كشفت الولاياتالمتحدة الأميركية في وثائق سرية تابعة لوزارة الخزانة عن تورط إيران وعلاقاتها بتنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية في ليبيا وأصبحت بموجبها "نقطة عبور مهمة للتمويل" في المغرب العربي، والتي يعود تاريخها إلى فترة قليلة سبقت اندلاع الثورة الليبية في فبراير 2011. وأوضحت الوثائق أن شخصا يدعى عطية عبدالرحمن الليبي، كان قد تعرّف على "أبومصعب الزرقاوي" في مدينة "هرات" في أواخر التسعينات، واصطحب أسامة بن لادن نفسه في رحلة إلى الحدود الأفغانية الباكستانية في خريف 2001. وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد اعتبرت في تصنيف صدر في شهر أكتوبر الماضي عطية الليبي إرهابيا، فيما سعت الإدارة إلى قتله في هجوم بطائرة دون طيار "الدرون" شمال وزيرستان الخاضعة لهيمنة طالبان ولكنه تمكن من الفرار. أوراق ابن لادن حسب الوثائق فإن ما يؤكد وجود تقارب بين إيران وكبار أعضاء تنظيم القاعدة الليبيين ما ثبت من أوراق ابن لادن نفسه التي تمت مصادرتها من منزله بأبوت آباد، ففي رسالة لابن لادن من أحد عناصره يرجع تاريخها إلى 20 أبريل 2011، وجدت فقرة مكثفة حول مساعي القاعدة في ليبيا تكرر فيها ذكر إيران، كذلك تلميحات عطية الليبي بأن عناصر من الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة الذين "يخرجون من السجون وغيرهم في شرق ليبيا" بنغازي ودرنة والبادية والمناطق المحيطة" يتوقون لتنفيذ أعمال مسلحة. وأفاد بأن أحد العناصر الذي يطلق عليه "أنس" سمح له بالسفر من ليبيا إلى إيران ومن الواضح أن أنس، ليبي الأصل، كان محتجزا لفترة من الزمن في إيران مع "أبومالك" المعروف باسم "عروة الليبي"، باعتباره أحد أهم العناصر والذي سمح له أيضا بالسفر من إيران إلى ليبيا. ولكن بعد أيام عدة من الرسالة التي تلقاها ابن لادن، ظهرت تقارير في ليبيا تفيد بأن قوات القذافي قتلت "أبومالك". عمليات التمويل أشارت الوثائق إلى أن القيادي في القاعدة والمكنى عطية الله الليبي، واسمه الحقيقي جمال إبراهيم أشيتيوى المصراتي، لعب دورا محوريا في عمليات التمويل، فيما قام البحريني عادل محمد عبدالخالق، بمساعدة الجماعة الليبية المقاتلة، عبر سفره لإيران 5 مرات ولقائه كبار الداعمين لتنظيم القاعدة في طهران. وبرز دور عطية الله الليبي المعيّن من قبل أسامة بن لادن كمبعوث إلى القاعدة في إيران، وهو منصب سمح له بالسفر من وإلى إيران بإذن من المسؤولين الإيرانيين، فيما كان القيادي الليبي في القاعدة، ويدعى محمد بن حمادي الممول الرئيس للجماعة الليبية المقاتلة.
رسائل متبادلة وفقا للوثائق فقد تم تعيين نور الدين الدبسكي عضوا في لجنة عسكرية من الجماعة الليبية المقاتلة ومقرها إيران، فيما أشارت عدد من الرسائل المرسلة من وإلى أسامة بن لادن والتي عثر عليها في منزله في آبوت آباد بباكستان حيث قتل، إلى بعض أتباعه الليبيين الذين يعيشون في إيران. وأشارت الوثائق إلى عقد إيران صفقة سرية مع تنظيم القاعدة الليبي، واصفة الأراضي الإيرانية بأنها نقطة عبور مهمة للتمويل، داخل وخارج الدول المجاورة مثل أفغانستان وباكستان، وأن القيادي عطية الله الليبي لعب دورا مركزيا في هذه العمليات.
سرقة أموال القذافي يذكر أن الجماعة الليبية المقاتلة هي تنظيم متطرف، شكلها عدد من الليبيين الذين عادوا إلى ليبيا بعد مشاركتهم في قتال السوفييت إلى جانب الأفغان، وقد برزت هذه الجماعة عقب الإطاحة بنظام معمر القذافي قبل خمسة أعوام، عبر رئيسها عبدالحكيم بلحاج، وهو من أكبر الشخصيات الجدلية في ليبيا، إذ يتهم بأنه قام بالاستيلاء على ملايين الدولارات فور سقوط نظام القذافي.