هبط بشكل كبير جداً مؤشر عقود الإنشاء في نهاية الربع الثاني من عام 2016 إلى مستوى 117.5 نقطة، والذي أبدى أداءً متأرجحاً منذ الربع الأول من العام. فضلاً عن أن هذه هي المرة الثانية التي يسجل مستوى أدنى من 200.0 نقطة منذ الربع الأول من عام 2014. وأوضحت الاقتصادية المشاركة بالبنك الأهلي شريهان المنزلاوي ل"الوطن" أن ضوء الدور الحيوي الذي تؤديه سوق المشاريع في استدامة النمو الاقتصادي، فإن المزيد من تعليق ترسية العقود سيكون له بالتأكيد تأثير سلبي على قطاع الإنشاء، ومن المرجح أن يتواصل هذا التوجه فيما تبقى من العام وامتداداً لعام 2017". ترسية العقود خفت وتيرة قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال النصف الأول من عام 2016، وجاء الهبوط الحاد في نشاط ترسية العقود في أعقاب انهيار أسعار النفط، مع لجوء الحكومة إلى تقليص الإنفاق وتأجيل بعض خططها الإنفاقية، وقد تمت ترسية ما قيمته حوالي 48.2 مليار ريال من العقود خلال النصف الأول من عام 2016، مقارنة ب 116.9 مليار ريال للعقود التي تمت ترسيتها خلال نفس الفترة من عام 2015. وتضيف المنزلاوي "يعزى الانخفاض الحاد في القيمة الإجمالية للعقود التي تمت ترسيتها أساساً للتراجع في ترسية عقود المشاريع الضخمة، نتيجة لإعادة الهيكلة المالية من قبل الحكومة. بيد أن هناك زيادة كبيرة في ترسية عقود المشاريع الأصغر التي ترتكز على تعزيز البنى التحتية للمملكة". وكانت أكثر القطاعات مساهمة في قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال الربع الثاني من عام 2016 قطاع النفط والغاز الذي حاز على حوالي 32 % من القيمة الإجمالية للعقود التي تمت ترسيتها بقيمة 6.5 مليارات ريال، يليه قطاع البتروكيماويات بحصة 5.6 مليارات ريال (حوالي 28 % من القيمة الإجمالية للعقود)، ثم قطاع العقار السكني بحصة 2.9 مليار ريال (حوالي 15 % من القيمة الإجمالية للعقود). وشهد قطاع الكهرباء ارتفاعا في قيمة العقود التي تمت ترسيتها مقارنة بالربع السابق من العام الحالي مسجلة 2.4 مليار ريال (12 %). وشكلت القطاعات الأخرى 13 % من القيمة الإجمالية للعقود التي تمت ترسيتها. هبوط حاد إن قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال الربع الثاني من عام 2016، والتي بلغت 20.3 مليار ريال، تمثل هبوطاً حاداً بمعدل 27 % مقارنة بالربع الأول من عام 2016. وتعلق المنزلاوي "عقب إعلان وزارة المالية عن حسم الإنفاق على البنى التحتية بما يقارب 60 %، لينخفض من 63 مليار ريال في عام 2015 إلى 23.9 مليار ريال في عام 2016، اتسم النمو في سوق المشاريع بالمملكة بالبطء". وفي غضون ذلك، استمرت ترسية العقود في قطاعات النفط والغاز، والبتروكيماويات، والكهرباء، مسهمة بحصةٍ كبيرةٍ في قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال النصف الأول من العام الجاري. وعلى المديين القصير والمتوسط، سيتزايد اعتماد سوق المشاريع بالمملكة على القطاع الخاص. بيد أن المضي قدماً سيقتضي بعض الوقت، حيث يستلزم الأمر اعتماد تشريعات ولوائح جديدة. وفيما يبدو أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي صيغة التمويل الأكثر ترجيحاً لمشاريع البنى التحتية القادمة". المنطقة الشرقية يتضح من التوزيع الجغرافي لعقود الإنشاء التي تمت ترسيتها أن المنطقة الشرقية لا تزال تحرز أكبر حصة من قيمة العقود التي تمت ترسيتها. وحصلت المنطقة الشرقية على حوالي 48 % من قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال الربع الثاني من عام 2016 بفضل استثمارات مكثفة من قبل شركة أرامكو السعودية في قطاع النفط والغاز. وجاءت منطقة مكةالمكرمة في المرتبة الثانية بحصة 21 %، تعود في معظمها إلى مشاريع ضخمة في قطاع البتروكيماويات. وشهدت منطقة الرياض ترسية عدد من العقود لتحصل على حصة 17 % من إجمالي قيمة العقود التي تمت ترسيتها، وذلك بفضل عدد من العقود في قطاعي العقار السكني والتنمية الحضرية. ونالت منطقة القصيم حصة 8 % من القيمة الكلية للعقود التي تمت ترسيتها عقب ترسية عقد ضخم في قطاع العقار السكني من قبل كلية سليمان الراجحي. سوق المشاريع تضيف المنزلاوي "إن أوضاع سوق المشاريع بطبيعة الحال تؤثر على استدامة النمو الاقتصادي، حيث إن هذا التراجع في سوق المشاريع انعكس على الناتج المحلي لقطاع الإنشاء. ولذا فقد تراجع معدل نمو الناتج المحلي بمعدل 1.89 % على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2016. وعلى أية حال، ولولا القيمة الكبيرة للمشاريع التي تمت ترسيتها خلال السنوات القليلة الماضية والتي تجاوزت 1.0 تريليون ريال، ويجري تنفيذ معظمها حالياً، لشهد الناتج المحلي لقطاع الإنشاء هبوطاً أكثر حدة. وبالنظر إلى الوتيرة الراهنة لترسية العقود وفقاً لما شهدناه في النصف الأول من العام، فإن الناتج المحلي لقطاع الإنشاء سيواصل تسجيل معدل نمو سالب، ساحباً قطاعات أخرى معه للأسفل".