في وطننا السعودي مواهب أدبية ناشئة تحاول تثبيت أسمائها بين فرسان الكلمة، مواهب كتابية تتلمس طريقها لدلوف عالم الأدب والتأليف وتسعى جاهدة إلى تبوؤ مكانة لامعة في دنيا الصحافة والنشر... ولكنها ربما تجد الطريق أمامها محفوفة بالمصاعب ملأى بالعقبات، ودعوتي فتح المجال أمام الكتّاب الناشئين الذين آلوا على أنفسهم أن ينذروا نبضات قلوبهم لفن الكتابة، وأن تتاح لكل المواهب والإمكانات الكتابية المغمورة فرصة الظهور وإثبات الذات والنمو. ويأتي دور "الهيئة العامة للثقافة" التي نأمل أن يصحبها حراك ثقافي يحقق تطلعات رؤية قادتنا في الاهتمام بالكتاب والمؤلفين. وأدعو طلابنا وشبابنا من يملك الموهبة الأدبية ويرغب أن يكون كاتبا ناجحا إلى أن يقيم صداقة أبدية مع القلم، فلا يفارق أنامله أو جيبه، وبالعزيمة والإرادة والثقة بالنفس والطموح والكتابة المتواصلة والجهد الدؤوب سيحقق النجاح، البعض يستخدم مذكرات يدونون فيها ما يدور بخلدهم من أفكار وما يمر بهم من أحداث يومية ووجهات نظرهم في الحياة، إنهم يقومون بذلك بقياس نموهم في الإبداع وفي بعد النظر، وفي القدرة على الاستبصار. لتحقيق الطموح والدافعية للكتابة يتطلب الأمر القراءة للعظماء من الكتّاب والمؤلفين، وأخذ الفائدة من كتبهم والعبرة من سيرتهم، فالكاتب لا يولد كاتبا. وسأقدم لك عينة من نوابغ لنا دروس كبيرة في سيرتهم، من هؤلاء فارس القلم والكتابة الذي أخذ يجول بقلمه في ميادين الأدب والمعرفة، وكيف أوصله القلم إلى أن أصبح من أبرز المفكرين في هذا العصر حتى لقب ب"أديب الفلاسفة وفيلسوف الأدب" إنه الكاتب الكبير عباس محمود العقاد، فقد ولد في الثامن والعشرين من يونيو عام 1889، جاء إلى القاهرة وهو في الخامسة عشرة لا يحمل من الشهادات غير "الابتدائية "، وبدلا من أن يبحث عن وظيفة أو عمل أو يكمل دراسته تفرغ للقراءة والكتابة بالصحف... وانتهى إلى إصدار (85) كتابا في الأدب والفن والعلم والمعارف الإنسانية والإسلامية. ومن الكتّاب الكبار الذين لمع اسمهم وأصبح على كل لسان (دايلكارنيجي) مؤسس معهد العلاقات الإنسانية في العالم.. والمؤلف الشهير... ولد في بيت متواضع لأبوين قرويين فقيرين لا يجدان غموسا لخبزهما أغلب الأوقات. وقديما في العصر العباسي حيث لم تكن وسائل الكتابة متطورة كما في عصرنا، ولم تكن الكتب متوافرة في كل مكان، ولا القراءة متيسرة لكل من يريد الاطلاع وبلمسة زر، ولم تكن هناك مكتبات عامة كما في وطننا أو مكتبات مدارس أو جامعات، ولم يكن القلم في ذلك العصر في البقالات يباع بنصف ريال...! في ذلك العصر كتب الجاحظ الأديب والمؤرخ العربي المعروف ما يزيد على ثلاثمئة وستين مؤلفا في شتى حقول المعرفة، وستبقى كتبه باقية ما بقي الدهر. في العصور الذهبية تم إنشاء بيت الحكمة، وهو يعد مؤسسة علمية، وحاز لقب "أول جامعة في التاريخ"، وأسهم إسهامات علمية جليلة. في هذا العصر الحديث تم إصدار قرار إنشاء "الهيئة العامة للثقافة" بأمر ملكي كريم، وهو قرار عظيم لأمة عظيمة. من التطلعات والمهام على عاتق تلك الهيئة هو رعاية المبدعين، وكأحد الفنون الإبداعية الكتابة والتأليف، وسيكون الكتَاب السعودي أول المتفوقين، وستسهم الهيئة العامة للثقافة في أن تعيد إلى الأمة العربية أمجادها التليدة في إنجازات العلم والمعرفة الهائلة.