أعطى الإسلام كل شيء حقه، وأمر المسلمين أن يؤدوا تلك الحقوق ومن بينها حق الطريق، ولكن ثمة أناس غير ملتزمين بهذه الحقوق جهلاً وغفلة أو استهتاراً بحقوق الآخرين وبخاصة ذوو الاحتياجات الخاصة، فنلحظ في المواقف العامة في الأسواق أو بعض الدوائر الحكومية مواقف مخصصة ل»ذوي الاحتياجات الخاصة « ويوضع عليها من الإشارات واللوحات ولكن يأتي بعض الناس ويقف في هذا الموقف وهو بكامل صحته وعافيته البدنية ولكنه في الحقيقة معاق ذهنياً وفكرياً لأن في هذا التصرف خطأً مزدوج فهو تعد على حقوق غير وإلحاق الأذى والضرر بهم، وهو قبل أن يخالف النظام والذوق العام ارتكب محظوراً شرعيّاً في إيذاء أخيه المسلم وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (58) سورة الأحزاب، والإيذاء للناس لايقف عند حد معين فلا يجوز للمسلم إيذاء أخيه المسلم بأي نوع من أنواع الإيذاء ورسولنا صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى الآداب العامة في التعاملات اليومية ومما أرشدنا إليه الآداب العامة في الطريق، ونهى عن الأذى وإلحاق الضرر بالناس في الطرقات فعن حذيفة بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم) رواه الطبراني، وقال حديث حسن صحيح. وفي المقابل هناك الأجر العظيم لمن يميط الأذى عن الناس في الطرقات. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (نزع رجل لم يعمل خيراً قط غصن شوك عن الطريق، إما كان في شجرة فنزعه وألقاه، وإما كان موضوعاً فأماطه فشكر الله له، فأدخله الله الجنة) رواه أبوداود. وفي العديد من المساجد هناك ظاهرة سيئة وسلبية من بعض المصلين هداهم الله سواء في صلاة الجمعة أو الجماعة تراه يترك سيارته في الطريق غير آبه بالآخرين من أجل أن يلحق بالصلاة وقد أغلق الطريق على سيارات عديدة ثم يبقى في المسجد لا يخرج إلا متأخراً وقد طاله من لعن الناس ودعائهم ما الله به عليم، وآخرون ينثرون أعزكم الله أحذيتهم في مقدمة باب المسجد فلا يستطيع كبير السن أو المعاق الدخول والخروج إلا بصعوبة أو الانتظار إلى حين خروج جميع المصلين، وربما تعذر دخول بعض ذوي الاحتياجات الخاصة ممن يستخدمون العربات للمسجد لأن الطريق امتلأ « أعزكم الله « بالأحذية المنثورة في مدخل المسجد. ومما يزيد الأسى والحزن أن الأرفف المخصصة لحفظ الأحذية كثيرة ووفيرة، ولكن النقص وللأسف في إدراك هؤلاء السلبيين وهي بكل تأكيد لا تنبئ عن خلق حميد، ولا تصدر إلا من أناس سلبيين مستهترين كسولين غير محترمين. والحفظ لحقوق الناس في الطرقات والممرات واجب على الجميع، فهو ملك عام لا يجوز لأحد أن يلحق الأذى بسالكيه وهو بذلك مسؤولية الجميع وليست مسؤولية جهة معينة، وقد أحسنت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بتطبيق حملة جديدة للتوعية بآداب وأسلوب وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة بوجه عام، وفي المساجد بوجه خاص وسيتم وضع لوحات إرشادية توعوية وتذكيرية لهذا الغرض وسيتولى الخطباء والأئمة التأكيد على ذلك من خلال الخطب والمواعظ والكلمات التوجيهية ومع اضطلاع الوزارة بهذا الدور فإن من واجب الجميع التعاون في تحقيق المصلحة العامة، ودرء الأضرار بالناس وأذاهم. إن الإسلام هو دين الرحمة ودين التعاون ودين النظام، والرحمة خصلة حميدة ونقيضها خلق سيئ مذموم ومن يؤذون الناس في الطرقات هم أناس نزعت من قلوبهم الرحمة وفقدت من مشاعرهم وأحاسيسهم كيف لا وقد اعتدوا على حقوق الناس وبلا شفقه أو رأفة، إننا نلحظ في بعض الأماكن من يقدم كبير السن وذا الحاجة على نفسه تقديراً لمرضه أو لظروفه، وهؤلاء يعتدون على حقوق الناس الخاصة والعامة. خاتمة: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من شعب الإيمان). متفق عليه.