رغم الخلافات التي كانت تطرأ بين فينة وأخرى على العلاقات بين الولاياتالمتحدة وحلفائها الأوروبيين، إلا أن الطرفين كانا ينظران لها على أنها عادية تحدث في إطار "الأسرة الواحدة، وأن كليهما يظل بحاجة مستمرة للآخر". ويقول مدير المعهد الأوروبي للعلاقات الخارجية، مارك ليونارد في مقال نشره على موقع بروجيكت سيندكيت، إن تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، تهدد هذه العلاقة المتميزة، وأضاف "ترامب أكد بوضوح أنه لن يضع مصالح أميركا أولا فحسب، بل وثانيا وثالثا أيضا. وقال في خطابه الأكبر حول السياسة الخارجية "لن نسلم هذا البلد أو شعبه بعد الآن لأنشودة العولمة الكاذبة. لذلك فإن على الأوروبيين أن ينظروا إلى العالم بمنظور مختلف. فهناك أربعة أسباب تجعلنا نتوقع أن أميركا في عهد ترامب سوف تكون المصدر الأكبر للفوضى العالمية. نهاية التحالف الوثيق قال ليونارد "لم يعد من الممكن التعويل على الضمانات الأميركية. فقد تساءل ترامب عما إذا كان من الواجب أن يدافع عن دول حلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية، واتهم تلك الدول بأنها لا تبذل أي جهد إضافي للدفاع عن نفسها. كما شَجَّع اليابان وكوريا الجنوبية على اقتناء أسلحة نووية. وأن أميركا لن تستمر في لعب دور رجل الشرطة في أوروبا، والشرق الأوسط، وآسيا؛ بل ستكون شركة أمن خاصة مفتوحة لمن يرغب في استئجار خدماتها. وكذلك لن تسلم المؤسسات العالمية من الهجوم. إذ يرفض ترامب الرأي القائل إن النظام العالمي الليبرالي الذي أنشأته الولاياتالمتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وتوسع بعد الحرب الباردة، هو أرخص وسيلة للدفاع عن القيم والمصالح الأميركية. ومثله كمثل جورج بوش بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، يرى ترامب أن المؤسسات العالمية تفرض قيودا لا تطاق على حرية حركة الولاياتالمتحدة. وهو يسعى إلى تنفيذ أجندة تحريفية رجعية لكل هذه الهيئات تقريبا، من منظمة التجارة العالمية إلى حلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة". بحث البدائل المتاحة أضاف ليونارد "ترامب سوف يقلب كل العلاقات الأميركية رأسا على عقب. ومكمن الخوف الصريح هنا هو أنه سيكون أكثر لطفا في التعامل مع أعداء أميركا مقارنة بتعامله مع حلفائها. ويتمثل الأمر الأكثر تحديا للأوروبيين في إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتن. لذلك ليس من المستبعد أن يقرر الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، مما يضع الاتحاد الأوروبي في موقف صعب. ومن الصعب التنبؤ بتصرفات ترامب. فحتى خلال الحملة الانتخابية الرئاسية التي دامت 18 شهرا، كان يقف على جانبي كل القضايا تقريبا. وتُظهِر حقيقة أنه سيقول اليوم عكس ما قاله بالأمس، من دون الاعتراف بأنه غير رأيه، إلى أي مدى تتحكم أهواؤه ونزواته في طريقته في التعامل مع الأمور". ويختم ليونارد بالقول "يتعين على الأوروبيين زيادة فاعليتهم في مواجهة الولاياتالمتحدة. وأن يُظهِروا قدرتهم على تغطية رهاناتهم وبناء التحالفات مع الآخرين. وتنويع سياستهم الخارجية. وأن يطلقوا بالونات اختبار لمعرفة ما إذا كان ينبغي لهم الشروع في التشاور مع الصينيين بشأن حظر أسلحة الاتحاد الأوروبي، وبناء علاقة مختلفة مع اليابان. إضافة إلى زيادة الاستثمار في الأمن".