لماذا لا تكون تلك الروح البشرية كالطيور في حبها للحياة؟! فما أجمل أن تكون أرواحنا كسرب من الطيور المهاجرة السابحة في فضاء الكون، تبحث في كل حين عن جمال الطبيعة. ففي الربيع تردد غنوة لحن الحياة برفقة محبيها، وتطالع جمال المشرق الذي أحياها، حيث تحيا في قلب قوة النور لا في غياهب القلوب المظلمة.. تتراقص مع وجد الحياة، وتتناغم تغاريدها مع نغم الحياة، تمتلك عقلا مجنحا كجوانحها، وأعينا لا ترى سوى الجمال، فحياتها فن وجمال.. وفلسفتها مرهفة وعميقة أكثر من القيثار، حيث تسمع من يُحسن الإنصات أجمل الألحان والأنغام. وحينما يحل فصل الصيف تراها تجوب في الأركان دون كلل أو ملل، تبحث عن سُبل العيش تحت ضوء الشمس وحرارة حبها للطبيعة.. فالحلم التي سمعت به أرواحها في المنام يعاود على مسمعها في اليقظة.. فتهم مع صاحبها العزيز ليؤانس وحشتها، وتحلق على بساط الكون ليهتدي طريقها بسراج الشمس المنير وليستوي حلمها على نار الهوى الموقود.. وفي الخريف حيث تشتاق لأنسه الرياض مع الياسمين والسيسان، حينما تشح وتصفر الأوراق المتساقطة؛ تجدها تناظر دقائق نورها.. تتمعن الساحل البعيد لتهاجر جموعها إليه، بينما تهاجر وحشة الأوطان عند برد الروح وشتاء الزمان، لتلاقي دفء أرواحها باحتضان نار الأفق وليس نار الأرض! لترى جمال السماء يضاهي جمالها، فتلك الشمس آمالها، وذاك القمر ظلالها.