أكد الأمير الدكتور سيف الإسلام بن سعود بن عبدالعزيز، أن العديد من السير الذاتية التي تأتي في إطار عمل روائي لا تكشف كل الحقائق. وقال في معرض محاضرة له بأدبي الرياض: إن كثيرا من كتاب السير الذاتية التي يدرجها البعض في جنس العمل الروائي، تحاشوا في أعمالهم ذكر كثير مما قد يصطدم بأعراف المجتمع وتقاليده حتى الخاطئ منها، ومالوا إلى الجانب الأقل إشكالا مع المجتمع، فهم يعرفون أن هذا المجتمع هو هدفهم الأول عندما يطرحون أعمالهم الإبداعية. وأضاف: كذلك هم يرغبون في إبقاء كثير من جوانب حياتهم وحتى اتجاهاتهم الفكرية وآرائهم المختلفة في غرفة مظلمة داخل النفس البشرية ذات الخزين المتعدد الأوجه من المشاعر والأحكام والاتجاهات. وكانت المحاضرة التي قدمها سيف الإسلام وأدارها رئيس أدبي الرياض الدكتور عبدالله الحيدري مساء أول من أمس، تحت عنوان (السير الذاتية والعمل الروائي: تقاطع أم تفرد؟)، تطرقت إلى الكتب والكُتاب الأشهر في السير الذاتية، مثل الدكتور طه حسين في كتابه "الأيام"، وعباس محمود العقاد في كتابه (أنا)، وفدوى طوقان في"رحلة جبلية" وغيرهم. مجرد حكايات وتحدث الأمير الدكتور سيف الإسلام عن مضمون ورقته قائلا: أعتقد أن السيرة الذاتية أو الترجمة الذاتية ضرب من ضروب الرواية والعمل الإبداعي الروائي، وذلك إذا نحينا جانبا بعض ما يعلق في الأفهام من تداخل السيرة الذاتية بفنون الكتابة الأخرى، ومن ذلك أنها في بعض الأحيان تصبح تاريخا تدوينيا، مبينا أننا نفهم أن السيرة الذاتية معينها هو التاريخ الماضي، لكن تلبس التاريخ للسيرة الذاتية يجعلها مجرد محكيات للماضي وصورا لسالف الأيام. وتوقف عند السيرة الذاتية في المملكة، وهل ندرجها في جنس الأعمال الأدبية الروائية أم أنها مجرد تراجم للذات أو للغير أو مذكرات تتحدث عما حدث في الماضي أو ربما تتوقع ما سيقع مستقبلا، مبينا أنه يجب أن توضع حدود فاصلة بين السيرة الذاتية والأجناس السردية القريبة منها. اتفاق واختلاف واتفق الأمير الدكتور سيف الإسلام بن سعود مع ما طرحه الدكتور معجب العدواني في علاقة السيرة الذاتية والرواية، وهو أن كتابة السيرة الذاتية تأخذ اتجاهين رئيسيين، أولهما يتمثل في قليل من الكتابات السيرية المعبرة عن رؤية نقدية قوية لمجمل الشروط الاجتماعية والثقافية التي عاشها الكاتب وعاناها، لكنه تمكن في فترة لاحقة من تملك وعي جديد يتيح له فرصة إدراك الخلل ومحاولة إصلاحه، أما الاتجاه الثاني، وهو الأغلب، فتعبر عنه الكتابة التي تتجه إلى استعادة الماضي من منظور التوثيق والتسويغ المألوف بالنسبة لذهنية تقليدية محافظة لا تستطيع أو لا تريد الذهاب بعيدا في النقد والتساؤل والبحث، ولكنه احترم وجهة نظر الدكتور سلطان القحطاني ولم يتفق معها، حيث يرى القحطاني أن هناك تماسا بين السيرة الذاتية والرواية، ولكن الروائي يستفيد من السيرة الذاتية، في حين أن كاتب السيرة لا يستفيد من الروائي، فلا توجد عقدة في السيرة على عكس الرواية، حيث يرى سيف الإسلام أن السيرة تدخل ضمن الإبداع الروائي ولها مواصفات الرواية بوجود العقدة في العمل كرواية "زوربا"، فهي رواية عبارة عن سيرة ذاتية تحولت من خلال العقدة الموجودة إلى عمل روائي في شكل سيرة ذاتية.