حين يُقام معرض الكتاب مرة في كل عام يُثار الجدل حوله وحول أنشطته! قلة من الناس يتربصون للهفوات، ويراقبون العثرات، ويفتشون عن عناوين الكتب التي قد لا تتفق مع اتجاهاتهم ولا تروق لذائقتهم، وفي المقابل هناك كثير من الناس ينتظرون هذه التظاهرة الثقافية بشغف. وحول هذا الجدل، تبرز في الذهن التساؤلات التالية: ما فائدة معرض الكتاب الدولي؟ وهل من الأفضل إلغاء معرض الكتاب والاكتفاء بالمكتبات الكثيرة الموجودة في مدينة الرياض؟ أعتقد أن معرض الكتاب من الفعاليات الثقافية المهمة جدًّا التي لا ينبغي التفريط فيها. فهو الموسم الذي يشتري فيه كثير من الناس حاجتهم من الكتب، بل هو الفرصة الوحيدة للاطلاع على الجديد من الكتب والمؤلفات الصادرة في المملكة والدول العربية الأخرى. وفوق هذا وذاك هو النزهة الثقافية للأسرة أو الترفيه الثقافي، وهو – كذلك - الوقت الذي تستطيع الأسرة (الأم والأب والأبناء) الاستمتاع فيه برحلة ترفيهية ثقافية شائقة، يتعرف من خلالها الأطفال والشباب عالمَ الكتب، ويستشعرون أهميتها! إنها فرصة لغرس محبة الكتاب في نفوس الأطفال والناشئة وهم ينظرون إلى آلاف الكتب تحت سقف واحد. وهل هناك شي أهم من القراءة، وقد كانت كلمة ""اقرأ"" أول كلمة أنزلت على محمد - صلى الله عليه وسلم؟ من هذا المنطلق، يمكن القول إنه يستحق أن يُوصف بأنه ""ربيع الرياض الثقافي"" الذي تعيشه مدينة الرياض مع بداية فصل الربيع من كل عام. لذا أقول: إن كان قلة من الناس لا يحبون الأزهار الثقافية، ولا يستمتعون بشم رائحة الورود، فليس من حقهم حرمان الآخرين من الاستمتاع بها! ليس من حق أحد أن يفرض رأيه ويكون وصيًّا على خلق الله، خاصة مع وجود جهات مسؤولة وهيئة كبار علماء مؤتمنة على مصلحة البلاد! لماذا التشنج كلما أقيم معرض الكتاب، ونحن نعرف أن التسوق في مكتباتنا مفتوح للأسرة في كل وقت؟! إن معرض الكتاب أصبح ملتقى للكتاب والمثقفين، وهو نافذة يطل من خلالها الكاتب والمؤلف على القراء، ويتفاعل معهم من خلال تخصيص وقت لتوقيع نسخ من كتابه. إن هذه الفعالية الرائعة تتيح لسكان مدينة الرياض وما جاورها من مدن وقرى أن يرفهوا عن أنفسهم ترفيهًا مفيدًا. لقد استمتعت كثيرًا بزيارتي المعرض في يوم الأربعاء الماضي وبصحبتي ابنتاي (رند وأمل). فكان التنظيم رائعًا، والأجواء هادئة، والناس منهمكون في تفحص عناوين الكتب وتصفحها تمهيدًا لشراء ما يروق لهم ويتناسب مع ميولهم. ونحن نودع ""معرض الرياض الدولي للكتاب"" نشعر بأن المدة المخصصة للمعرض لا تكفي، وأن هذه الفعالية الوطنية تحتاج إلى مزيد من المحاضرات والندوات حول تأليف الكتاب وصناعته وحول اتجاهات الفكر والثقافة. كلمة شكر أسجلها لوكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور ناصر الحجيلان.. نعم، لا بد أن نقول للمحسن أحسنت، وقد أحسنت الوزارة توقيت هذا المعرض وأتقنت تنظيمه.