رأيت في حلمي تلك المدينة التي تشع منها روح المحبة والإخاء، والصدق والإباء، مدينة لا تريد سوى بشر أنقياء وطيور حب وسلام تعانق السماء، مدينة حينما تطفل شمسها للمغيب تبدأ قيثارة الحرف لصوت الوفاء، وكأن عازفها في تلك اللحظة يملأ الدنيا بأجمل الألحان وأعذب الأصوات وخلفه تلك الحشود العازفة؛ ولسان حاله يقول لقد تاهت حروفي في زحمة الكلام؛ ماذا عساني أن أقول تستهويني مدينتي التي تفوح منها رائحة المبادئ والقيم، ويتكدس زوارها بالمنطق والحكمة؛ مدينة تتراقص أعمدة إضاءتها عندما ترى غيمة تغسل تلك الأرصفة والزوايا المتسخة بترهات بعض البشر.. وفي ناحية من نواحي المدينة لفت انتباهي شيخ كبير ارهقه ارتجاف الايام والسنون، ورسمت على ملامحه الهيبة والوقار يجلس على قارعة الطريق، وفي تلك اللحظة كنت اترقب صمت ذلك الشيخ وعند اقترابي منه كسرت حاجز الصمت بإلقاء التحية فرفع رأسه ورد رداً جميلاً جعلني اشعر بالود والاحترام له، فقال لي هلا رفعتِ يديك معي لجبار السموات والارض ان يديم الحب والرخاء في هذه المدينة التي تنعم بسكان اوفياء، فرفعت اكف الضراعة أنا وشيخي الجليل إلى الحي القيوم ان يديم هذا النعيم.. منذ متى وانت تعيش في هذه المدينة؟ فقال: أعيش فيها منذ زمن طويل فقد لبست ثوب القوة فيها وها أنا البس ثوب الوهن وسأدفن فيها غدا!! هلا حدثتني عن سبب تعلقك بها فقال: الحياة جميلة يابنيتي عندما تنصفنا لتمنحنا الحق وتجعل منا بشراً قادرين على تخطي خطوات أجمل وأكثر جرأة وخطوات تستحق العناء، جميلة عندما نصنع ذواتنا ونرضى بقناعاتنا والاجمل منها أن نعمرها بذكر الله، هنا تطبق القوانيين التي جاءت بها شريعة الله عز وجل ويضرب على يد الظالم لاسترداد حق المظلومين؛ هنا العدل والمساواة لامكان للحسد والحقد بيننا؛ هنا رؤية واضحة لمن يقدر ويخلص في عمله؛ هنا الضمير الأنساني وماوضعه الله فينا إلا لنميز بين الخير والشر؛ الكل هنا يحمل عقولاً مشعة بالفكر والمنطق ووجوهاً تحمل قناديل النور والتفاؤل.. وطال الحديث عن هذه المدينة الوفية وفي تلك اللحظة لم اشعر بمرور الوقت إلا وخيوط الفجر تشق عتمة الليل لتعلن عن يوم جديد في المدينة"، وصحوت من نومي فوجدت نفسي انني احلم لكن لا مانع ان تصبح واقعاً ملموساً إذا احسنا النوايا ..ودمت بخير.. ومضة: (إن غدا لناظره قريب)