنا التام بأنه مصدر من مصادر الرقي، وأداة مقننة للحكم على مستوى الشعوب. ليست هذه هي المعضلة الكبرى، فالكل يعلم يقينا أن الكتاب هو مفتاح العلم والحضارة، وهو أيضا المشكل لكثير من تعاملاتنا الحياتية اليومية مع أنفسنا ومع عالمنا الخارجي، لما يحويه من أفكار وتجارب ومعلومات قد يعجز الفرد عن الحصول عليها بجهد ذاتي، ولكن المشكلة الحقيقية هي عدم حبنا للقراءة، وعدم قدرتنا على جعلها حاجة يومية، مثلها مثل الأكل والشرب. حب القراءة ليس بتلك المهارة السهلة التطبيق، كما أنه ليس بتلك الأمنية المستحيلة المنال، فهو يحتاج إلى عزم باحترافية، وإلى تعاون الجهود بدءا بالمؤسسات التربوية، وختاما بالأنشطة الثقافية، كمعرض الكتاب وغيره، وفي ظل هذه الأماني والانتظارات تدور في الخاطر عدة تساؤلات: الأول منها: موجّه إلى الجهات المعنية أين دور الإعلام من فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب؟ وأين تسليط الضوء على موعده وجدول الأعمال المرتبط به؟ يؤسفني كثيرا عندما أرى تلك الشوارع مكتظة بالإعلانات التجارية لسيارة أو مزود خدمة جوال، وهما بالتأكيد لا يرقيان إلى قيمة وأهمية الكتاب، لماذا هم أبدعوا في التسويق لمنتجاتهم الاستهلاكية والتي لا نجني من ورائها سوى الفائدة التي لا تكاد تذكر؟ يا أيها المختصون، هل تظنون أن جميع أفراد الشعب يستطيعون الدخول إلى المواقع الإكترونية للاطلاع على جديد معارضكم وجديد ابتكاراتكم، إن وجدت؟ أيها المختصون لا تتركوا الوقت يمضي دون أن تكون لكم بصمة حقيقية باعتباركم المخولون والمسؤولون عن ثقافة المجتمع. أيها المختصون، لا تدعوا هذه المناسبة تمضي كما مضت سابقاتها دون تكثيف الجهود وتوظيف الإعلام حولها. التساؤل الثاني: إلى كل مواطن علم بفعالية معرض الرياض الدولي للكتاب، حول ما أعد لتلك المناسبة، هل فكر جيدا في الكتب التي يحب القراءة فيها؟ وهل جهز نفسه لمعرفة الجديد من المؤلفات والمعلومات حول تخصصه العلمي أو الوظيفي؟ وهل أعد المال للحصول على ما يريد اقتناءه من الكتب العلمية؟ كل هذه التساؤلات قد لا تجد قبولا لدى الجميع، إما لأن القراءة ليست مهمة في نظرهم، أو لأن القراءة لا تعني لهم الكثير. التساؤل الثالث والأخير: حول أسعار الكتب المبالغ فيها في معرض الكتاب بالسعودية، ما السبب وراء تلك الفاجعة، ومن العقل المدبر لها؟. فكل من حضر في السنتين الماضيتين رأى العجب العجاب، من القيمة الباهظة لأسعار الكتب، حتى إن بعض الكتب أسعارها خارج المعرض أرخص بكثير من وجودها هناك.