تواصلت أمس فعاليات "القمة العالمية للحكومات" في مدينة دبي الإماراتية ، بمشاركة عدد من الخبراء من القطاعين العام والخاص حول العالم، إضافة إلى الوزراء، وصنّاع القرار، والرؤساء التنفيذيين، والمبتكرين، والمسؤولين، ورواد الأعمال، والشخصيات الأكاديمية، وفي إطار مشاركته التي استشرفت مستقبل الإنسانية خلال القرن الحالي، قال الدكتور جورج فريدمان (المؤسس ورئيس مجلس إدارة مجلة Geopolitical Futures المتخصصة في خدمات التنبؤ الجيوسياسي)، إن الحرب العالمية الثانية التي انتهت في العام 1945 ونجم عنها مقتل 100 مليون شخص، أحدثت تغييرات جذرية وأفرزت شيئين أساسيين، الأول هو حاجة العالم إلى منظمات دولية، والثاني أن المشكلة تمثلت في مفهوم القومية. وضمن جلسته الرئيسية بعنوان "سيناريوهات ستغير الحكومات خلال المئة سنة القادمة" ,قال جورج فريدمان:"إن الأزمة المالية العالمية التي حدثت جرّاء انهيار بنك ليمان براذرز نجم عنها فئة التكنوقراطيين التي استفادت من عواقب هذه الأزمة، والفئات الاجتماعية الأخرى التي كانت المتضرر الأكبر من نتائج الأزمة المدمرة. ولذلك رأينا ردة الفعل القومية في دول مثل الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة، وكانت النتيجة ما رأيناه في الانتخابات الأمريكية الأخيرة والتصويت على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي". وتوقع فريدمان أن تبرز دول جديدة لتلعب دوراً فعالاً على الساحة الدولية، مثل اليابان وبولندا وتركيا، في حين سينخفض أثر أو دور قوى عالمية أخرى. وأوضح فريدمان أن الواقع لن يتغير لكن ستكون هناك أسماء مختلفة تلعب أدوارها في المشهد الدولي. الأدوات الرقمية لتعزيز السعادة تحدث في القمة أمس "شون أكور" مؤسس شركة Good Think Inc عن الحاجة الملحة للحكومات للتواصل والانخراط بشكل استباقي مع مواطنيها عبر منصات وسائل الإعلام الاجتماعي دون أن تتجاهل مسألة تعزيز الرفاه الشخصي والاجتماعي الأساسي الذي ينتج عن التفاعل بين البشر. وفي معرض حديثه عن موضوع "كيف نبقى سعداء في عصر الروبوتات والتكنولوجيا؟"، حذر أكور من أن التوجه المتزايد نحو الأتمتة وتوسيع نطاق التفاعل عبر وسائل الإعلام الاجتماعية قد لا يؤدي دائماً إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية، بل من الممكن أن يؤدي إلى تراجع التفاعل المباشر بين الأفراد. وقال أكور"حتى في العصر الرقمي، تؤكد الأبحاث أن العوامل المؤدية إلى حدوث حالة مستدامة من السعادة تتمثل غالباً في الاتصال الاجتماعي وعمق ومعنى العلاقات الإنسانية،وهذا يعني أن التفاعل الاجتماعي عبر الإنترنت لا يشكل بديلاً للتواصل في الحياة الحقيقية". تجربة عملية وخلال حديثه عن التفاعل الإنساني، أجرى أكور ما سماه "تجربة حية"، حيث قام شخصان بالوقوف وجهاً لوجه، أحدهما لا يظهر أي شعور أو تعبير على وجهه، والآخر يبتسم باهتمام. بعدها، شرح أكور التجربة "الناجحة" وهي أن الشخص الذي "لم يبد أي شعور" ابتسم في النهاية. والسبب من الناحية العلمية، هو أنه هناك خلايا عصبية حركية تبدأ بالعمل لأنها لا تستطيع أن تقام السعادة التي يمكن للمرء أن يراها لدى شخص آخر. وأكد "أكور" أنه يتعين على الحكومات أن تركز على كيفية تعزيز استخدام الأدوات الرقمية لزيادة السعادة وتعزيز الأنماط السلوكية الإيجابية، لكن يجب تذكر ثلاث نقاط أساسية، هي أولاً أنه مع أو بدون تكنولوجيا، يمكن النظر للسعادة على أنها خيار ولكنه يتطلب جهداً؛ وثانياً أنه السعادة هي أهم ميزة تنافسية في الاقتصاد الحديث ويجب استخدامها بحكمة؛ وأخيراً، السعادة معدية ويمكن أن تنتشر". الولاء للقيم والأفكار يمتلك الجيل الرقميGen Z وعياً اجتماعياً أكبر من كل الأجيال السابقة، وهذا ما يجعلهم يتوقعون من الحكومات والشركات أن تتواصل معهم بصدق وشفافية، بحسب "ريان باتل"، المدير التنفيذي العالمي وعضو مجلس إدارة GIVN Goods الأمريكية. وجاءت تصريحات باتل خلال حلقة نقاش أقيمت ضمن فعاليات القمة العالمية الخامسة للحكومات في دبي. وشارك في الجلسة متحدثون ، هم رائدة الأعمال والكاتبة لدى رنا غوجرال، وريناتو ليبيك، الرئيس التنفيذي في Bouxtie بالولاياتالمتحدةالأمريكية. واتفق المشاركون على أن الشباب اليوم هم أكثر ولاءً للقيم والأفكار التي يؤمنون بها من ولائهم تجاه أي علامة تجارية أو حكومة. لذلك ينبغي أن تركز الحكومات والقادة على خلق تأثير في المجتمع المحلي إذا ما أرادت كسب ثقة الشباب. وقال ريناتو: "إن دبي، من خلال أجندتها الخاصة للسعادة، تعد مثال ممتازاً عما يمكن للحكومة أن تفعله لتخلق شعوراً بالفخر والتطلع للمستقبل بين شبابها". الالتزام الاجتماعي أكد المشاركون على أن جيل الألفية يهتمون بالالتزام الاجتماعي للعلامات التجارية والذي ينسجم مع التزامهم هم أنفسهم، أكثر من اهتمامهم بالمزايا التقنية الرائعة التي توفرها تلك العلامات. وقالت غوجرال: "لقد تمتع أبناء هذا الجيل بإمكانية الاتصال عبر الانترنت طوال حياتهم، لذلك فإنه من السهل بالنسبة لهم التشاور مع أقرانهم، واختيار المنتج أو الخدمة على أساس التزامها الاجتماعي. وإن العلامات التجارية الذكية تدرك أن العواطف والتجارب هي مكون جوهري في حياة الإنسان، لذلك تقوم بتصميم منتجاتها على هذا الأساس". ودعا المشاركون في الجلسة الحكومات والعلامات التجارية للاستفادة من التأثير الكبير لوسائل الإعلام الاجتماعي على أبناء الجيل الرقمي Gen Z. "إن ما كان يعتبر هامشياً في الماضي أصبح يشكل محط اهتمام كبير في أوساط الشباب، وبإمكان الحكومات والشركات أن تستفيد من هذه المنصات البديلة بشكل فعال للتواصل مع أبناء الجيل Z. فهذا سيضمن لها القدرة على اتخاذ خطوات استباقية بدلاً من الاعتماد على رد الفعل، مما سيساعد على غرس قيم المسؤولية وتعزيز الثقة المتبادلة مع الشباب". وأورد المشاركون أمثلة فردية لينصحوا الحكومات بأن تكون منفتحة على الأفكار الجديدة لأبناء الجيل Z، والاستفادة من الطاقات الواعدة التي يمتلكونها.