فيما عدت موسكو أن دخول حاملة الطائرات الأميركية "هاري ترومان" إلى البحر المتوسط، ليس إلا استعراضا للعضلات قبل انعقاد قمة حلف الناتو في وارسو في 8 و9 يوليو المقبل، تجاهلت تماما نشاطات السفن والغواصات الحربية الروسية في البحرين الأبيض والأسود، وبحر قزوين. وعلقت مصادر غربية على نشاطات حاملة الطائرات الأميركية، بأنه أمام الضربات الروسية من البحر، وفي ظل المخاوف من سيطرة القطع البحرية العسكرية الروسية على شرق المتوسط، كان من الضروري أن تنتقل حاملة الطائرات "هاري ترومان" إلى هناك من أجل الحفاظ على توازن القوى في المنطقة، وكذلك إبراز قوتها أمام روسيا. بينما قالت قيادة الأسطول الأميركي إن الولاياتالمتحدة وجهت ضربات جوية من متن حاملة طائرات في البحر الأبيض المتوسط ضد أهداف في الشرق الأوسط، وذلك لأول مرة منذ عام 2003. وكان هدف الضربات تدمير مواقع مسلحي تنظيم داعش. استعراض قوة أميركي حسب خبراء روس فإنه إضافة إلى استعراض الولاياتالمتحدة عضلاتها أمام روسيا عبر حاملة الطائرات "هاري ترومان"، فإن واشنطن لا يمكنها أن تتجاهل أهمية إعطاء انطباع للرأي العام العالمي بأنها قادرة أيضا، مثل موسكو، على قصف داعش من البحر. وقالوا "هذه أمور تتعلق بالمنافسة في التقنيات وتطور الأسلحة، وبإثبات النفوذ والتأثير والسيطرة عشية انعقاد قمة حلف الناتو، والتي من المتوقع أن تتخذ قرارات في غاية الأهمية والخطورة في ضوء تفاقم العلاقات بين روسيا والغرب، والتصعيد الحالي إقليميا ودوليا، وضم جمهورية الجبل الأسود (مونتنيجرو) إلى صفوف الحلف، وإمكانية إصدار إعلانات مهمة بشأن وضع كل من جورجيا وأوكرانيا بالنسبة للناتو". في هذا الصدد تحديدا، اكتفى مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية بالتشديد على أن مناورة حاملة الطائرات "هاري ترومان" في البحر المتوسط بمثابة إشارة ردع لموسكو، وجعلها تفكر مرتين قبل تنفيذ أي خطوات حادة أو غير محسوبة. إثارة المخاوف أشارت تقارير إلى أن الصراع يتفاقم الآن في البحر المتوسط. ولم يقتصر الأمر على الاهتمام بالجانب الشرقي منه، حيث سورية والعراق، بل ينسحب بدرجات مختلفة على ليبيا ومصر وتونس التي تطل على هذا البحر بشواطئ طويلة، لافتة إلى أن الصراع على فرض النفوذ في البحر المتوسط يمتلك أهمية جيواستراتيجية وجيوأمنية، وجيواقتصادية أيضا، كما يمتلك في الوقت نفسه أسبابا متناقضة ومصالح أكثر تناقضا، وهو ما يثير بعض المخاوف من أي انعطافات حادة أو احتكاكات يمكن أن تشعل هذا البحر الذي تعول عليه أوروبا كطريق ترانزيت لنقل الطاقة، في حال إذا ما استقرت الأمور. صواريخ موسكو المعروف أن هناك صراعا من أجل السيطرة على البحر المتوسط لكي تكون كل الأطراف المهتمة موجودة بالقرب من أهدافها، وبالذات فيما يتعلق بالأحداث داخل سورية وحولها، ففي أبريل الماضي انضمت أحدث سفينة صاروخية "سيربوخوف" المجهزة بصواريخ "كاليبر" بعيدة المدى إلى مجموعة القوات البحرية الروسية في البحر المتوسط. وكانت روسيا جربت صواريخها "كاليبر" للمرة الأولى في 7 أكتوبر 2015 عندما أطلقت 4 وحدات بحرية روسية موجودة في بحر قزوين 26 صاروخا من هذا الطراز على منشآت يسيطر عليها تنظيم "داعش" في سورية. وتحتوي هذه المنظومة الصاروخية على صواريخ "3 إم 54"، وهي صواريخ مضادة للسفن يبلغ مداها 375 كيلومترا، وصواريخ "3 إم 14"، وهي صواريخ بعيدة المدى لضرب الأهداف الأرضية، وصواريخ "91 آر تي"، وهي صواريخ مضادة للغواصات.