ليس من أهداف شعيرة الأمر بالمعروف التي وردتْ في كتاب الله وسنة نبيه القبض على الناس وإلصاق التُهم والشماتة والتشهير بهم، وليس من أجندة شعيرة الأمر بالمعروف مطاردة الناس - نساء أو رجالا - وإلحاق الأذى بهم، والتسبب لهم في حوادث دامية، وكشف عوراتهم أمام المارة، ولا من الأخلاق استيقاف الأبرياء وتفتيش جوّالاتهم والتجسس على الشباب في وسائل الاتصال الاجتماعي والتغرير بهم، ثم القبض عليهم بتهمة ترويج المجون والخلاعة. حتى الأسس التي قامت عليها هيئة الأمر بالمعروف من قِبل ولاة أمرنا لم يكن فيها ذلك بتاتاً. ولا شك في أنّ شعيرة الأمر بالمعروف من أعظم شعائر الإسلام. وقد امتدح عزّ وجلّ هذه الأمة بالخيرية لأنّها أقامت شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي وقتنا المعاصر وفي ظل الحوادث الأخيرة وقعت الهيئة بين المحبين إلى درجة التقديس وكأن أعضاءها ملائكة ذوو أجنحة مثنى وثلاث ورباع. وبين من يُريدون هدم الهيئة وإلغاءها وكأن أعضاءها شياطين. وفي الواقع أنني ضد هاتين النظرتين المتطرفتين. وحقيقة لا يمكن لأي مُنصِف إلاّ أنْ يعترفَ بجهود الهيئة في بلادنا في محاربة الفساد والرذيلة والكشف عن الجرائم وأوكار الفساد وتطهير المجتمع منها وحماية الأعراض مِن أنْ تُدنسَ من قِبل الأراذل، إلاّ أنّ بعض الأعضاء في الهيئة الميدانيين يُسيء إلى صورة الإسلام الناصعة القائمة على الرحمة، والتسامح، والدعوة بالحكمة، والموعظة الحسنة ، وستر المسلمين وعدم تتبع عوراتهم، ومطاردتهم وتصيد أخطائهم ويسيء إلى صورة مجتمعنا السعودي، فلابد من الأخذ على يد مَنْ يُسيء استخدام السلطة التي وهبها له ولي الأمر وإعلان ذلك في الأجهزة الإعلامية، ولو طبّق أعضاء الهيئة المبادئ والقيم والضوابط الموجودة في شريعتنا الإسلامية الغرّاء السمحة في ممارساتهم وتعاطيهم مع المجتمع لما اشتكى منهم أي شخص في مجتمعنا، ولكنها ازدواجية المعايير عند البعض بين ما يعرفونه في الشريعة وبين ما يُطبق في الواقع.