امتدت أيدي الغدر الداعشية لتوزع إرهابها في أنحاء العالم، متخذة من تدمير الأرض علامة بارزة ومخالفة واضحة للأمر الإلهي بعمارة الأرض ووسطية الأمة الإسلامية. وتواصل تأثير الهجمات الداعشية الغادرة على المسلمين في شتى بقاع الأرض، وتضرر منها جميع المسلمين الذين باتوا يقابلون بعنصرية وتخوف شديدين، حتى تم التضييق عليهم حتى في أداء عباداتهم، الأمر الذي حول مهمة المراكز الإسلامية والدعاة، خاصة في الدول الغربية، من مراكز للدعوة لهذا الدين العظيم إلى مراكز تحاول الدفاع عن الإسلام ودحض التهم التي تلصق به. وحرص كثير من المرجعيات الإسلامية على توضيح الصورة الحقيقية للإسلام بعدما شوهها عنف داعش ودمويته، وخروجه عن سماحة الدين كدين يدعو إلى السلام. وجاءت أبرز مظاهر الاستنكار وتبرئة الإسلام من فكر داعش من الأزهر، حيث استنكر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في بيان صدر في فبراير 2015، أعمال داعش وجرائمه، وذلك في تعليقه على جريمة حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، مؤكدا أن الإسلام حرّم قتل النفس البشرية البريئة، وقال البيان "قال تعالى (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) والنبيّ -صلى الله عليه وسلم- لعن هؤلاء حيث قال: (الإنسان بنيان الربِّ ملعون من هدمه)، وحرَّم كذلك التمثيل بالنفس البشرية بالحرق، أو بأي شكل من أشكال التعدي عليها حتى في الحرب مع العدو المعتدي، وليس أدل على ذلك من وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمير الجيش "اغْزُوا وَلا تَغْدُرُوا وَلا تَغْلُوا وَلا تُمَثِّلُوا"، وما فعلته داعش عمل خبيث تبرأ منه كل الأديان". وأعرب شيخ الأزهر في بيانه عن استيائه الشديد من الإقدام على هذا العمل الإرهابي الخسيس الذي يستوجب العقوبة التي أوردها القرآن الكريم لهؤلاء البغاة المفسدين في الأرض الذين يحاربون الله ورسوله أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، كما يهيب بالمجتمع الدولي التصدي لهذا التنظيم الإرهابي الذي يرتكب هذه الأعمال الوحشية البربرية التي لا ترضي الله ولا رسوله. شيخ الأزهر: الجهاد في الإسلام مشروع للدفاع عن النفس والدين والوطن رد شيخ الأزهر على دعاوى الجهاد والنفير التي تتدثر بها داعش، وبين حكمها الشرعي، مشددا على مخالفة هذا التنظيم منهج الإسلام، حيث قال خلال افتتاح مؤتمر دولي نظمه الأزهر في ديسمبر 2014 تحت عنوان "الأزهر في مواجهة الإرهاب والتطرف"، مؤكدا أن "الجهاد في الإسلام لم يتم تشريعه، إلا للدفاع عن النفس والدين والوطن، وإعلان الجهاد ومباشرته لا يجوز أن يتولاه أحد إلا ولي الأمر، ولا يجوز لأفراد أو جماعات أن تتولى هذا الأمر بمفردها مهما كانت الأحوال والظروف، وإلا كانت النتيجة دخول المجتمع في مضطرب الفوضى وهدر الدماء وهتك الأعراض واستحلال الأموال، وهو ما نعانيه اليوم من جراء هذا الفهم الخاطئ المغلوط لهذه الأحكام الشرعية". وشدد على أن "الاعتداء على النفس الإنسانية أيا كانت ديانتها أو اعتقادها أمر يحرمه الإسلام ويرفضه، وكيف وقد انفتح الإسلام على أبناء الأديان الأخرى، لدرجة الاختلاط بالزواج والعيش المشترك في بيت واحد، وتحت سقف واحد، وفي هذا إقرار من الإسلام بالعيش الواحد والتداخل الأسري، نحن نقول بالمواطنة الكاملة، والعيش الواحد في الأوطان". وحول جرائم داعش، قال الطيب إن "تنظيمات وفصائل مسلحة ترتكب هذه الجرائم البربرية النكراء تدثرت بدثار هذا الدين الحنيف، وأطلقت على نفسها اسم (الدولة الإسلامية)، في محاولة لتصدير صورة إسلامهم الجديد المغشوش، وبين أن هناك أطرافا ترغب في إبقاء العرب في حال هزال وضعف وانتشار الحروب في منطقتهم، وهناك دول غربية تسعى إلى تصدير أسلحتها والاستفادة من أموال العرب، بل ونشر الفوضى والتفرقة بينهم". مؤتمر إسلامي: كل التنظيمات التي تمارس القتل معادية للإسلام
خلال الشهر الحالي عقد مجلس علماء باكستان برئاسة الشيخ حافظ محمد طاهر الأشرفي مؤتمرا تحت عنوان "رسالة الإسلام"، وذلك في العاصمة الباكستانيةإسلام أباد، بحضور نحو 5 آلاف من علماء الدين والشخصيات المؤثرة، وعدد من سفراء الدول العربية والإسلامية، إلى جانب عدد من الشخصيات الدينية من خارج باكستان. وصدر عن المؤتمر عدة توصيات وقرارات كان أبرزها: - إن جميع التنظيمات والجماعات التي تمارس القتل والمجازر بحق الإنسانية باسم الجهاد، وتعمل على إضعاف الدول الإسلامية هي أطراف معادية للإسلام والأمة الإسلامية. - تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية مسؤول أول عن المشاكل التي تواجهها الأمة الإسلامية حاليا، وكل التنظيمات الإرهابية امتداد لطائفة الخوارج. وسبق لمجلس علماء باكستان أن حذر من فتنة تنظيم داعش، مؤكدا أن ما يقوم به التنظيم هي ممارسات تتعارض مع الإسلام. وأصدر المجلس بيانا نشرته وسائل الإعلام الباكستانية في أكتوبر 2014 حث الشباب على عدم الالتحاق بهذا التنظيم المتطرف. وأوضح البيان أن رئيس مجلس علماء باكستان حافظ طاهر أشرفي تبنى هذا الموقف ضد التنظيم بعد دراسة الجوانب الشرعية والسياسية حول نشاط هذا التنظيم الذي يروج الإرهاب والتطرف باسم الإسلام ويقتل الأبرياء دون وجه حق، وهو أمر يتعارض كليا مع مبادئ الإسلام الذي يأمر بالعدل والتسامح ويرفض الإرهاب.
500 عالم يدينون ممارسات التنظيم واختطافه اسم الدولة
في حوار أذاعه راديو SBS الأسترالي في نوفمبر 2015، أكد مفتي جمهورية أستراليا الدكتور إبراهيم أبومحمد أن داعش اختطف اسم الدولة الإسلامية، وأن كبار علماء الأمة أدانوا ممارساته. وجاءت كلمات المفتي ردا على انتقاد وسائل الإعلام الأسترالية لبيان المفتي الذي صدر عقب اعتداءات باريس، والتي ذكرت أن لغة البيان لم تكن واضحة وحملت تبريرا للهجمات وفقا للمنتقدين. إبراهيم أجاب عن سؤال الإذاعة بقوله "لماذا نحاول أن نلقي اللوم على الإسلام كدين بسبب فئة ضالة، والإسلام قال عنهم فئة ضالة؟". وعند سؤاله هل أدانت هيئات علماء المسلمين والقيادات الإسلامية ممارسات تنظيم داعش بشكل واضح وعلني، قال "هناك أكثر من 500 عالم من كبار علماء الأمة، منهم الأزهر الشريف وهيئة علماء السعودية وغيرهم وقعوا على إدانة ممارسات داعش منذ ظهورها ومنذ اختطافها اسم "الدولة الإسلامية"، فما المطلوب بالتحديد من المسلمين؟!، لماذا يتجاهل الإعلام هذا ويطلب منا بعد كل حدث أن نستنكر ونبرر ونعتذر وكأننا الفاعل الأصلي لها؟!".
مسلمو أوروبا يستهجنون الخلافة المزعومة
مع بدايات إعلان داعش خلافته المزعومة أصدر اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا ومقره بلجيكا بيانا في سبتمبر 2014 أعلن فيه متابعته للتطورات المتلاحقة بخصوص الفظائع والانتهاكات التي تقوم بها مجموعات مسلحة متطرفة في العراق وسورية وغيرهما بحق المجتمعات المحلية ومخالفيها في الموقف السياسي أو الديني، وكذلك بحق الصحفيين الذين جرى ترويعهم وقتلهم بأساليب همجية. وأدان البيان الممارسات الشنيعة التي تحفل بصنوف القتل البشع والانتهاكات الجسيمة، فهي تمثل مروقا عن تعاليم الدين والقيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية، ولا يمكن تبريرها أو التهاون معها. واستهجن البيان محاولات الافتراء على الإسلام وإلصاق الصور البشعة به من خلال ممارسات همجية تقوم بها مجموعات متطرفة تنتهك تعاليم الدين الإسلامي وتمارس الفظائع ضد كل المسلمين وغير المسلمين. وأعرب البيان عن شعور المسلمين في أوروبا وفي كل مكان بالاستياء الشديد من اقتراف الفظائع والانتهاكات الجسيمة مع ربطها بشعارات ولافتات تنتسب زورا إلى الإسلام أو إلى النموذج الإسلامي في الحكم والدولة، ويرون في ذلك إساءة بالغة للدين الإسلامي الذي يرفض الاعتداء والترويع والمساس بالأبرياء.
ابن بيه: يعملون لخراب الدنيا والآخرة
أكد رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في أبوظبي الشيخ عبدالله بن بيه، أن الشباب المنضمين إلى تنظيم الدولة الإسلامية داعش "إنما يعملون على خراب الدنيا والآخرة". وطالب ابن بيه في مقابلة خاصة مع قناة "الحرة" بثتها في أكتوبر 2014 هؤلاء الشباب بمراجعة الحقائق والنصوص الدينية الصحيحة، معلنا تأييده التحالف الذي يواجه المتشددين. وكان ابن بيه قد أصدر بيانا في سبتمبر 2014 بعنوان "ما هذه بطريق الجنة" بصفته رئيسا لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، قال فيه، موجها النصيحة والتحذير لشباب الأمة: "إننا نحذر شباب الأمة على وجه الخصوص من أن يكونوا وقودا لنيران الفتنة والفساد في الأرض في الدنيا ووقودا لنار جهنم يوم الحساب، وندعوهم أن يتثبتوا مما يلقى إليهم من دعاوى ووعود، وأن يتشبثوا بالمحكمات من دين الله وشرعه حتى لا يفتتنوا بالمتشابهات ويلتبس عليهم الحق بالباطل، خاصة منهم من لا يحسن العربية ولا يفهم لغة القرآن، فلا يكفَّر مسلم إلا بقول أو فعل لا يحتمل أي تأويل، وقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مجرد سباب المسلم فسوقا وقتاله كفرا، وعصم الله تعالى النفس البشرية مطلقا".
نهضة العلماء الإندونيسية تحذر من الانزلاق
نظمت جمعية نهضة العلماء الإندونيسية الإسلامية أواخر العام المنصرم حملة لتوعية الشباب وتنبيههم لخطورة الانزلاق في فخ التطرف والتعصب الديني، خاصة بعد قيام السلطات الإندونيسية باعتقال عدد من الشباب المشتبه في تورطه في تسلم أموال من تنظيم داعش. وأعلنت الجمعية، وهي أكبر منظمة إسلامية في إندونيسيا، أن الحملة تهدف إلى فضح أيديولوجية تنظيم داعش وغيره من الجماعات المتطرفة، مطلقة على الحملة اسم "رحمة الإسلام في أرخبيل الملايو"، حيث يوجد مفهوم للإسلام يقوم على التراحم ونبذ العنف والتعايش مع الأديان والمعتقدات الأخرى. وتسعى الحملة وفقا للمنظمين إلى إلقاء الضوء على هذا المفهوم من الإسلام الذي يتسم بالتسامح ويمارس في إندونيسيا منذ قرون، ويطلق عليه باللغة المحلية مصطلح "إسلام نوسانتارا". ووفقا لصحيفة "العرب" اللندنية، قال رئيس المجلس الاستشاري للجمعية يحيى ستاقوف: "إننا لا نسعى فقط إلى تفنيد المزاعم الدينية للمتطرفين، ولكن أن نوضح أيضا أن المسلمين في إندونيسيا عاشوا لمئات من الأعوام في تناغم مع أصحاب الأديان والمعتقدات الأخرى".