لم تمض ساعات على انطلاق مهرجان القاهرة الدولي للمسرح "المعاصر والتجريبي" في دورته الثالثة والعشرين مساء أول من أمس، بعد انقطاع خمس سنوات حيث كانت آخر نسخة له في عام 2010 بمسماه القديم مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، إلا وزاد الجدل حول آلية اختيار الأعمال المشاركة فيه، واستبعاد العشرات من الأعمال والدول العربية من المشاركة، إضافة إلى الجدل حول إضافة كلمة "المعاصر" التي تساءل عنها عدد من النقاد، إذ كيف تتوافق كلمة المعاصر مع التجريب؟. كذلك ألغي في هذه الدورة التمثيل السياسي للدول واعتمدت إدارة المهرجان على اختيارات لجنة المشاهدة فقط، وسط غضب عربي كبير، حيث اعترض الكثير من المسرحيين على اقتصار اختيار لجنة المشاهدة على ستة عروض عربية لثلاثة دول هي الإمارات ولبنان وتونس، بواقع عرضين لكل دولة من هذه الدول، واعتذر المخرج المسرحي العراقي عزيز خيون وزوجته الناقدة المسرحية الدكتورة عواطف نعيم عن الدعوة الموجهة لهما من قبل إدارة المهرجان لحضور الفعاليات احتجاجا على عدم اختيار أي عرض عراقي للمهرجان. تناقضات اللجنة وصف المخرج عزيز خيون في تصريح ل"الوطن" وضع المهرجان ب"المُقلق والمحُيّر. وقال: بعث ما يقارب - هكذا تردّد في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي - 16عملاً مسرحياً عراقيا، وجميعها رُفضت بأعذار غير مُقنعة. وأضاف: أنا أحترم وأُقدّر خصوصيّة لجان المشاهدة، ولكن لو ثبتت على تعليل واحد لهذا الرفض، فمرّة تقول هذه اللجنة إن العروض وصلت متأخرة وتم تفنيد هذا السبب بالوثيقة التي تّثبت تاريخ إرسال تلك الأعمال، مرّة ثانية تقول إن مستوىٰ العروض العراقية التي أُرسلت ضعيف، وكلنا يعرف مستوىٰ ما يُقدّم من المسرح في العراق، ثم من غير المعقول أن جميع العروض التي بعثناها إلىٰ المهرجان ضعيفة، على الأقل أنا أستطيع أن أدافع عن الأعمال التالية: العرس الوحشي، توبيخ، مكاشفات، المقهىٰ .. هذه عروض متنوعة وذات مستويات جيدة، بعد فترة ظهر سبب آخر للرفض يجعل الواحد أكثر حيرة، وهو أن العروض العراقية من جنس المونودراما، والمهرجان أخذ كفايته من هذا الجنس، والحقيقة أن كل الأعمال التي بعثها أصحابها إلى المهرجان، تخلو من جنس المونودراما، .. إذن هناك أمر ما، ما هو، لا أستطيع أن أُجزم، لكن الموضوع وما فيه ولّد عندي شكوكاً". نساء الخليج فقط يعلق الناقد المسرحي الكويتي حمد الرقعي على الأمر قائلا "اقتصار الاختيار على ثلاث دول عربية إضافة إلى الدولة المضيفة مصر يعود لأسباب سياسية أكثر منها فنية. وخاصة فيما يتعلق باختيار عدد أكبر من العروض الأجنبية، كما أن الصورة واضحة من خلال قراءة أسماء الفرق المسرحية والمشاركين العرب بأن عملية الاختيار خضعت للعلاقات العامة أكثر منها للتميز والمستوى و من خلال مراجعة سريعة لأسماء الضيوف والمشاركين يمكن أن تستدل على ذلك هذا. و تعجب الرقعي من اختيار أربع أسماء نسائية فقط من الخليج للمشاركة في الندوات التطبيقية للمهرجان، متسائلا: ألا توجد لدينا أسماء رجالية مسرحية تستحق المشاركة.؟ محاولة فك اللغز قال المخرج البحريني خالد الرويعي ، اعتقد أن لجنة الاختيار في المهرجانات ليست مؤشرا حقيقيا لوضع المسرح العربي، بل بالتأكيد إنها تنفذ توجهات المهرجان التي من الطبيعي أن يحملها أي مهرجان، ولذلك فإنه من المهم أن ندرك بأن أي مهرجان يخضع المشاركين فيه لاشتراطاته، وعليه فإن هناك اشتراطات، ضمنية تتفق عليها الجهات ذات الصلة. ولكن قد يستدعي ذلك سؤالا آخر ينم عن هاجس متأصل، وهو وضع العروض المسرحية العربية حاليا، إذ إنه من المهم محاولة فك اللغز الذي يعتري عروضنا العربية الغارقة في البعد الخطابي وتهميش البعد البصري، ولا أعني بالضرورة تغليب أي عنصر على آخر لمجرد التظاهر، المسرح العربي بحاجة إلى أن يعيد الاعتبار للذائقة والجمال،وأن يكون على أهبة الاستعداد للاحتفاء بالمشهد الجمالي الفلسفي حيث في القبح جمال أيضا. تعليق المنظمين كانت اللجنة المنظمة للمعرض قد ردت على هذه الانتقادات بالتأكيد على أن اختيار العروض المشاركة قامت به لجنة مستقلة ومحايدة تتكون من أساتذة أكاديميين ونقاد وكتاب وممثلين ومخرجين، روعي في تشكيلها تنوع الأجيال والمشارب، ولم تلتزم هذه اللجنة بأي معيار سوى معياري الجودة الفنية والتنوع المشهدي، ولم تنظر لجنسيات الأعمال المتقدمة للمشاركة، كما لم تتدخل إدارة المهرجان في اختياراتها. وأضافت: نؤكد على أن الأمر لم يكن مقصودا فكثير من الدول – عربية وأجنبية – لم يتم اختيار أعمال لها، ذلك لأن اختيارات المهرجان هذا العام محدودة عدديا، فبعد أن كانت مشاركات الفرق الأجنبية والعربية تزيد على الأربعين عرضا تقلصت هذه الدورة إلى سبعة عشر فقط.