"التطفيل" كتاب للمؤرخ أبي بكر بن أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي المتوفى سنة 463ه، طبع في دمشق عام 1346ه، يرصد حكايات الطفيليين وأخبارهم ونوادر كلامهم وأشعارهم ومحاوراتهم وحيلهم للدخول، وأخبار الطفيلي "بنان" وما حفظ عنه في رسوم التطفيل وحدوده وأحكامه ووصاياه، وقصيدتان في رثاء "بنان"، وبعض الطفيليين، واختلف في اسم "بنان" فهو عبدالله بن عثمان، وقيل علي بن محمد، وكنيته أبو الحسن، أصله مروزيا، وهو بغدادي الدار. معنى التطفيل يوضح الكتاب معنى التطفيل في اللغة وأول من نُسب إليه، والطفيلي الداخل على القوم من غير أن يُدعى، وهو شخص يُدعى إلى الطعام فيذهب الآخر معه لم يدع، ونُسب إلى طفيل رجل من الكوفة من بني غطفان كان يأتي الولائم من غير دعوة، ويقال له طفيل الأعراس، وذكر الأصمعي أن أول من "طفل"، الطفيل بن زلَّال، وأول من "زل" أبوه فسُمي "التطفيل" به و"الزل" بأبيه، و"الزل" حمل الطعام من الولائم. حيلة عن أبي بكر أحمد بن سليمان بن علي المقري، أن محمد بن سعيد قال: قلت: لطفيلي مرّة كيف تأكل حراماً قال: ما أكلت قط إلا حلالاً، قلت: كيف ذاك؟، قال لأني إذا دخلت داراً لقوم، دخلت باب النساء فيقولون ههنا ههنا، فقولهم ههنا ههنا دعوة فما آكل إلا حلالاً. ورطة أمر المأمون أن يُحمل إليه عشرة من الزنادقة من أهل البصرة، فجمعوا وأبصرهم طفيلي فانسل بينهم، ودخلوا زورقا أعد لهم، فدخل معهم فقال الطفيلي هي نزهة، وقيّدوا وقيّد معهم فقال: بلغ تطفيلي إلى القيود، ثم سير بهم إلى بغداد فدخلوا على المأمون فجعل يدعوا بأسمائهم فيأمر بضرب رقابهم، حتى وصل إلى الطفيلي فقال للموكلين بهم ما هذا؟ قالوا والله ما ندري غير أنا وجدناه مع القوم فجئنا به، فقال المأمون ما قصتك؟ فقال يا أمير المؤمنين امرأته طالق إن كان يعرف من أقوالهم شيء "رأيتهم مجتمعين فظننت صنيعا يغدون إليه"، فضحك المأمون وقال: يؤدب. صفعتان كان أحد الطفيليين يأكل مع ابنه في وليمة، فشرب الابن أثناء أكله فلما انتهوا من الأكل صفعه والده، وأخذه على شربه، وقال: لو جعلت مكان كأس الماء لقيمات، فأجابه الابن لأن كأس الماء يوسع محلاً للقم، فصفعه ثانية وقال له: لم تنبهني على ذلك قبل جلوسنا على المائدة. واحة أنشد بنان: أتأذن لي حين لا دعوة وتحجبني حين ذبح الحمل جُعلت فداك فماذا الجفا ألست طفيليكم لم أزل ** دعوت نفسي حين لم تدعني والشكر لي لا لك في الدعوة فإن ذا أحسن من موعد أخلافه يدني إلى الجفوة *** نحن عبيد البطون نأكل ما ندعى إليه ولو إلى عدن نأكل ما جاءنا ولاسيما إذا ظفرنا به بلا ثمن