خلال الأيام القليلة الماضية، ركز الرئيس المنتيهة ولايته، باراك أوباما، طاقته المتبقية في تطمين الحلفاء والشركاء التقليديين الأوروبيين، بشأن سياسة الرئيس المنتخب الجديد للبلاد، دونالد ترامب، وتنقل خلالها من البيت الأبيض مرورا بأثينا ثم برلين. وبعد نحو أسبوع ونصف من هول الصدمة التي فاجأت العالم بأسره وفوز ترامب، أصبح أوباما بمثابة المسؤول الأول في العالم لتطبيع العلاقات مع أميركا، وتطمينهم بشأن الاتفاقيات المبرمة معها. وبحسب تقرير للكاتب جوليان بورجر، بصحيفة الجارديان، فإن الحكومات الأجنبية والشخصيات الديمقراطية، وبعضا من الجمهوريين ووسائل الإعلام الأميركية، ما زالوا يتألمون من خبر فوز ترامب، وهل عليهم أن يقتنعوا بأن ذلك بمثابة تمزيق لأسس العالم، أم مجرد انتقال رئاسي لا أكثر. المبعوث أوباما أشار التقرير، إلى أن الرئيس أوباما خلال الأيام القليلة قبل فترة الانتخابات الماضية، كان يخاطب الجماهير المؤيدة للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، ويقول "إن كل ما بنيناه طيلة 8 سنين الماضية، سيذهب سدى إذا لم تفز كلينتون في الانتخابات"، مبينا أن عليه الآن أن يقنع العالم برمته، أنه لم يوفق في تلك الخطابات. وأضاف أن أوباما خلال اجتماعه مع القادة الأوروبيين في برلين، الجمعة الماضية، لعب دور المعالج لأزمة أوروبا، بهدف تخفيف صدمتها من فوز ترامب، حيث إنه وصل إلى برلين وحمل رسالة من ترامب، مفادها أنه ملتزم بكل المواثيق والاتفاقيات المبرمة مع الشركاء الأوروبيين، بغض النظر عن التصريحات التي أطلقها الأخير حول الناتو خلال فترة الحملة الانتخابية، إلا أن التقرير ألمح إلى غضب القادة في الناتو، بسبب أن أوباما أصبح يتحدث ويبرر أخطاء ترامب بالنيابة عنه. وبحسب خبراء، فإن جولة أوباما الأخيرة، جاءت بمثابة تلميع وتنظيف لسياسة ترامب خلال حملته الانتخابية، التي لم يتوقع أحد فوزه فيها، وكانت كل التوقعات متجهة نحو فوز كلينتون، بدليل أنه أثنى خلال خطابه الأخير على أثينا، وقال "إنها هي المصدر لعديد من الأفكار والقيم التي ساعدت في بناء أميركا الحديثة"، في إشارة إلى أن هذه الرسالة ما هي إلا محاولة من واشنطن لإخفاء المفاجأة والصدمة التي خرجت من واشنطن مؤخرا. سياسة الأمر الواقع أوضح التقرير، نقلا عن الخبير في مجلس أتلانتيك ايان برزيزينسكي، أن زيارة أوباما جاءت لتبرئة خطاباته التي حذر فيها من ترامب، وأن هذه الزيارة لم تكن مرغوبة عند القادة الأوروبيين، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي يتحرك كمسؤول للترويج للمجتمع العالمي بضرورة تقبل الوضع الجديد في بلاده. كما يرى محللون أن أوباما في نهاية مسيرته السياسية، أراد أن يثبت أنه نجح طيلة ثماني سنوات، وأنه يريد أن يعطي انطباعا جيدا عنه حتى في آخر اللحظات، مشيرين إلى أن أولوياته الحالية التي يركز عليها، هي الحفاظ بقدر الإمكان على أكبر إنجاز له في مسيرته، وهو الاتفاق النووي المبرم مع إيران في يوليو 2015.