تباينت آراء المثقفين حول تأخر الترخيص لإنشاء رابطة للأدباء والكتاب السعوديين. ففي الوقت الذي انتقد بعضهم تقاعس المطالبين الأوائل بإنشائها، بعد أن حولت المطالبات لوزارة الشؤون الاجتماعية وتكشّف خلافات بين الكتاب ولجنتها التأسيسيةأشار آخرون إلى مماطلة رسمية ممن أسموهم «أولياء الأمور» وقالوا إن المطالبات قديمة جداً وتعود لفترة ما بين الحربين العالميتين وتمنوا ألا تطول إجراءات الموافقة والترخيص والإنشاء قروناً أخرى. يذكر أن معوقات إنشاء الرابطة تعود إلى أعوام مضت من المطالبات والمكاتبات، حتى قبل أكثر من عام، إذ تمت التوصية من مجلس الشورى بإنشاء رابطة للأدباء والكتاب تعنى بشؤونهم وتجمعهم، مع إحالة الطلب إلى مجلس الخبراء، واكتشاف المطالبين بأن مكاتباتهم تضل طريقها بتوجهها الوجهة غير المعنية (وزارة الثقافة والإعلام) فيما مهمة الترخيص للجمعيات ذات النفع العام هي (وزارة الشؤون الاجتماعية)، فاجأتهم الأخيرة باشتراطات سهلة للترخيص لا تتعدى أكثر من عشرين توقيعاً للأعضاء وإيجاد مقر وهو الأمر الذي شجّع القاص محمد المنصور الشقحاء الذي طارد لسنوات خلف المعاملة، للمطالبة من جديد، قبل أن يفاجأ هو الآخر بتقاعس الكثير من المثقفين جراء دفع مبلغ بسيط اقترحه (قطة) إيجاراً للمقر، ولم يجمع الشقحاء سوى تواقيع فقط. قال الشقحاء ل«الحياة»: « فوجئت بأعضاء يتحدثون ولا يعملون، إنه أمر يبعث على الإحباط والملل، عتبي على الإخوة الذين كانوا ينادون من دون أن يتحركوا فعلياً، وعندما سنحت الفرصة واهتدينا إلى الطريق أتفاجأ بانسحابهم وتقاعس بعضهم لمجرد مبلغ مالي بسيط (قَطّة من 500)، كل أولئك الذين كانوا يطالبون ويكتبون ويولولون لم أستطع أن أجمع منهم نصف النصاب الذي تشترطه الوزارة...!». من جهته، طالب القاص فهد الخليوي المثقفين والكتاب بضرورة استغلال هذه الفرصة لإنشاء الرابطة وأن يتكاتفوا تقديراً للروح الكبيرة للقاص القدير محمد الشقحاء في مطالبته منذ سنوات بهذه الرابطة. وأضاف: «الكرة الآن في ملعبنا وطالما تحصلت تسهيلات ولم يعد هناك عوائق كما كنا نتصور سابقاً فما العائق؟» واستغرب الخليوي تقاعس البعض وكأن الأمر لا يعنيهم واصفاً ذلك بأنه أمر يبعث على الإحباط، فالمؤلم أن العائق الآن منا وليس من غيرنا، خصوصاً وقد عرفنا أن الشروط اللازمة للحصول على تصريح بإنشاء الرابطة حتى تقف الرابطة على أرجلها وتتحدد لوائحها وجمعيتها وشروط الانضمام إليها. وقال الباحث محمد القشعمي: «يفترض أن في الدعوة إلى إنشاء رابطة للكتاب ما يشجع الأدباء على التهافت لتكوين رابطة تجمع كلمتنا وتوحد خطواتنا بعد تناثرها المرعب بسبب عدم التواؤم». وأضاف: «أدركت أهميتها بعد حضوري لبعض المؤتمرات للأدباء العرب في الجزائر وطرابلس» وأشار القشعمي إلى أن المطالبات قديمة ومنها ما كتبه الشيخ حمد الجاسر قبل 26 عاماً في مجلة دارة العرب مطالباً بإنشائها وتابع: «إن الجميع الآن يتطلع لذلك بخاصة بعد إنشاء هيئة الصحافيين لتكون خطوة في الاتجاه الصحيح لإنشاء منظمات المجتمع المدني». واستبق الشاعر عبدالله السميّح موقف من وصفهم أولياء الأمور في وزارة الثقافة والإعلام من مطالبات المثقفين برابطة بأنه كلامٌ انفعالي وقال: «إنهم في الوزارة يريدون أن يبقوا الكتّاب السعوديين تلاميذ مطيعين في مدارس الأندية الأدبية التي يديرها البيروقراطيون والتوفيقيون» وأضاف: «أمر الرابطة ضربٌ من العجب العجاب، فلقد كشفت هذه الفكرة التي ليس لها وجود إلا في أذهان المتحمسين الطيبين من أمثال زميلنا القدير الأستاذ محمد الشقحاء كم نحن الكتّاب السعوديين مذبذبون، وكم نسعى للشتات؟ وهذا الأمر يتجلّى في ردود أفعال الكتّاب منذ تشكيل لجنة الرابطة التأسيسية، إذ تعاملوا معها وكأنها ستكون ملكاً خاصاً لأعضاء اللجنة التأسيسية»، وألتمس السميّح للشقحاء على مسألة القطَّة وطول الانتظار الممض وما نواجهه عموماً ككتاب من الازدراء بأحلامنا البسيطة، وقال: «ما الذي سيفضي إليه قيام رابطة الكتّاب والأدباء حتى تجد كل هذه العراقيل؟ وحتى لا نضيع في دهاليز الأوهام، أودّ أن أسأل إذا ما كانت وزارة الثقافة والإعلام تتنصل من مسؤولية الرابطة، فلماذا تكون إحدى توصيات الملتقى الأول للكتّاب السعوديين الذي رعته وزارة الثقافة والإعلام قبل ما يقارب الست سنوات».