من صفات المؤمنين عدم الإيذاء، والإيذاء هو إلحاق الضرر بالغير، وهو كل قول أو فعل يؤذي، سواء كان حسيا أو معنويا، وفي إماطة الأذى الحسي صدقة يثاب فاعلها، روى مسلم في صحيحه بسنده عن أبي ذر –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق". وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل سلامي من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس، يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها، أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة". فإزالة الأذى الحسي والمعنوي عمل صالح يثاب عليه فاعله، وقد يكون جزاؤه الجنة، روى مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة، في شجرة قطعها من ظهر الطريق، كانت تؤذي الناس"، بين الحديث الأجر العظيم لعمل صالح يسير، وهو أنه قطع شجرة على طريق الناس كانت تؤذيهم، فكان جزاؤه التقلب في الجنة، فإذا كان هذا جزاء من يزيل الأذى عن الناس فهل يفكر أحد بعد ذلك في إيذائهم؟ إن إيذاء الناس فيه إثم، فالبعض يؤذي غيره حقدا وحسدا وانتقاما وغيظا ومخاصمة! وقد يصل ذلك الانتقام إلى أن يلجأ إلى الكهنة والسحرة؛ ليوقعوا الضرر بخصمه، فيقع في كبيرة من الكبائر، قد تصل به إلى حد الكفر بالله العلي العظيم، أرأيتم كيف يصل حال إيذاء البعض؟! وإن لم يقتص من المؤذي في الدنيا، فسيقتص منه يوم القيامة، عند أحكم الحاكمين، الذي لا يغادر مثقال ذرة من خير أو من شر، فيندم ذلك المؤذي في يومٍ أهواله عظيمة، فلا ينفعه ندمه، بل يزيده حسرة وعذابا ووبالا. قال إيليا أبو ماضي: وأحب كل مهذب ولو أنه خصمي وأرحم كل غير مهذب يأبى فؤادي أن يميل إلى الأذى حب الأذية من طباع العقرب حسب المسيء شعوره ومقاله في سره يا ليتني لم أذنب فأفق يا من تؤذي الناس، سواء علموا أم لم يعلموا، فإنك أنت الخاسر المتحسر المتندم، وتب إلى الله، وأزل أي إيذاء أوقعته بهم، وأحسن إليهم، وأكثر من الدعاء لهم، لعل الله أن يغفر لك عظيم جرمك بحقهم، قال قتادة رحمه الله: "إياكم وأذى المؤمن، فإن الله يحوطه، ويغضب له". واحذر أن تؤذي أحدا مهما بدر منه تجاهك، فإن عفوك عن المسيء وإحسانك له، أعظم فضلا، وأحسن عاقبة من أن تنتقم منه بإيذائه. قال الشاعر: ويشتمني النذل اللئيم فلا أرى كفؤا لعرضي عرضه فأجامله أجر له ذيلي كأني غافل أضاحكه طورا وطورا أخاتله وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه: أعرض عن العوراء إن أسمعتها وأسكت كأنك غافل لم تسمع أما الربيع بن خثيم -رحمه الله- فيقول: "الناس رجلان: مؤمن فلا تؤذه، وجاهل فلا تجاهله". وهذه رسالة إلى المؤذي: لا تؤذ أحدا، ولو دعتك نفسك إلى ذلك، فانهها عن غيها، وعودها على إسداء المعروف، والعفو عن المسيء، والإحسان إلى الناس، تنال الأجر والسعادة في الدنيا والآخرة.