ورد في تقرير التنمية الثقافية عام 2011 الصادر عن مؤسسة الفكر العربي، أن المواطن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنوياً، بينما يقرأ الأوروبي بمعدل 200 دقيقة يومياً. بالإضافة إلى أن الطفل الأميركي يقرأ 6 دقائق في اليوم (خارج المنهج)، بينما يقرأ الطفل العربي 7 دقائق سنوياً. هذا التقرير يطرح السؤال التالي: هل ما زال خير جليس في الزمان كتابا؟ يعلق عدنان داغر على هذا السؤال قائلا: (هذه الشعوب التي لا تقرأ. وحتى لا تعرف القراءة، هل تستحق فعلا أن تحلم أن يكون لها دور في المستقبل بينما لم تبلغ سن الطفولة الحضارية بعد؟ هل تحتاج هذه الشعوب حقا إلى مؤامرة لتكون متخلفة؟!). ذات مرة سئل فولتير عمن سيقود الجنس البشري فقال: الذين يعرفون كيف يقرؤون ويكتبون. ويرجع الباحثون إلى أن الوضع المزرِي للقراءة في الوطن العربي يعود لجملة من الأسباب، وعلى سبيل المثال لا الحصر يذكر الدكتور ناصر جاسم الآغا منها: (قصور مناهج التعليم والتربية في الوطن العربي واعتمادها على الحفظ والتلقين. ثانيا: عدم تشجيع أفراد الأسرة الطفل على القراءة والتفكير منذ الصغر. ثالثا: منافسة وسائل الإعلام المختلفة للكتاب وخاصة الفضائيات والإذاعات. رابعا: قلة الدعم المالي لإنشاء المكتبات، ودعم الكتاب ليصبح رخيص الثمن وفي متناول الجميع ). وحتى نكون منصفين فإن القارئ العربي المعاصر تغلب على جملة من المعوقات، وعلى سبيل الإجمال: غلاء سعر الكتب. لقد حلت هذه المشكلة عن طريق الكتاب الإلكتروني فإذا كان الكتاب الورقي يكلف عشرات الريالات، فإن الكتاب الإلكتروني لا يكلف سوى بضع هللات. أما بالنسبة لمن لا يجدون الوقت لممارسة القراءة ويتذرعون بالسفر أو بحجة أنهم يقضون الساعات تلو الساعات ذهابا وإيابا من وإلى العمل؛ فإن بإمكانهم الاستماع لما يحبون من الكتب، فقد حدثت طفرة نوعية وتحولت الكتب الورقية – بين ليلة وضحاها - إلى كتب مسموعة لا تتطلب سوى الإصغاء لها. أما عن مشكلة الأمية في الوطن العربي فقد تقهقرت حسب إحصاءات منظمة اليونيسكو وذلك يعود لجملة من الأسباب، منها نمو الوعي الجمعي وتوفر التعليم المجاني. ويبدو أن الفرد العربي بحاجة ماسة إلى ترتيب الأولويات؛ فإن حاجته إلى القراءة وتغذية العقل بشتى المعارف تساوي حاجته في المأكل والمشرب الذي يبقيه على قيد الحياة. القراءة قضية مصير وليست ترفا.