أعادت واقعة الجزائر التي أعلنت فيها قبول انضمام "الأندية الأدبية السعودية" لاتحاد الكتاب العرب، الأذهان للمطالبات الأولى للأدباء السعوديين التي ترجع إلى ما قبل أكثر من 80 عاما، حيث ظل طرحها يتكرر وتتداولها المؤتمرات والملتقيات ضمن أبرز توصياتها. وفيما أثار الخبر الذي تناقلته بعض وسائل الإعلام أمس التساؤلات مجددا حول استقلالية الأندية الأدبية، ومدى تمثيلها لكل الأدباء والمثقفين، من زاوية، وغياب الوعي بمفاهيم مؤسسات المجتمع المدني وماهية الاتحادات، بحسب مراقبين أكدوا ل"الوطن" أمس أن الأندية الأدبية تعيش خللا بنيويا، بدءا من معايير الانتساب للجمعية العمومية وما يترتب على ذلك من نتائج.
جهود تاريخية بينما كان الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب حبيب الصايغ يرحب في ديسمبر من العام الماضي بالتوصية التي خرج بها مؤتمر الأدباء السعوديين في دورته الخامسة، بضرورة التعجيل بإنشاء رابطة للأدباء والكتاب السعوديين، كآخر المطالبات في هذا السياق، كان مراقبون يستعيدون أول المقترحات والمطالبات بتأسيس كيان للأدباء، حيث نادت صحيفة "صوت الحجاز" ضمن افتتاحيتها وفي عددها الأول عام 1932 بضرورة وجود رابطة أدبية في البلاد، ثم تتالت مقالات تعضد هذه المطالبة، كتبها أدباء ذلك الزمان، ومنهم محمد سعيد عبدالمقصود خوجة، ورمز لاسمه ب"متألم"، ذاكرا "أن الرابطة الأدبية من الضروريات للأمم التي تريد أن تسعى للحياة، والتي تريد أن تسير بقدم ثابتة نحو ما نتطلبه وما نرنو إليه"، فيما رمز أحمد السباعي لاسمه ب" أ - س"، وكتب في افتتاحية العدد 117 من صوت الحجاز: "راقني جدا حديثك عن الروابط وأثرها في البلاد الحية، وتمنيت لو كان مثل هذا لبلادي، إذن لتوحدت جهود الجماعات عندنا في كل فن، ولتقدمنا في الحياة شوطا بعيدا".
مفارقة الجزائر آخر المطالبات كانت في أواخر العام الماضي، وتحديدا ضمن توصيات مؤتمر الأدباء السعوديين، الذي شكل تمهيدا قويا تزامن مع حداثة انتقال منصب الأمين العام لشخصية من الخليج العربي، غير أن مراقبين يذكرون أن أقواها ضجيجا حدثت في عام 2002 حين نشرت مسودة مشروع نظام (اتحاد) الكتاب والأدباء السعوديين، وقيل يومها إن مجلس الشورى يدرس وعبر لجنة الشؤون الثقافية والإعلامية فيه مسودة المشروع. ويذكر الكاتب والقاص محمد الشقحاء ل"الوطن" أنه كان ضمن مجموعة من الأدباء دعاهم مجلس الشورى للنقاش حول المسودة، التي يقول عنها "يبدو أنها حفظت فيما بعد". وكانت المفارقة في خبر أمس، أن الجزائر وهي تستضيف مؤتمر اتحاد الكتاب العرب في دورته الحالية، وتعلن قبول انضمام الأندية الأدبية للعضوية الكاملة، هي المكان نفسه الذي شهد ضجة أثارها الوفد السعودي ضمن مؤتمر لاتحاد الكتاب العرب استضافته الجزائر أواخر الستينات الميلادية، وضم الوفد السعودي الأدباء حمد الجاسر وعبدالعزيز الرفاعي، وعبدالله بن خميس، ورفض المؤتمر مشاركة وفد السعودية إلا كمراقب فقط، بحجة عدم وجود كيان أدبي ينتمون إليه، وبعد عودة الوفد للسعودية طرحت مقالات ونقاشات كثيرة حول الموضوع، وحدثت محاولات متعددة، يذكر منها محمد الشقحاء تقدم نادي الطائف الأدبي عام 1976 بطلب كهذا للأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب حينها، الذي رحب بالفكرة واعتبرها جيدة، ولكنها تحتاج إلى دراسة.