افتقدت ساحة المحاورة في السنوات الأخيرة الحماس والإثارة وخفت صوت الشعر في مواجهات شعرائها، وأصبح ذلك اللون الشعري الأكثر جماهيرية في الخليج بلا طعم ولا رائحة. يرى بعض المتابعين للمحاورة أنها تواجه عددا من المهددات أبرزها القنوات الشعبية التي جلبت الملل للمشاهد من خلال تكرار مواجهات الشعراء في الاحتفالات، كما أن المحاورة تواجه خطرا أشد ضرواة، يتمثل في التكتلات التي يقودها عدد من الشعراء البارزين ومكاتب تنظيم الحفلات. وكشفت مصادر مقربة من الشعراء أن المحاورة تقع تحت سيطرة ثلاثة تكتلات كبرى، يقود التكتل الأول أحد مكاتب تنظيم الحفلات ومقره الرئيسي في الطائف، فيما يقود التكتل الثاني شاعر شهير برز في هذا اللون منذ سنوات عديدة، أما التكتل الثالث فيقوده شاعر شاب نجح في المحاورة والنظم من خلال صوته العذب، وأشار عدد من المهتمين بهذا اللون إلى أن تلك التكتلات أسهمت في ضعف المحاورة، كما أنها خلقت أجواء غير صحية بين الشعراء، فضلا عن الاتفاق المسبق على المعاني التي تدور حولها المحاورة، وهو ما أفقدها التلقائية والمباغتة وحولها إلى منتج معلب لا نكهة له. وأشارت ذات المصادر إلى أن المكتب الطائفي بدأ خلال العامين الماضيين بتكوين تكتل كبير يحتوي على مجموعات مختلفة من الشعراء أغلبهم من شعراء برنامج (شاعر المعنى)، فيما يضم التكتل الثاني مجموعة من الأسماء القوية أبرزها: حبيب العازمي ومستور العصيمي وصقر سليم وسلطان الجلاوي وعبدالعزيز العازمي وحمود السمي، أما التكتل الثالث فيضم عددا من الشعراء الشباب من أبرزهم تركي الفين وفهد العازمي وغيرهما من الأسماء التي أوجدت لها مكانة مرموقة في عالم المحاورة. أحد الشعراء اعترف أن شعراء المحاورة يبحثون عن المال دون الالتفات لقيمة محاوراتهم الشعرية والأدبية، وأضاف الشاعر الذي رفض الافصاح عن اسمه «أن الشعراء يلتقون على شكل مجموعات محددة في الصيف كل ليلة تقريبا في مناطق مختلفة من المملكة وهذا بدوره يؤدي إلى إضعاف المعنى، مما يدفع بعضهم إلى استهداف صاحب المناسبة بالمعنى أو استهداف أحد الجمهور. الدكتور ناصر السعيدي أستاذ اللغة العربية في جامعة أم القرى، أوضح أن تعامل الشعراء مع المحاورة بهذا الشكل أمر خطير، مبينا أن الشعراء بتلك الطريقة يأكلون أموال الناس بالباطل. وأضاف «يجب على الشعراء مواجهة بعضهم واللعب بأصول المحاورة»، مؤكدا أن هناك العديد من الشعراء الذين تفخر بهم الساحة الشعرية، وأفاد السعيدي أنه لا يرى مانعا في التقاء الشعراء بشكل مستمر ومتكرر شريطة أن تكون اللقاءات مباشرة والمعاني سامية لا مرتبة مسبقا بينهم. «عكاظ» بدورها رصدت منذ مطلع إجازة الصيف الحالي أجواء تلك التكتلات وتبين لها من خلال الرسائل النصية التي تبثها إحدى المؤسسات المهتمة بحفلات المحاورة أن تركي الميزاني ومستور العصيمي وفهد العازمي التقوا سويا أكثر من 20 حفلة في مدن عدة وحبيب العازمي وصقر سليم وعبدالله الميزاني (سوار الذهب) التقوا في أكثر من 20 حفلة هذا الصيف ومحمد السناني وسلطان الهاجري وسفر الدغيلبي تقابلوا في أكثر من 16 حفلة أغلبها متتالية ومصلح بن عياد وإبراهيم الشيخي وراشد السحيمي وعبدالله عتقان وبن رحمة تقابلوا في أكثر من 20 مناسبة مختلفة وفواز العزيزي وحمدان العصيمي وسلطان الجلاوي تقابلوا في أكثر من 15 حفلة وحامد القارحي ووصل العطياني وسلطان المنصوري ومحمد العازمي ومرزوق المقاطي تقابلوا سويا في 19 مناسبة، فيما يشكل شعراء النسخة الثانية من برنامج شاعر المعنى عددا من المجموعات ويعتبر الشعراء فالح الغنامي ومحمد شديد ومرهب البقمي الأكثر تواجدا من بين شعراء المسابقة.