حمل دونالد ترمب حقيبته الخاصة التي تحتوي على بعض الملفات الشائكة متجهاً بها نحو البيت الأبيض بعد يوم تنصيب رئاسي حافل. إنها ملفات حساسة ومهمة، في مقدمتها العلاقات مع المملكة العربية السعودية، والنووي الإيراني الموقع بين إيران والقوى الست في 14 /07 /2015. وأزمات الشرق الأوسط خصوصاً الأزمة السورية، ومكافحة الإرهاب. هذه تحديات لا تزال ماثلة أمام الرئيس ترمب، ولكنها باعتقادي لن تثقل كاهله خلال فترته الرئاسية الحالية أو القادمة في حال جرى انتخابه لولاية رئاسية ثانية، ولكن من المبكر الحديث عن هذه الأمور أو الاحتمالات. ترمب سوف ينظر إلى فترة رئاسة سلفه أوباما بتمعن، وخصوصاً ما رافقها من سلبيات وخيبات أمل ووعود لم يف بها ومجاملات وتصريحات لامعة ولكن غير فاعلة، ورغم كل هذا تأتي في أولوياتها سمعة أميركا في العالم، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا تزال الأزمة السورية لم تحل، وبقاء الأسد في سدة الحكم رغم جرائمه اللاإنسانية ضد شعبه الأعزل كل هذا بسبب دبلوماسية أوباما الفجة التي كلفت السوريين أرواحهم، إضافة إلى التدخل الروسي على خط الأزمة، وانتشال حليفهم الأسد، وكذلك الاتفاق النووي الهش مع إيران وأسر جنود البحارة الأميركيين وظهورهم بمظهر مثير للشفقة وقيادة الولاياتالمتحدة لتحالف دولي تكون من 60 دولة لمحاربة داعش، هذا التحالف الذي تجرع المرارة والحسرة من إستراتيجيات أوباما الفاشلة. ولكن ترمب سوف ينظر إلى الأمور بمنظار القوة وعدم المنافسة مع أي قطب آخر، فهو يملك سبل الحل السريع لجميع هذه الأزمات، ويملك الجرأة التامة، فلن يقف موقف المتفرج من تجاوزات بعض الدول الكبرى في سورية، وكذلك مشاركة إيران في الحرب على المعارضة والشعب السوري. ومن المتوقع ألا تطول نزهة إيران في الشرق الأوسط مهما كان الداعم لها أو الحليف، فبكلمة واحدة منه بعد أن يمزق اتفاقها النووي الذي وعد بتمزيقه سوف ينسحب عملاؤها من سورية ولبنان واليمن والبحرين والعراق. ويريد ترمب أن يستعيد مصالحه في الخليج الذي هو خط أحمر، وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية، ذلك البلد الأكثر استقرارا في الشرق الأوسط، والذي لا يزال حليفاً موثوقاً به مع الولاياتالمتحدة، والتاريخ يشهد بذلك عبر العصور الماضية، لذا فالشرق الأوسط في حاجة إلى ترمب لتغيير موازين المعادلة. لذا فالسؤال التالي المرافق لترمب هو كيف يمكن إنقاذ إيران والأسد من غضب البنتاجون الذي طال انتظاره وغيّب خلال الثمان سنوات الماضية؟ وبالطبع ترمب لن يكمل أو يسير على خطى سلفه أو ما انتهى إليه، ولكنه سوف يضع نصب عينيه ما قاله وردده خلال حملته الرئاسية بأن سياسة الولاياتالمتحدة قد انحرفت عن مسارها منذ نهاية الحرب الباردة. فهل يعيد الأمور إلى نصابها سنرى.